البلاد المغاربية بوصفها جماعة متخيلة

البلاد المغاربية بوصفها جماعة متخيلة

إن مقاربة ما يمكن تسميته عند الاستخدام - و بكل تحفظ - "بالحدث المغاربي"، "الوعي"، "الهوية" أو حتى "الوحدة المغاربية "، أو ببساطة كل ما له علاقة بالدعوة الجماعاتية للوحدة المغاربية لا بّد من الوقوف عند حيثياثه، خاصة بمناسبة انعقاد هذا الملتقى المتمحور حول "الجماعات المتخيلة في فضاء البحر الأبيض المتوسط"[1]، مع التركيز على الأعمال المدونة حول المسألة الوطنية التي أنجزتها بينديكت أندرسون (Benedict Anderson) و الكثيرون غيرها، حيث لا يسمح المقام بذكرهم جميعا[2].

و لأسباب تتعلق بعرض الموضوع، سنعود إلى التذكير و الاشارة إلى بعض الملاحظات التي ربما ستسمح لنا بالوصول إلى نتائج (تبقى بالتأكيد نتائج مؤقتة)، و ربما الوصول إلى اقتراحات ستكون حتما محفوفة بالمخاطر، أو ربما الوصول إلى طرح تساؤلات شتى ؟

البلاد المغاربية بوصفها جماعة متخيلة و متمَّثلة: مسألة الأسماء و اعتباطيتها

إن البلاد المغاربية هي، بلا ريب، بناء يقوم على جملة من التراكمات و الخصائص الموروثة عن التاريخ والتي تتداخل فيها العديد من المحطات ذات الصبغة السوسيو-أنثروبوجية و السياسية التي قامت على إنتاجها. و لقد عرفت هذه البلاد المغاربية سلسلة من التسميات المختلفة التي تكمن صفتها الرئيسة حسب فقهاء اللغة، وعلماء الدلالة ، و غيرهم من السوسيولسانيين في اعتباطية الرمز و من ثمّ اعتباطية الاسم و في كونها تسميات تحيل إلى واقع معيش مختلف و تمثّلات متنوعة انتهت في آخر المطاف إلى الانقسام الذاتي حسب الحساسيات و الرؤى التي تتضمنها المفاهيم الحالية السائدة و ذلك دون الوقوع في المقاربة الغائية ( téléologique) و الماهاوية (essentialiste). فمصطلح المغرب (Maghreb) في حد ذاته ارتبط في البداية بالفتوحات الإسلامية التي كانت تعتبره بمثابة غرب مسلم (مع احتوائه في فترة من الفترات على الأندلس، مالطا أو صقيلية)، قبل أن يتم إدراكه بوصفه مغربا عربيا في أواخر القرن التاسع عشر و بالأخص مع بداية القرن العشرين الذي شهد مولد القومية العربية، و في علاقته أيضاً مع المشرق العربي المتمثل في المنطقة الجيوسياسية، التي لا يجب الخلط بينها و بين ما كان يدعى بالمشرق الاسلامي أو الشرق المسلم الذي ارتبط بالفتوحات أو بالنشاط التجاري في أعماق القارة الآسيوية، أي تحديدا في المناطق التي لا تحتل فيها اللغة العربية، في أيامنا هذه، مكانة اللغة المحلية أو أكثر من ذلك، لا تعد فيها اللغة العربية لغة "وطنية".

و من صدف التاريخ أن يؤدي مصطلح المغرب (Le Maghreb) إلى انقسام الحيز الجغرافي الذي تعد البربرية أو الأمازيغية لغته الأصلية حتى قبل أن تدخل هذه اللغة في منافسة مع اللغة العربية أو يتراجع استخدامها أمام الاستخدام الواسع للغة العربية. و كان ذلك هو ما عرف بليبيا القديمة (أو ليبو هيرودوت) (Lebou de Herodote) في إفريقيا الرومانية (و التي كانت تجمع إفريقية، نوميديا والموريتانيات (بالبلاد البربرية أو "الدول البربريسكية" في الفترة الحديثة (أو ما قبل الكولونيالية)، و بشمال إفريقيا في الفترة الاستعمارية المعاصرة، و التبدل الأخير يكمن في المصطلح الجديد المتمثل في "تمزغا" (Tamazgha) و المستخدم أحيانا في أيامنا هذه.

