مشاهد من الحياة الرياضيّة بسيدي مزغيش (بلدية بولاية سكيكدة)

مشاهد من الحياة الرياضيّة بسيدي مزغيش (بلدية بولاية سكيكدة)

مقدمة

يوجد فرق بين رياضة المدن ورياضة الحقول من حيث الامكانيات والوسائل، فالتوسّع الحضري المنطلق من المناطق الريفية والمتواجد على أبواب المدن يجعل من الجزائر بلدا متناقضا خصوصا في مجال الرياضة، بحيث يبدو واقع الريف فيها بعيدا عن واقع المدينة، وهذا يستوجب التفريق بين هذين العالمين من حيث الممارسات. تتقاسم العديد من الجمعيات الرياضية الممثلة للأحياء الكبرى للمدن الجزائرية المشاكل نفسها التي تواجهها الجمعيات الرياضية في القرى المعزولة، وإذا كانت هناك فروقات جوهرية بينهما، فهي قبل كل شيء متعلّقة بطابع التمييز بين الرياضة المؤسساتية والرياضة غير المؤسساتية، أو بين ما نسميه عادة رياضة النخبة وبقية الرياضات.

تبدو الرياضة في الريف، على العكس من ذلك، في بعض خصوصياتها بحالة جيّدة، فعامل الرغبة لدى الشباب في ممارساتها متوفّر على الأقل، وكأنّها تمثّل بالنسبة لهم شكلا من الانتقام لأنّهم لم يولدوا في المكان الصحيح. لا ينبغي نسيان أنّ "ممارسة الرياضة البدنية، بوصفها دليلا ماديا على وجودهم، هي في الوقت نفسه محرّك للفرد وعنوان هشاشته"[1]. إنّ تسليط الضوء على هذا الشكل من الرياضة هو التأكيد على تعدّد الواقع الرياضي في الجزائر وعرض لثراء الظواهر الاجتماعية والرمزيّة التي ترافقه. وعلى هذا الأساس نسعى إلى توضيح ما إذا كان شباب القرية يتقاسم الأحلام نفسها والطموحات ذاتها، التي نجدها عند شباب المدن أم أنّهم سيستحدثون طرقًا خاصة بهم لممارستها تضفي عليها طابعا خاصا بهم.

تمكّننا الحياة الرياضيّة اليوميّة لشباب بلدية سيدي مزغيش[2] من فهم المعيش الاجتماعي في هذه البلدية المصنفة منطقة دائمة العزلة والمنسية تنمويا. يمكن القول أنّ تواجد نادي رياضي مع مرافقه مكلّف من الناحية المادية ولا يمكن لبلدية مثل سيدي مزغيش أن تضمن تمويله، وهذا الوضع يؤدي إلى سيطرة تخصّصات رياضية (كرة القدم في هذا المثال) على أخرى بسبب قلّة الإمكانيات. ففي مثل هذه المناطق النائية لا يمكن رصد الإمكانيات المادية التي تسمح بتمويل نادي رياضي يشرف على تخصّصات رياضيّة متعدّدة (ميدان، قاعة متعدّدة الرياضات لممارسة كرة اليد، جمباز...)، ويبقى، على الرغم من كل هذه الصعوبات، الملعب البلدي مجالا مركزيا للقرية ونقطة ارتكاز في منطقة مهجورة نهاية كل أسبوع.

تترافق أيام إجراء المقابلات الكرويّة في هذه البلدية مع أوقات الاحتفال أو العنف أو التعبير عن استياء الجمهور من النتائج الرياضية المسجّلة من طرف فريق كرة القدم، فالشباب المتابع للمباريات الكرويّة لا يملك إلاّ الرياضة للتعبير عن الهويّة القرويّة للسكان، ولا يجد سبيلا لذلك سوى الرياضة من خلال إنتاج صور طبقا للأصل لمظاهر الولاء والدعم المقدّم للجمعيات الرياضية المتواجدة في الأحياء الهامشية للمدن الكبرى، أو المتواجدة في بعض قرى الشرق الجزائري. وتقوم هذه الممارسات بوظيفة أساسية، بحيث تعيد تفعيل العلاقات الاجتماعية المجزأة، لكن يجب التنويه بأنّ وضعية الروح الرياضية في مثل هذه المناسبات مرتبطة بنوعية النتائج وطبيعة المنافسة وثقافة النجاح، بغض النظر عن المستوى الفني لممارسة كرة القدم.

من ممارسة كرة القدم في الأحياء إلى ممارسة كرة القدم بشكل رسمي

فضلت المنشورات العلمية حول الرياضة في الجزائر، على قلتها، التركيز على رياضة النخبة وأشكال ممارساتها ضمن النوادي الرياضية الكبرى في المدن، في حين تناست أنّ نسبة السكان في المناطق الريفية تقدر بـ 40% من سكان الجزائر (حسب الإحصاء العام للسكن والسكان لسنة 1998)[3]، وهذا ما يفسّر اهتمام أبحاثنا اليوم بهذا الواقع الرياضي غير المعروف. هذا النصّ المقترح هو نتيجة لبحث بدأ أواخر ماي 2004 في إطار مشروع بحثي موسوم: "الرياضة، فضاء ومجتمع: قسنطينة بين الماضي والحاضر"[4]، وقد أجري العمل الميداني على مستوى قرية صغيرة في الشمال الشرقي للجزائري[5]، وأردنا من خلاله تحليل واقع "رياضة الحقول في الجزائر"[6] - باعتبارها رياضة غير النخبويّة وغير المؤسساتيّة - بناء على معطيات الميدانية.

يستوجب هذا البحث تقديم لمحة أوليّة عن "رياضة الحقول". لقد عرف هذا مصطلح رواجا إعلاميا في فرنسا، خصوصا مع تطوّر نشاطات "الفدرالية الوطنية للرياضة في الوسط الريفي"، وكان الهدف من الاستعمال الأكاديمي لهذا المصطلح - من طرف الباحثين في الجغرافيا البشرية -قياس درجة توغّل ممارسة كرة القدم وانتشارها في المناطق الجهوية وفق منهجيّة مقارنة. أمّا مقاربتنا فمختلفة لكونها تسعى إلى تحليل الممارسات الرياضيّة والاجتماعية والثقافية، بغية تقديم قراءة سوسيو-أنثربولوجية حولها ضمن مجال قروي انطلاقا أسئلة أوليّة مثل : من يمارس الرياضة في القرية؟ كيف يمارسها؟ وأين يمارسها؟

يعود تركيزنا على كرة القدم في هذا البحث إلى شعبيتها في الجزائر، وهنا علينا أن نفرّق بين ثلاثة أشكال لممارستها ضمن الحقل الرياضي وهي: كرة القدم المؤسساتية، كرة القدم في الشارع، كرة القدم الممارسة ضمن الجمعيات.

سيدي مزغيش، عناصر مونوغرافية[7] والسؤال الهام حول المرافق الرياضية

تنتمي بلدية سيدي مزغيش[8] لولاية سكيكدة، وتقدر مساحتها بحوالي 94.5 كم2. تقع هذه البلدية ضمن إقليم ذي الطابع الزراعي والتجاري، وتتميّز المنطقة بكثافة حدائقها وزراعتها للخضروات والحبوب المختلفة. لم يمكن للقرية حظوظا للاستفادة من المشاريع الصناعية الكبرى، فهي لا تضمّ سوى بعض الورشات التي تجمع عددا محدود من العمّال المنتجين للبضاعة المستهلكة محليا.

يقدر تعداد الفئة الناشطة اقتصاديا في بلدية سيدي مزغيش بـ 3664 فردا، ويتواجد من بينهم 754 عاملا في القطاع الزراعي الذي يغلب عليه الطابع الموسمي، بينما يتوزع الباقون على قطاعي الصناعة والخدمات بتعداد يقدر بـ2910 عاملا، كما تعرف البلدية نسبة مرتفعة من البطالة تناهز 30% من نسبة الفئة الناشطة محليا (حسب إحصائيات 1998)، أمّا بالنسبة للمرافق العمومية فهي إمّا غير موجودة أو غير مجهّزة، والحال نفسه ينطبق على معظم الطّرق غير المعبّدة، كما نسجل غياب بعض المقرّات الأساسية على تراب هذه البلدية مثل مقرّ الشرطة والبنوك وشركة الكهرباء والغاز (سونلغاز) على الرغم من أهميتها في الحياة اليومية للمواطن بهذه المنطقة. هذا التوصيف يدفع للتساؤل عن واقع المرافق العمومية الرياضية الضروريّة خصوصا إذا كانت نسبة الشباب والمراهقين في البلدية تقارب 79.33% من ساكنة البلدية[9].

تقلّ الفضاءات المهيأة لتكون أماكن للّعب على مستوى تراب البلدية، بحيث يمكن أن نحصيها في قاعتين أو ثلاث لرياضة كمال الأجسام وقاعة صغيرة بمساحة تقدر بـ 60 م2 تابعة لدار الشباب وتستعمل للتدريبات الخاصة بستة أصناف رياضية هي: الجيدو والكونغفو والكراتي، وملعب ترابي لكرة القدم -من دون مدرجات- يعود للحقبة الاستعمارية (أواخر الخمسينات من القرن الماضي)[10]، وملعب لكرة اليد ذو أرضية غير ملائمة لمثل هذا النوع من الرياضات وفي غياب لغرفة تبديل الملابس والمدرجات. ويعكس هذا الوصف فقرا في البنى التحتيّة الرياضيّة، وإن وجدت فهي بعيدة عن المعايير الضرورية لمثل هذا النوع من الرياضة.

من جهة أخرى، تتواجد الملاعب الهامة المخصّصة للممارسة الجوارية لهذه الأنشطة خارج المجال السكاني وبعيدة عن الشباب، خصوصا المتمدرسين منهم. من هنا نتساءل عن المنطق الذي يحكم التوزيع الجغرافي لهذه المرافق الرياضية: فهل هو تعبير عن استمرارية ثقل المحدّدات السوسيولوجية المحلية والتي تفرض، وفق الأخلاق السائدة، السعي من أجل إبعاد أماكن عرض الأجسام الذكورية العاريّة - التي تتوافق مع المتطلبّات الجديدة للممارسات البدنية - عن النسيج العمراني؟ أم أنّ تواجدها خارجه يعود ببساطة لاعتبارها مصدرا للفوضى والإثارة وللتجرّد من الملابس ومصدرا للإزعاج الصوتي باعتباره مظهرا من مظاهر عدم التحضّر؟

الكلّ يسعى في أن يستثمر الشباب، من خلال الممارسات الرياضية والألعاب، الشارع والفضاءات العامة بحثا عن زعزعة ما بقي من رواسب النظام الاجتماعي القروي. مثل هذا الشكل لتملّك المجال القروي من طرف الشباب يضفي المزيد من الشرعيّة على الفرضيّة التي تعطي لهذه الممارسات غير المؤسساتية وظيفة إدماجيّة في الوسط الحضري أو في الوسط الريفي. وفي الواقع، تعتبر أشكال تملّك الفضاءات العامة قديمة في الجزائر، ففي قسنطينة مثلا، ومنذ بداية القرن 20، كانت شوارع المدينة تعجّ بالضجيج الصادر عن الألعاب الرياضية المدرسيّة، فشارع دان ريمو(حاليا سيدي عبد الله بوهروم) ونهج الشرق وشارع فرنسا (شارع 19 جوان) كانايتحوّلان إلى حلقات (agoras) يختلط فيها لاعبو الكرة الحديديّة مع رماة الحجارة ولاعبي الكرة القدم (جريدة الاستقلال يومي 3 و4 أفريل 1906)، فالعديد من المتغيّرات تشير إلى انتشار ألعاب رياضية جديدة، ميزاتها الأساسية أنّها تمارس في الهواء الطلق، ضمن أجواء يسودها اللهو و"العنف المسيطر عليه"[11]. تظهر الرياضية بهذه الطريقة في المجتمع وفق نمط لا تسيطر عليه التنظيمات الرياضية، ولكنها مع ذلك تترافق مع حركة ثقافة جديدة للجسد وللتمثلات حوله، ويمكن قراءتها يوميا عن طريق الرموز الجديدة للألبسة التي تسطير على مظهر الشباب ومظهر الرياضيين والتي تحاكي ما هو موجود على المستوى العالمي.