لابّد من الإشارة أيضا إلى أن مصطلح المغرب (Maghreb) يتميز اليوم بتعددية معانيه على اعتبار أنه يحيل في اللغة العربية أيضا إلى أحد أجزاءه فقط، و المتمثل في المغرب الأقصى القديم (المغرب أو المغرب الأقصى) الذي يدل بشكل كبير على دولة المغرب حاليا (Le Maroc) [3].

حديثنا هنا، بطبيعة الحال، هو حول المغرب بالمعنى التقليدي للمصطلح (و المدعو أحيانا في اللغة العربية "بالمغرب الكبير" للتمييز بينه و بين دولة المغرب (أو المغرب الأقصى)، و هو يمتد حاليا من البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى إفريقيا جنوب الصحراء، و يضم أيضا الدول الوطنية المتمثلة في ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب و موريتانيا، بالإضافة إلى قضية الصحراء الغربية التي عرفت الاحتلال الاسباني إلى غاية 1975 ثم تم تقسيمها بين موريتانيا و المغرب، قبل أن يتم إلحاقها كلية بهذا البلد الأخير مع كونها لا تزال لغاية الساعة محل مفاوضات جارية تحت رقابة منظمة الأمم المتحدة.

البلاد المغاربية، بين الوحدة الأنثروبولوجية و إشكالية الوحدة السياسية

هل شكلت البلاد المغاربية يوما وحدة سياسية، بغض النظر عن محاولات دمجها في تكتلات أكثر اتساعا وذات نزعة غربية كالإمبراطورية الرومانية في الحقبة القديمة والامبراطوريات الإسلامية للشرق، الأموية منها ثم العباسية من بعدها في بداية العصر الوسيط، و كذلك محاولة ضمّها ابتداء من القرن السادس عشر إلى الإمبراطورية العثمانية (التي امتدت إلى غاية الحدود الغربية للجزائر الحالية) ثم في فترة الاستعمار الأوربي (خاصة مع فرنسا انطلاقا من سنة 1830 بالنسبة للجزائر ثم تونس، المغرب و موريتانيا، و أيضا محاولات إلحاقها ببعض المناطق الأخرى كإسبانيا و إيطاليا)؟ لقد كان بإمكان ذلك أن يحصل منذ العصر القديم عن طريق المدن التي أسسها الفينيقيون (قرطاجة انطلاقا من القرن الرابع قبل الميلاد) أو في بعض المماليك البربرية كالمملكة النوميدية مع ماسينيسا (من القرن الثاني إلى القرن الأول قبل الميلاد) و في فترة لاحقة مع الفاطـميين في القرن العاشر للميلاد و المرابطيين من القرن الحادي عشر إلى القرن الثاني عشر، و مع الموحدين (على وجه الخصوص) في القرنين الثاني عشر و الثالث عشر؟

كان ابن تومرت قد نجح من خلال الاعتماد على المصموديين (Les Masmoudas) بالأطلس العالي في وصل بعض القبائل الأخرى كـالكوميين من الطرارة الذين جندهم عبد المؤمن بن علي لجعل إمبراطورية الموحدين قوة قادرة على جمع شمل أهم مناطق البلاد المغاربية، من الأطلس إلى غاية حدود ليبيا الحالية ومن البحر الأبيض المتوسط (و إلى غاية إسبانيا) و الصحراء، و هذا خلال ما يقارب قرنا من الزمن (من القرن الثاني عشر إلى القرن الثالث عشر). فإذا كانت الظروف التاريخية قد سمحت لهم ببناء دولة، فإن هذه الأخيرة كان يفترض بها السقوط تاركة المجال إلى هيئات ذات حدود متحركة، و لكنها رسمت بشكل مسبق خريطة الدول المغاربية المعاصرة [4].