إنّ دراسة الممارسة الرياضية في الفضاء القروي، وعلى عكس ما يمكن أن نتصوّره، أمر معقّد لكنّه هام وضروري مثلما هو حال الممارسات الرياضيّة في الوسط الحضري. لقد ركزنا اهتمامنا على ثلاثة أنواع من ممارسة كرة القدم، وسنحاول من خلالها فهم سيرورة المجال الرياضي[12] في الجزائر وتناقضاته[13] وحالات عدم المساواة الاجتماعية التي تنتج عنها، وهذا ما يسمح بمقاربة قنوات الاستقلالية والتمكين التي يطوّرها بعض الشباب في سيدي مزغيش ضمن المنظومة الاجتماعية التي يعيشون فيها.

كرة القدم الحقول : من صور اجتماعيّـــة للنجاح إلى صناعة يوميات الرياضة في الشارع

تعتبر كرة القدم رياضة الحقول الأكثر استقطابا للشباب بلا منازع، ولكن عن أي نوع كروي نتحدث في هذا البحث؟ فــمن خلال ملاحظتنا لمختلف أشكالها البارزة للعيان، تظهر لنا هذه الرياضة، ضمن السياق المحلي، في شكل إعادة إنتاج للتفاوتات المكوّنة للمنظومة الرياضيّة الجزائريّة. ولفهم هذا الواقع المعقّد، سننطلق من ثلاث نماذج سوسيوثقافية لممارسة كرة القدم و"استهلاكها" في سيدي مزغيش.

النموذج الأول والثاني هما شكلان من ممارسة كرة القدم ضمن سياق منظّم أو خاضع للمراقبة المؤسساتية و/أو سياسية، ويتباينان من حيث نوعيّة الفرجة الكرويّة المصنوعة تبعا للأهداف المسطّرة في التظاهرات الرياضية وحسب توقيت إجراء المنافسات.

  • النموذج الأوّل، هو دورة كرة القدم التي تقام مـــا بين الأحياء فترة إحياء الذكريات الوطنيّة والمترافقة مع طقوس احتفالية، وهذه التظاهرات الرياضية تجمع بين الترفيه الاحتفالي وتفعيل الشعور الوطني في تاريخ محدّد.
  • أمّا النموذج الثاني فهو المباريات التي يجريها الفريق المحلي للقرية المسمى "الاتحاد الرياضي لسيدي مزغيش"، وهذه التظاهرات الرياضية تقام تبعا لتوقيت رياضي محدّد وتبعا لعادات وتقاليد خاصة بها، ومن ميزاتها الأساسية الديمومة (انخراط هذا المشهد الرياضي ضمن رزنامة سنوية مبرمجة من طرف الرابطة) والالتزام المستمر لمختلف الجماعات الاجتماعية الذكورية المكونة للنسيج الاجتماعي القروي بهذا النشاط الرياضي.
  • النموذج الثالث مستنبط من فكرة "رياضة الشارع"[14] التي يتحدث عنها مارشيزي جيل Marchiset Gilles Vieille، بحيث تمثل تسمية المكان مرجعا عن نوع آخر من الممارسة الكرويّة وتعبيرا عنها، وهنا نتحدث عن حي في بلدية سيدي مزغيش يسمى "ويجيأس" WJS، وهذه تسمية ترمز إلى فريق كرة القدم "الوداد الرياضي لسكيكدة".

دورة كرة القدم في سيدي مزغيش ليوم 5 جولية 2004 : شكل من أشكال التنشيط الرياضي في القرية

تمثل الاحتفالات الرسميّة السياسيّة بالنسبة للعديد من الشباب المنتمين للجمعيات الرياضية (رسمية أو غير رسمية) فرصة للظهور أمام أهاليهم وفسحة لعرض مهاراتهم، فدورة كرة القدم المنظّمة يوم 5 جولية 2004 في سيدي مزغيش يمكن أن تعدّ فرصة لتأطير الاحتياجات للتعبير عن الانشغالات عند فئة الشباب الذي تجذبه كرة القدم، فـ" الحدث الرياضي" الذي يمكن اعتباره بناء اجتماعيا على مستوى القرية يمكن أن يقدم لنا العديد من الدروس.

عرض الاجتماع الذي انعقد على مستوى دار الشباب لسيدي مزغيش يوم 30 ماي 2004 شروط المشاركة في الدورة الكروية المصادفة للاحتفال بعيد الاستقلال الوطني، كما حدّدت ذلك رابطة الرياضات الجوارية والرياضة للجميع التي يرأسها بوكادوم رشيد[15]، ومن بين ما حرصت الرابطة على اشتراطه نذكر النقاط الآتية: تحديد تكاليف الانخراط في الدورة بقيمة
200 دج للاعب، وتحديد السنّ الأدنى للمشاركة بـ 30 سنة. مثلت الشروط التنظيمية لهذه الدورة الكروية شكلا من أشكال الإقصاء لعدد كبير من شباب[16] القرية - من ذوي السنّ الأقل عمّا هو محدّد سلفا - من المشاركة على الرغم من أنّ هذه المناسبة المزدوجة مناسبة للاحتفال بعيد الاستقلال والشباب في اليوم نفسه. وهذه الوضعية دفعت بمسؤولي دار الشباب إلى الانسحاب من تنظيم الدورة.

تعبّر مثل هذه المعايير الاقصائية غير واقعية في معظم الأحيان عن سوء معرفة كاملة بفئة الشباب حسب أعمارهم، وهذا قد يدلّ على جهل مسؤولي الاتحاديّة المشرفة على فدرالية الرياضة للجميع والرياضة الجوارية بالإحصائيات الرسميّة الصادرة عن الديوان الوطني للإحصاء حول نسب الشباب وتوزيعهم العمري.

بعد مرور عشرة أيام من نشر الإعلانات الأولى على مستوى دار الشباب وفي بعض الأحياء، بدأت بوادر فشل تنظيم هذه الدورة تتجلى خصوصا بعد ما واجه بعض الشباب مشكل جمع فريق من اللاعبين بسبب عامل تحديد عتبة السنّ المشاركة بـــ 30 سنة بوصفه حدا أدنى. دفع هذا الوضع الرابطة إلى تعديل الإعلان وصياغة مقرّر آخر نُشر في الفترة الممتدة ما بين 13 و16 جوان والذي خفّض سنّ المشاركة إلى حد أدنى عند عتبة 25 سنة، وهذا القرار مكّن من تسجيل 10 فرق للمشاركة.

تمّ سحب القرعة أثناء انعقاد سلسلة لقاءات جرت ما بين 21 و23 جوان، واقترح لذلك برنامجا للمنافسة في حضور رؤساء الفرق المشاركة، وقد تمّ توزيع المشاركين على مجموعتين، تحتوي كل منهما على خمسة فرق، وتقام المنافسة في شكل بطولة مصغّرة، يليها دور اقصائي مباشر لتكون المقابلة النهائية مصادفة ليوم 5 جويلية، مع العلم أنّ فترة هذه المنافسة قد حدّدت بعشرة أيام[17].

أنماط تنظيم الدورة : من سحر النموذج التنافسي إلى حريّات وقف أنماط الممارسة الرسمية

زيادة عن القانون الداخلي للدورة الذي وزّع على رؤساء الفرق، يجب التذكير أنّ شكل المباراة قد حدّد في شوطين من نصف ساعة لكل منهما، بحيث تقام المباريات على مستوى نصف ملعب كرة القدم فقط، بفريق متكون من ثمانية لاعبين بما في ذلك حارس المرمى (مرمى المباراة المختار هو مرمى كرة اليد)، وهذا التنظيم يعكس بالنسبة لنا فقر إمكانيات البنى التحتيّة الرياضيّة في هذه القرية.

وبعيدا عن النتائج التقنيّة والرياضيّة المنتظرة من طرف كل مشارك في الدورة الكروية المنظمة بمناسبة عيد الاستقلال لسنة 2004، وبعيدا أيضا عن كون مثل هذه الدورات بإمكانها تنشيط حميمية العلاقات الاجتماعية وتفعيل الرابط الاجتماعي المنهك بفعل الأزمة الاجتماعية وبفعل التعمير الذي تشهده هذه القرى، على الأقل فترة المنافسة الرياضية، فإنّ هذه المنافسة كشفت عن عدم مقدرة المنظّمين على التحكّم النسبي في تنظيم اللقاءات الكرويّة، كما كشفت في الوقت نفسه أنّ العنف يمثل نمطا للتعبير عن النديّة الموجودة ما بين الأحياء.

فمثلا، عرفت المباراة الأولى التي جمعت بين حي "بوخادوم بشير" وحي "الأمل" تأخرا بفعل عدم اكتمال عناصر أحد طرفي المقابلة، أمّا في المباراة الثانية التي جمعت بين حي "علال بلوصيف" ((WJS بنظيره حي "القبية" فقد أدى منح بطاقة حمراء لعنصر من فريق الحي الأول الفائز بهدف لصفر إلى بروز مظاهر العنف نتيجة عدم رضا اللاعب المقصى عن قرار التحكيم، كما يمكن أن نذكّر أيضا بإجراء مقابلة في توقيت أقل ممّا هو مدوّن في القانون الداخلي للدورة بسبب النقل التلفزيوني لمباراة نصف نهائي كأس أوروبا على المباشر في توقيت 19سا و45د، ومثل هذه الممارسات التي تدعو إلى "الضحك" تكشف عن جانب من المخيال لدى هؤلاء الرياضيين المناسباتيين.

إنّ استثمار شباب سيدي مزغيش لأوقاتهم في متابعة المنافسات الأجنبية، والتي تتجلى نتائجه الأولية في محاكاة أشكال التعبير والتشجيع الرياضي الأوروبي، تعلن عن العلاقة الجديدة بين المجتمع المحلي والعالم الخارجي[18]

كرة القدم والصور الاجتماعية للنجاح: الرياضات المؤسساتية، مصدر من مصادر تموين النوادي الرياضية الكبرى

بعض العناصر التاريخية لولوج كرة القدم في سيدي مزغيش[19]

يرجع تاريخ نشأة الفريق المشهور بالقرية للفترة الاستعمارية التي عرفت تكوين العديد من الفرق في كرة القدم شهدت تواجدا لبعض "الأهالي" ضمنه. ارتكز نظام المنافسة سابقا تنظيم الدورات التي كانت تجمعهم مع فرق القرى المجاورة. فقد نافس فريق سيدي مزغيش، التي كانت مجرد قرية صغيرة وليست بلدية، نظيره المتمثل في فريق بلدية مجاز دشيش، ونظرا للانخفاض الديموغرافي لتواجد العنصر الأوروبي في المجال القروي صَعُب التسجيل الرسمي لفريق كرة القدم.