لقد تصادفت هذه الطموحات ذات الصبغة الإمبراطورية و خاصة تلك المرتبطة بالمرابطين و الموحدين بين القرن الحادي عشر و القرن الثالث عشر، مع وصول و استقرار موجات من الهلاليين بالبلاد المغاربية و التي قدمت من المشرق في القرن الحادي عشر (بنو هلال، بنو سليم، بنو معقل...) و كذلك مع ترسيخ المذهب المالكي الذي تم نشره انطلاقا من القرن التاسع من القيروان.

و هذا ما يفسر دون شك سبب اعتبار هذه الفترة في الكثير من الأحيان بوصفها الفترة التي عرفت انبثاق بلاد مغاربية كلاسيكية تتميز بوحدة سياسية من خلال انصهار الخصوصيات الجماعية الأساسية التي أصبحت تميزها منذ ذلك الحين باستخدام اللغات المنطوقة البربرية التقليدية و العربية، و سيادة الإسلام المالكي الذي استفاد من تراجع أو اختفاء المذاهب الأخرى التي كان أصحابها خارج الأرثودكسية السنّية، و الذين اعتبروا من الخوارج إلى جانب الإباضية، و بدرجة أقل، الصفرية (çofrisme) و كذا مختلف تفرعات الـنزعة الشيعّية، (خاصة الأدارسة و الفاطميين) و أيضا انطفاء آخر معاقل المسيحية التي كان وجودها يعود إلى الحقبة الرومانية القديمة[5].

في الواقع، إذا كان بإمكان البلاد المغاربية أن تتميز بنوع من الوحدة الأنثروبولوجية و بتفاعلات و تداخلات تاريخية بديهية، فإن الوحدة السياسية التي تم تسييرها من الداخل و بتمركز ذاتي، لم تستمر إلا لفترة وجيزة عبر التاريخ. لقد كانت هناك فترات طويلة من الهيمنة التي قادتها مجموعات خارجية، دون أن تفكر المدن الإمبراطورية حتى في ضمان وحدة إدارية، على الأقل للمنطقة التي كانت تحكم حسب القوانين المتفاوتة و المختلفة باختلاف التقسيمات و طرق الهيمنة في الفترات الرومانية، العثمانية ثم الفرنسية.

كما يمكن القول أنه من العصور القديمة إلى أيامنا هذه، استغرق قيام تشكيلات الدول المحلية المتنوعة و المتنافسة، إن لم نقل المتخاصمة في بعض الأحيان، فترة من الزمن أطول و أهم بكثير من تلك التي استغرقتها الامبراطوريات الزائلة على مر الزمن، للفاطميين -خلال الفترة المغاربية في القرن العاشر- والمرابطين أو حتى الموحدين (أقل من قرن بالنسبة لكل منهما).

البلاد المغاربية بين الأمس و اليوم: بين الدينامية المحلية و الدينامية الشاملة

إن هذه الدول المغاربية التي تشكلت عبر التاريخ بتقاطع ديناميات" شاملة" (لنقل أكثر جهوية أو حتى عالمية) و ديناميات أكثر "محلية"، إذا استعرنا مفهمتها عن ماكسيم رودنسن(Maxime Rodinson) نجدها قد كانت تستقي ظروف بزوغها من سياقات سوسيوتاريخية و أنثروبولوجية محددة. أما التعبير الذي ساد فترة طويلة فلا بدّ من البحث عنه في السيرورة التي وصفها و نظّر لها عبد الرحمن بن خلدون، و هو يبدو للوهلة الأولى تعبيرا "محليا" و "داخليا" (endogène). و فعلا تبدو ظاهرة العصبية مرتبطة بشكل كبير بالتشكيلات الاجتماعية الموسومة بهيمنة التنظيم القبلي و أشكال التضامن القرابي و السلالي.

ففي الأوقات العصيبة و فترات ضعف الدول الموجودة (المدن الدول، الإمارات أو الإمبراطوريات حسب السياق)، فإن المجموعات القبلية الأكثر قوة (والمجتمعة في بعض الأحيان في شكل كونفدراليات) أي تلك التي كانت تربطها عصبية جدّ قوية، كانت تقترح حسب مختلف الأشكال، حلا بديلا أو تقدم خلفاء يرفعون للسلطة أسرة مالكة جديدة متمخضة عن أرسطوقراطيتها الخاصة بها. تصبو هذه الظاهرة إلى التموقع في دينامية أكثر شمولية ما دامت هذه العصبية تحتاج، حتى تعبِّر عن نفسها بشكل حقيقي، إلى دعوة (أو عمل دعوي)، و تهييج إيديولوجي مرتبط بالرسالة الدينية

و ينتمي إلى قاعدة اقتصادية تسمح له بتسخير الموارد اللازمة للقيام بهذه العملية على أكمل وجه. ففي العصر الوسيط كان التهييج الإيديولوجي مستوحى من الإسلام من خلال مختلف أشكال الولاء (المأخوذة أيضا عن " الخوارج" (kharéjisme) والشّيعة (le chi’iisme)، أو مذهب السُّنة حسب مخطط "الفعل المحمدي" الذي يقترحه جورج لابيكا (Georges Labica)، و الموارد الاقتصادية المستحوذ عليها في الكثير من الأحيان عن طريق مراقبة المسارات التجارية التي تنعش المنطقة، خاصة التجارة العابرة للصحراء (تجارة الذهب بالدرجة الأولى كما توضحه الدراسات المعاصرة).و قد أدى إلتقاء هذه العوامل المختلفة و إمكاناتها و كذا الظروف المرتبطة بتلك الفترة إلى تحديد نتائج العملية، و أهمية التشكيلة السلطوية الجديدة و قوة الأسرة المالكة الجديدة (والتي تمكنت من الوصول إلى قمة إمارات محلية أو مجموعات أكثر اتساعا ذات توجه إمبراطوري). و دون التوقف كلية عند هذا الحد، فإن هـذه الظاهرة تراجعت حمولتها مع نهاية العصر الوسيط، و بشكل أساسي، بسب استنفاذ التجارة داخل المناطق الصحراوية الذي يعود سببه ربما إلى ندرة الذهب الافريقي، و بالإضافة إلى عامل النهضة الأوربية التي تمكنت من تحويل مسارها انطلاقا من القـرن الخامس عشر من السبل البحرية إلى طرق القوافل التي كان العالم الإسلامي يمثل نقطة تقاطعها الأساسية[6].

و من جانب آخر، سبقت كما رافقت النهضة الأوربية ثم صاحبتها مظاهر توسع مثل الحروب الصليبية و استعادة المسيحيين للأندلس) (La Reconquista في شبه الجزيرة الإيبيرية، ثم الضغط الكبير الذي سبق فترة استعمار بقية العالم، بما في ذلك السواحل المغاربية. و على الرغم من المقاومة التي قامت في ظل حكم العثمانيين في فضاء البحر الأبيض المتوسط و في أغلب جهات المغرب، و الحيوية الظاهرة للسعديين في المغرب الأقصى و كذا شبكة الطرق الصوفية التي انتشرت تقريبا في كل أنحاء العالم الإسلامي و خاصة في البلاد المغاربية[7]، حيث تمت فيها محاولة استبدال تجارة القوافل بظاهرة القرصنة البحرية- و هي ظاهرة لم يكن بالإمكان التصدي لها- ظهر الاستعمار ابتداء من القرنين التاسع عشر و القرن العشرين. فقد دخل الفرنسيون إلى الجزائر سنة 1830، ثم إلى تونس سنة 1881 قبل تقاسم المغرب مع الإسبان كنتيجة لإعلان المحميات سنة 1912. فالمقاومة التي قامت ضد الاحتلال انطلاقا من المدن، و بشكل أكبر من النسيج القبلي و من الزوايا أصيبت بالضعف إلى أن انطفأت تماما مع نهاية القرن التاسع عشر في الجزائر، ثم بعد ذلك بقليل في مناطق مغاربية أخرى كانت حديثة العهد بالاستعمار، و في الوقت نفسه، تم هدم بنيات المجتمع كلية من خلال الغزو الرأسمالي الكولونيالي و الذي تمخض عنه ميلاد فئات جديدة ما لبثت، بعد فترة قصيرة، أن عبّرت عن نفسها من خلال الحركات الوطنية و النزعة القومية.