وبعد الاستقلال، عرف هذا الشكل من الممارسة توسّعا، خاصة لدى فئة شباب، وقد نظّموا بأنفسهم العديد من اللقاءات مع مختلف فرق الأحياء. توجد بالقرية العديد من الفرق التي تنشط بشكل غير رسمي نذكر منها: فريق "كور بوراس"، فريق "كور بوخادوم"، "فريق الشهداء"، "فريق الخوبية" و"فريق WJS"، أمّا الفرق المميّزة من القائمة سالفة الذكر فهي: فريقي "كور بوراس" و"كور بوخادوم"، بحيث كان اللقاء بينهما يعدّ من اللقاءات الأكثر إثارة بالنظر لانتهائها في معظم الأحيان في شكل عنيف نظرا لرفض الفريقين للهزيمة.

كرة القدم والتاريخ التوبونيمي لأحد الأحياء : الويجيأس WJS

يبدو أن تاريخ فريق الحي المسمى "ويجيأسS" الموجود في بلدية سيدي مزغيش مرتبط بهذه المرحلة في ممارسة كرة القدم في الشارع، فقد كان الفريق سابقا مكوّنا من أقليّة عدديّة من الشباب ذوي التكوين الدراسي المعتبر، خاصيتهم الأساسية عدم الاحتجاج عن النتائج السلبيّة المسجلة حتى ولو بلغت الخاسرة مـع الفريق المنافس ما بين 8 إلى 9 أهداف كاملة مقابل صفر.

في الفترة نفسها، كان في مدينة سكيكدة فريق يسمى وداد شباب سكيكدة (WJS)، وقد عرف عن هذا الفريق ضعف نتائجه المسجّلة في المنافسات الكروية، ومن هنا جاءت التسمية المستعارة للحي المسمى حاليا علال بلوصيف كناية عن تشابه النتائج السلبية المسجلة من طرف الفريقين. علينا أن لا ننسى أنّ تاريخ تأسيس الرياضة في الجزائر وتنظيمها يعود بنا إلى سنة 1901 وهذا التاريخ المتلازم مع ظهور القانون الذي سمح بتأسيس الجمعيات في فرنسا، وعليه تعتبر الفترة الكولونيالية الفترة الأولى التي أدت إلى بداية تجلي التأطير المؤسساتي الرياضي.

مأسسة كرة القدم وبناء الهوية الرياضية للقرية : الاتحاد الرياضي لسيدي مزغيش

جذبت كرة القدم بعد الاستقلال شباب القرى التابعة للبلدية، وقد سعوا إلى تنظيم أنفسهم في شكل فرق تابعة للأحياء. شجّع إقبالهم الموسّع على هذه الرياضة تنامي ظاهرة متابعة نتائج منافسات كرة القدم على المستوى الوطني، كما بيّن توسّع اهتمامهم بالنوادي الرياضية والرياضة المؤسساتية ورهاناتها محدوديّة المستــوى المحلي[20]. ساهم هذا التغيّر في بروز ظاهرة تحديد الانتماء المرتبطة بالفرق موضوع التشجيع، وهذا الوضع قرّب ما كان يُعتبر بعيدا. فمثــلا استبطان بعض شباب سيدي مزغيش للفشل الرياضي لفريق وداد شباب سكيكدة WJS عكس شكلا مــن أشكال الانتماء المحلي والاعتراف الهوياتي للفريق.

يعود تكوين نادي كرة القدم في القرية وانخراطه الرسمي في الرابطة للموسم الرياضي 1969-1970 تحت اسم الاتحاد الرياضي لسيدي مزغيش (USSM)، وبعد الإصلاح الرياضي الموافق لـسنة 1977[21] غيّر النادي تسميته الفرنسية من USSM إلىIRBSM (الاتحاد الرياضي لبلدية سيدي مزغيش)، وقد كان هذا التغيير في التسمية الفرنسية للنوادي فرصة لفرض تأميم النادي بغية منحه طابعا وطنيّا بعيدا عن الميراث الاستعماري، كما مثّل هذا الإجراء في الوقت نفسه طريقا لتحكّم السلطة السياسية في الوضع الاجتماعي ومحاولة لتعريب رموزها (ذاكرات النوادي وأولوانها)، وأيضا مسارا لبعث سياسة "رياضيّة حقيقيّة" مماثلة لنظيراتها في المُعسكر الاشتراكي.

وعلى الرغم من أنّ الأشكال الأولى للتأطير الرسمي لم تظهر إلا مؤخرا في سيدي مزغيش، إلا أنّ النشاطات الرياضية كانت موجودة، وكانت تتمظهر خصوصا في شكل منافسات رياضية بين المعمّرين و"الأهالي"[22]. وبعد الاستقلال، كشف تماهي شباب سيدي مزغيش في انتماءاتهم الرياضية مع فرق النخبة عن الاهتمام هذه الفئة بشكل عام في هذه القرية بالرياضة أثناء المنافسات الرياضية التي كانوا ينظمونها خارج الأطر المؤسساتية.

لقد التحقت فئة من شباب القرية الموهوبين[23] ومن ذوي القدرات الفرديّة والفنية بالهيئات الرسمية للرياضة المؤسساتية، وقد كانت دوافعهم، رغم قلة الوسائل، البحث عن انطلاقة نحو النجاح الرياضي بحثا عن أمل الوصول إلى بناء مسار رياضي يمكّنهم من الحصول على رأسمال اجتماعي رمزي ومادي يتيح لهم ترقية مكانتهم الاجتماعية، ويضفي نوعا من الهيبة لديهم أمام أنظار السكان المحليين. مثلت هذه الممارسة ضمن الإطار المؤسساتي بالنسبة لهؤلاء الشباب، رغم مستواها التنافسي المحدود، الوسيلة الوحيدة لعرض مهاراتهم وبروزهم على مستوى ناديهم الصغير والتي كثيرا ما اعتبرت خزانا لتموين النوادي الكبرى بالمواهب الرياضية.