مشرق - مغرب - دول إقليمية: نقاش حول وجود "أمة عربية"

لا يتعلق الأمر هنا كثيرا بمعرفة ما إذا كانت البلاد المغاربية تشكل جماعة متخيلة و هو أمر طبيعي[8]، بقدر ما يكمن في معرفة ما إذا كانت قادرة على الظهور بوصفها كلاًّ يحمل عنوان أمة، و في حالة ما إذا كان الجواب بنعم، نتساءل لماذا لم تتطور في شكل دولة وطنية تجمع كل المنطقة ؟ فإذا كانت تتميز منذ سالف العصور بوحدة لغوية، و حتى إثنية– دينية و أحيانا سلطوية و سياسية، و هو ما يمنحها بشكل أو بآخر، حقل "للعمق التاريخي" (أنور عبد المالك، و هو بصدد حديثه عن مصر)، و حتى خصوصيات قادرة على الاحالة إلى " نزعة وطنية شعبية في طور التكون" (إيريك هوبزبون / Eric Hobsbawn)، فمن الصعب الاستمرار في الحديث عن أمة بالنسبة لمجتمع لا يزال في المرحلة الزراعية ما قبل - الرأسمالية[9]، و هذا الأمر ينطبق بشكل مؤكد على كل بلدان المنطقة كل منها على حدى.

يبدو للوهلة الأولى أن الأمور لا تختلف كثيرا إذا ما تم البحث عن التموقع على مستوى العالم العربي بأسره مع السؤال الدائم عن وجود أمة عربية كما كان "سمير أمين" يراها بازغة منذ العصور الوسطى مع ظهور طبقة من التجار – المحاربين. و لكن، ألم يكن ذلك مجرد إعادة بناء لاحق مرتبط بتجنيد النزعة القومية العربية مع مطلع القرن العشرين (الشباب العربي، البعث، الناصرية.....) و الذي أدى فعلا إلى ظهور تسميات المشرق العربي و المغرب العربي ؟ ففي كل الأحوال، يبدو أن مسألة وجود أمة أو ببساطة نزعة قومية عربية أُخذت على محمل الجدّ، على اعتبار أن السؤال الذي كان مطروحا دار حول ارتباطها بالدول الوطنية التي ظهرت للوجود فعليا.