لقد عرضنا هنا فقط مثالا حول كرة القدم بصفتها رياضة جماعية، لكن بالنسبة للرياضات الخمس المؤطرة مؤسساتيا على مستوى القرية، فهي لا تمنح للشباب المحفزات الكافية لممارستها أو الانخراط في فرقها، فعلى الرغم من النتائج المعتبرة التي يمكن أن يحصل عليها بعض شباب هذه القرية إلا أنّ ذلك لا يسمح لهم بالتموقع ضمن الخريطة الرياضيّة الوطنيّة، كما لا يستفيدون من الدعم المادي الضروري مثلما هو الحال في بعض المدن ذات الأقطاب الصناعيّة. علينا القول أنّ رياضة الحقول، المحرومة من الإمكانيات المادية الضرورية، يمكنها أن تحقّق نتائج تضاهي النتائج المحصل عليها من طرف رياضة النخبة من حيث عدد التتويجات، ولكن رغم تسجيل هذه النتائج من طرف الرياضيين، والتي يمكن تصنيفها في خانة مطلب البحث عن الاعتراف بهذا النوع من الممارسة الرياضيّة والاهتمام بها وتمويلها، إلا أنّها لا تلقى الالتفاتة الضروريّة من طرف المسؤولين على الرياضة، كما أنّ الجانب المادي لرياضة النخبة على مستوى فرق المدن الكبرى لا يضفي صعوبات على استقطاب رياضيي الموهوبين الذين تنتجهم رياضة الحقول، والتي يمكن اعتبارها خزانا لرياضة النخبة في الجزائر.

رياضة الشارع : صرخة جسد وقاعدة للتعايش الاجتماعي لدى الشباب

لا تملك الرياضات المؤسساتية القدرة الكافية على تأطير كل الشباب الذين يبدون رغبة في ممارسة الرياضة، سواء لعدم انتقائهم من طرف منظومة اختيار الرياضيين الراغبين في ممارسة الرياضة، أو بسبب إكراهات الالتزام بالتوقيت الواجب احترامه وبالتقييم الدائم من طرف المؤطرين، وهذا الوضع يدفع الكثير من شباب القرية، إمّا مرغمين أو مخيّرين، للتوجّه نحو ممارسة الرياضة غير المؤسساتية، وهذا الاختيار يجعل من الشباب أسيادا على ممارساتهم لأنه يسمح لهم بممارسة الرياضة حسب رغبتهم و بعيدا عن مقاييس التقييم وهم بذلك يعودون بها إلى جذورها الأولى المُرتبطة باللارياضة[24] ممّا يجعل من هذه الفئة تمارس الرياضة حسب إرادتها ووفق منطق التسلية والاسترخاء والحريّة واللعب بعيدا عن مقاييس التقييم.

تسمح اللدونة التي تمثلها مختلف الرياضات ومرونة القوانين المحدّدة لممارساتها لدى الشباب بالإقبال على الرياضة بكثير من الرغبة والأصالة وبعيدا عن التزامات التقييم، ووفق توقيت غير محدّد، معتمدين في غالب الأحيان على التحكيم الذاتي، فتعداد لاعبي فريق كرة القدم قد يكون متغيّرا فترة المباراة، وبعض الرياضات يمكن ممارستها على مستوى أي مساحة[25] انطلاقا من آليات التفاوض المحدّدة لأشكال تملك المكان، والذي هو في الغالب مجال حضري أو امتداد لطريق عمومي أو ساحة عمومية، ويكون التفاوض عموما عندما يصعب ممارسة الرياضة في الملعب البلدي[26].

خلاصة

يكشف التفاوض على تملّك فضاءات الممارسات الرياضية المختلفة عن هرمية العلاقات داخل المجموعات الشبابية، ففي الوقت الذي يلعب فيه صغار السنّ في شوارع ضيقة أو على أرضيات لا توفّر لهم القدر الكافي من المتطلبات، يحتكر المتقدّمون في السنّ لدى فئة الشباب الأماكن المرموقة في القرية لممارسة الرياضة. الحضور الدائم للصراعات والتحدّيات البدنية واللفظية ضمن المجموعات الشبابية ضروري لأنّه يمثل العامل الأساس الذي يسمح بإعادة تشكل التراتبية ضمن هذه المجموعات، فرياضات الشارع تمثل أيضا قاعدة للمؤانسة الاجتماعية بين الأحداث لأنّها تحثّ على الالتقاء بين الشباب من مختلف الأحياء وتحفز عليه، كما تكشف لنا أيضا عن قدرة هذه الفئة على التنظيم الذاتي.

يتم التعايش مع الشارع والتفاعل معه من طرف الشباب عن طريق الرياضة، فهو مكان للتنشئة الاجتماعية والتعبير وليس مكانا للإقصاء أو الرفض[27] مثلما يقدم دائما. ويسمح تملّك هذا الفضاء من طرف الشباب بالمشاركة في الحياة العامة للقرية، مشاركة يمكن اعتبارها وسيلة للمطالبة من السلطات الرياضية المحلية إضفاء الطابع الرياضي على النسيج العمراني، وفي هذا السياق يتخذ الشباب، المهمّش وبدون سلطة، من صرخة أجسادهم وسيلة أصيلة للمطالبة من السلطات الرياضية المحلية بحقوقهم بعيدا عن الإجراءات البيروقراطية وعن الخطابات السياسية.