و من ثم كان بالإمكان تفسير هذه الظاهرة باقتراح وجود أمة "مزدوجة الرواق" أو "بطابقين" (ماكسيم رودنسن، أنور عبد المالك). بقي سؤال آخر يُطرح يتعلق بمعرفة سبب غياب التقدم نحو ظهور دولة "عربية موحدة" و لماذا باءت بالفشل كل محاولات الانصهار التي شُرع فيها ؟ وكيف يمكن تفسير استمرارية الدول الاقليمية التي تعود إلى التقسيم الاستعماري و أحيانا أيضا تلك التي كانت تسبقه بسبب نزعات شتى. و هذه هي حالة البلاد المغاربية التي تهمنا في هذا المقام ؟ ألا يحيل هذا الأمر إلى متخيلات متراصة أو متقاطعة و حاملة في الوقت ذاته لنزعات وطنية اقليمية، لقومية عروبية، و متغيرات أخرى كتلك التي هي لصالح الوحدة المغاربية ؟ هذا، في حين أن ما يمكننا ملاحظته، هو أنه على المستوى الماكرو يبدو أن موضوع الوحدة العربية قام، و لفترة طويلة بتهميش موضوع الوحدة المغاربية. حتى أن جامعة الدول العربية تمكنت بالرغم من تقاعسها تكوين نوع من الرؤى في بعض الفترات من تواجدها، و ذلك بلا شك من خلال النزاعات في الشرق – الأوسط و القضية الفلسطينية و لكن أيضا من خلال نشاط تيارات سياسية كالبعث أو الناصرية و التي لم يكن لها مثيلا في البلاد المغاربية، حيث كان "اتحاد المغرب العربي"(UMA) غير قادر حتى على تسيير هيئاته القانونية. أضف إلى ذلك أن صخب المراسيل الذي وقع في بداية القرن والذي كان مصدره اللجنة التي نشطها الإخوة باش حامبة، وتأسيس نجم شمال إفريقيا سنة 1926 بباريس أو الحركة الناشطة للجنة تحرير المغرب العربي التي برزت في الأربعينيات و الخمسينيات، و التي كان يرأسها في القاهرة عبد الكريم الخطابي، مع محاولة خلق، في الوقت ذاته، و في الفترة الممتدة بين سنتي1955 و1956 جيش تحرير المغرب، لم تكن سوى مبادرات مجهضة لتصوّر إفريقيا الشمالية موحدة على المستوى السياسي. و على الرغم من علامات التضامن، فإن أهم المقاومات تمت بصفة منفردة بالنسبة للبلدان المغاربية، منذ المقاومة التي قام بها في الجزائر الأمير عبد القادر في النصف الأول من القرن التاسع عشر، و حتى انتفاضة الريف المغربي مع عبد الكريم من سنة 1921 إلى غاية سنة 1926، و في ثورات التحرير التي انتهت بالاستقلالات الوطنية.

وحدة و تنوع : المرجعيات الهوياتية و النزعات الوطنية في طور التكون و التواريخ الوطنية

بالرغم من فشل المحاولات العديدة لتحقيق الوحدة المغاربية، إلا أنه كان بوسعها أن تنجح في ظل ظروف مغايرة. فهناك عوامل كثيرة مساعدة بشكل موضوعي، كالمرجعيات الهوياتية الموروثة التي كانت تقرب مختلف النزعات الوطنية التي في طور التكون (تنافد اللغات المنطوقة البربرية و العربية فيما بينها، الاسلام والذاكرة المشتركة....)،الجوارية الاقليمية، و التاريخ المتداخل، حتى لا نقول المشترك منذ غابر الأزمنة و حتى مجابهة الاحتلال المعاصر. فالتاريخ لا يبنى بالعد التنازلي ، او بـ "إذا" و "ربما"، و على عكس الظاهر، لا تمثل البلاد المغاربية على المستوى الاجتماعي مجموعا منسجما بشكل كامل، وذلك بسبب طبيعة التقسيم السكاني، إذ يعيش بعضهم في السهول و الجبال، و السهوب

و الصحراء، في حين يعيش بعضهم الآخر في المدينة و في الريف، كما يعود السبب أيضًا إلى بنيات اجتماعية أخرى متباينة. و دون الوقوع في الحتمية الجغرافية، فإن التوجهات المركزية يجب أن تواجه بشكل مستمر التنافرات المركزية المختلفة.