ومثلما بيّناه سالفا، تتموقع الأماكن المهيئة لممارسة الرياضة خارج النسيج العمراني للقرية، في حين تمثل رياضة الشارع تعبيرا عن حاجة الشباب اليومية لمثل هذه الفضاءات، ولكن داخل أحياء وإقامات النسيج العمراني نفسه. وإذا كان منطق ممارسة هذا النوع من الرياضة قائما على الطابع الاستعراضي والجمالي للعبة ولا تتحكم فيه نتائج المباريات، فإنّ استهداف الأحياء الشعبية بوصفها "أماكن الحياة" لممارسة الرياضة ضمنها يبدو دائما على أنّه تعبير عن إرادة الاقتراب ما أمكن من المجال السياسي، فرياضة الشارع تسمح لهؤلاء الشباب[28] بالبقاء معا واستثمار التواجد في الأماكن العامة التي تمكن من النظر لهم[29].



ترجمة :

الهوامش

[1] Ehrenberg, A. (1991). Le culte de la performance, Paris, éd. Calmann-Lévy. Voir aussi Alain, Ehrenberg, « Aimez-vous les stades ? Architecture de masse et mobilisation », Recherches, n° 43, 1980 ; Actes de la recherche, « les enjeux du football », n° 103, juin 1994 ; Autrement, « L’amour foot. Une passion planétaire », n° 80. Mai 1986.

[2] بلدية تابعة ولاية سكيكدة (شرق الجزائر العاصمة).

[3] الأرقام المقدمة من طرف الديوان الوطني للإحصاء في سنة 2008 وخلال السنوات الأخيرة تعلن عن تراجع ملحوظ في نسب المجال توزيع السكان في "المجال الريفي" مقارنة مع "المجال الحضري".

[4] مشروع بحث مسجل في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية جانفي 2003-جوان 2005 تحت إشراف بولبيار جمال، أجري رحايل طيب ضمنه بحثه حول : "الرياضة والشباب في سيدي مزغيش".

[5] حول هذه الأماكن الرياضية المهمشة (الحضرية والقروية)، أنظر:

Boulebier, D. (1999). « Le foot, l’urbain et la démocratie », Revue Insaniyat n° 8, Mai-Août, et Boulebier, Djamel, « Le stade et la question urbaine à Constantine : positions de recherche », communication à la rencontre nationale du 13 novembre 2005 sur La ville et les transformations contemporaines. Problèmes et solutions, organisée par le laboratoire L’homme et la ville et le département de sociologie et de démographie de l’Université Mentouri de Constantine.

كذلك التاريخ الرياضي لمولودية الخوص (ولاية جيجل)، أسس في سنة 1984 بناء على تغطية إعلامية لجريدة يومية ناطقة باللغة العربية "الأيام" في 15 ديسمبر 2004، أو فريق جيل سيدي سالم بولاية عنابة التي تمكن من الصعود إلى المرتبة الأولى محليا بعد أربع سنوات من المنافسة ضمن المجموعة الولائية، خصوصا بعد مشاركته في الدور 32 من نهائيات كأس الجزائر موسم 2004/2005، أين رفع رئيس الفريق شعار "زوالي وفحل" كنوع من الأساليب الدفاع على شرف الفريق (اليوم 04 جانفي 2005).

[6] Gillon, P. Grosjean, F., Marchiset, V. (1999), La pratique du football en Franche-Comté : un football des champs et un football des villes ? IMAGES de Franche Comté, n°20.

[7] من أجل الاطلاع على عمل منوغرافي معمق لهذه القرية الجزائرية نوجه القارئ للاطلاع على مذكرة الماجيستير لـ: رحايل طيب، (مقاربة أنثروبولوجية لواقع الممارسات الاجتماعية عند الشباب البطالين الجزائريين)، جامعة منتوري، قسنطينة 2005.

[8] نظرا لنقص البحوث التاريخية الجيدة، تبقى مرجعية تأسيس هذه المراكز الإنسانية غير معروفة وتؤوَّل في شكل أساطير، فحسب مصطفى (من المجاهدين القدامى) سيدي مزغيش شخصية متعلمة من أصل بربري جاء من باتنة وأقام بالمنطقة. ونظرا لعلمه جعله سكان المنطقة علامة وشيخا لهم. وبعد وفاته شيع جثمانه في مقبرة المنطقة، واعترافا بما انجزه تمّ اتخاذ قبره جامعا لهم وحمل بذلك اسمه "سيدي مزغيش" وبقيت هذه التسمية حتى وقتنا الحالي.

[9] هذه الإحصائيات تخص الفئة العمرية الأقل من 40 سنة.

[10] هذه الوضعية نفسها خاصة في المحيط القروي، رغم كل المبادرات التي اتخذت في إطار تصحيح قانون التربية البدنية والرياضية في 1977 والتي تقدم للخريطة الوطنية للمنشئات رياضية ذات "طبيعة نوعية" (24 ملعب متعدد الرياضات و 63 قاعة متعددة الرياضات تتمركز في الشمال في سنوات الثمانينات 1980). هذه الإمكانيات لم تعد تكفي لسد حاجة المواطنون المتزايدة في هذا الميدان. لقد كان الهدف الرئيس لقانون الاصلاح الرياضي الوصول إلى تشبيك جيد يُقلّص المسافات مع ولايات الجنوب لكن ذلك أعاقته الأزمة المالية و الاقتصادية التي عرفتها الجزائر نهاية 1980. يمكن للتحسّن المالي النسبي الذي تعرفه الدولة والانحرافات التي يعرفها قطاع الرياضة أن تدفعه التراجع عن تلك التغيرات التي استُحدثت نهاية السنة المذكورة أعلاه.

[11] Voir Elias, N. et Dunning, E. (1994). Sport et civilisation, la violence maîtrisée. Paris : Fayard.

[12] Cf. Faure, J.-M., et Suaud, Ch. (1999). Le football professionnel à la française. Paris : PUF.

[13] يمكن أن نظيف أن هذا الهيكل لا يوظف عن طريق الناجعة (خاصة في ما يخص رياضة الملاكمة). هذا ما جعل على مستوى القرى الصغيرة الإمكانيات تبدو قليلة ويبدو معها تأخر نسبة التنمية.

[14] Vieille Gilles Marchiset, Sports de rue et pouvoirs sportifs : conflits et changements dans l’espace local. Presses Universitaires franc-comtoises 2003.

[15] معلّم ومراسل صحفي رياضي، هو أحد أقارب بوكادوم حفيظ الدي يمثل وجها رياضيا مرجعيا لشباب قرية سيدي مزغيش نظرا لمساره الرياضي الاجتماعي. عرفت هذه الشخصية النور خصوصا عندما إلتحقت بكرة القدم النُخبوية من خلال الفريق العريق وِفاق القُل، فهذا الأخير كان يُمثل أحد مُخرجات الاصلاح الرياضي سنوات 1980، وقد ساهم بشكل واضح هذا الفريق في إبراز هذا الوجه الرياضي القادم من رياضة الحقول.

[16] يفقد مفهوم الشباب بُعده الإجرائي عندما يتمّ مقاربته انطلاقا من الفئات الاجتماعية المختلفة، وما استعمالنا له في هذا النص في شكله الصّوري إلاّ من أجل تسهيل القراءة.

[17] قام الباحث طيب رحايل أثناء هذه المناسبة الرياضية بمبادرة تهدف إلى إخراج شريط وثائقي إثنوغرافي حول دورة كرة القدم الموافقة لـ 05 جويلية 2004 في سيدي مزغيش من دون أن يكون له تكوين في هذا المجال. لقد كانت أهداف المنتظرة من هذا العمل جمع المعلومات حول ممارسات الشباب أثناء هذه الدورة الموافقة للمواجهة السلمية بين مختلف أحياء القرية، كما كانت الغاية أيضا الوقوف على أشكال الفرجة المصاحبة لتنظيم هذه الدورات الرياضيّة خصوصا أنّها تقترح علينا معلومات قيّمة حول العلاقة بين مختلف الشباب حسب انتمائهم للأحياء.

لقد سعى الباحث من خلال هذه المبادرة إلى تسجيل الممارسات، أوقات المباريات، خطابات مختلف الفاعلين والمساهمين في صناعة الفرجة، ولكن لأسباب تقنية مرتبطة بغياب النص السينماتوغرافي وعدم الدراية بتقنيات التركيب المتعلّقة بالتشريط الوثائقي الإثنوغرافي لم نتمكن من استغلال كل المعطيات المجموعة. تعتبر هذه المبادر تجربة جيّدة يمكن أن يتمّ اللجوء إليها في مشاريع مستقبلية.

[18] Erhenberg parle du football comme d’une nouvelle vision du monde. Voir également Boulebier, D. (1999), « Le foot, l’urbain et la démocratie », Insaniyat n°8, Mai-Août.

[19] معطيات تمّ جمعها أثناء المُقابلة التي أُجريت مع بوسيف حبيب يوم 4 جوان 2004 على الساعة 17 و30 دقيقة في حي 50 سكن.

[20] التعريف بالشباب في النوادي يمكن أن يذهب إلى حدّ التعريف بالمجموعات والأماكن (تسمية الوجس على سبيل المثال).

[21] للمزيد من التوضيحات حول هده الاشكالية، انظر:

Boulebier, D. (1994). « L’Algérie au miroir du sport », in Remaoun, H. (dir.), L’Algérie, histoire, société et culture. Alger : Edition Casbah, 2000 et Fatés, Youssef (1994), Sport et tiers-monde. Paris : PUF. 

[22] هذه المعلومات جمعنها مع مسؤول سابق ورياضي لفريق .IRBSM

[23] يمكن تقديم بعض الأمثلة للكرة القدم ومنهم بوراس، حميد، بوكادوم حفيظ ...الذين تمّ استدعائهم للفريق الوطني، أمّا بالنسبة للمُلاكمة فنذكر زعلاني، نورالدّين، ساعد حميدش رضوان.

[24] Bouet Michel (1998), Question de sportologie, Paris, l’Hamattan, p. 11.

[25] يُمكن تقديم مثال حول المرمى الصغير الذي يُعتمد عليه في إجراء مقابلة مصغرة في كرة القدم مع مراعاة الشروط المحددة مُسبقا. مثل هذا الشكل من الرياضة هو الأكثر شعبية و لا يبدو أنه الوحيد.

[26] تمثل أيام الخميس والجمعة والعطل مدفوعة الأجر فترات امتلاء الملعب البلدي للشباب، وأثناء ذلك يمكن متابعة أشكال التفاوض من أجل تقاسم أماكن اللعب.

[27] Tessier, S. (1995). De l’enfant des villes à l’enfant des rues, in : Langages et cultures des enfants de la rue. Paris, éds. Kartala, p. 40.

[28] « Le faire est moins important que l’être ensemble », in : Lalive d’Epinay, Christine, Loisir : dynamique et différenciation sociales, in : Société (revue des sciences humaines et sociales), n° 32, 1991, éds. Dunod, p. 166.

[29] Kokoreff, Michel. Jeunes et espaces urbains. Bilan des recherches en France, 1977-1994, in : Sociologie et société, vol. XXVIII, n°1, printemps 1996, p.159-176.

Text

PDF

العنوان

ص.ب 1955 المنور ، القطب التكنولوجي إيسطو - بئر الجير 31000 وهران، الجزائر

هاتف

95 06 62 41 213 +
03 07 62 41 213 +
05 07 62 41 213 +
1 1 07 62 41 213 +

فاكس

98 06 62 41 213 +
04 07 62 41 213 +

دعم تقني

اتصال