هذا الأمر سهَّل، بدون شك، من وجود الجماعات، ثم التشكيلات الدولية المتعددة، إلى حدِّ أنه أثناء فترات الاندماج في الإمبراطوريات الأكثر اتساعاً، لم توجد إدارة مركزية و موحدة. فالاستعمار الفرنسي -حتى بعد أن استقر مع الاسبانيين في المغرب الأقصى- احتفظ عموما بالنسبة لمناطق إفريقيا الشمالية التي احتلها في البداية، بالتقسيمات نفسها المتمخضة عن سقوط الدولة الموحدية في القرن الثالث عشر، وهي التقسيمات نفسها تقريبا التي سبق تبنيها من قبل، خلال الإيالات العثمانية و إيالة الجزائر، تونس، طرابلس و المملكة المغربية. عند العودة بعجلة التاريخ إلى الوراء نجد أن الجغرافيين العرب لم يميزوا، كما أشرنا إليه، بين المغرب الأدنى و المغرب الأوسط

و المغرب الأقصى، و لم تتبين لهم منذ العصور البربرية و الرومانية الحدود الموجودة سلفا بين نطاق قرطاج، الممالك النوميدية و الموريطانية ! و نحن لا نحتاج إذن إلى الذهاب بعيدا، بما أن الأمة، ظاهرة مرتبطة بالعالم الحديث. فإذا كان الوطنيون يوظفون الماضي بوصفة أداة، فإنهم يقومون بذلك بطريقة انتقائية و مبالغ فيها من الناحية التخييلية مع إطلاق العنان لمخيلتهم في سبيل تحقيق أوهامهم و تطلعاتهم فمقارباتهم التي تتميز في الكثير من الأحيان بالصبغة الغائية و اللازمانية

و تُذكر في الكثير من الأحيان في كتب التاريخ المدرسية "الوطنية" و غيرها من المؤلفات، يجب أن تكون محل دراسة و نقد.

هل شكلت البلاد المغاربية يوما أمة واحدة ؟ حول لغة الطباعة و الرأسمالية

دون تغيب المقاربات "المثالية" أو "الذاتوية" للأمة (فيخت Fichte، رينان Renan) و "المادية" أو "الموضوعاتية" (الماركسية بمختلف اتجاهاتها)[10] استطاعت جملة من العوامل المشتركة حسب بنديكت أوندرسون المساهمة في وضع مخيال وطني. و قد لفت انتباهنا عاملان اثنان من بين تلك العوامل: وجود لغة محلية مطبوعة و وجود الرأسمالية، مع ترابط تأثيراتهما. فقد عرفت الصين و كوريا على سبيل المثال الطباعة قبل انتشارها في أوربا في القرن الخامس عشر، ولكن ذلك لم يؤد إلى ظهور شعور وطني في هذه البلدان.

لقد عرفت البلدان المغاربية هذين العاملين في الوقت نفسه تقريبا، و لكن غالباً في ظل الهيمنة الكولونيالية، أي انطلاقا من القرن التاسع عشر . فإذن، ماذا كان أثر ذلك على البلاد المغاربية ؟

  1. للرأسمالية الكولونيالية، التي لن نقف عندها طويلا، خصوصياتها. فإذا كانت تهدم التشكيلة الاجتماعية الموجودة سلفا، فإن أثارها ليست هي ذاتها في أوربا، ذلك أنها تتمخض عن القليل من الصناعات المحلية و لا تسمح بحركية كبيرة للأجراء، البضائع و بالتالي للأفكار. و هو ما يفسر نسبيا وظيفة قانون الأهالي (الأندجينا) الذي أعاق طويلا حركة الأشخاص داخل المستعمرة، و أثقل من حركة الهجرة حسب مصالح الحاضرة.
  2. لم تستفد اللغات المحلية دوما من الطباعة بما أن اللغة العربية كانت مهمشة في النظام التربوي و الأمازيغية أكثر منها لعدم توفرها على تقليد للكتابة.
  3. تتميز اللغة العربية من جهة أخرى باستخداماتها المزدوجة، و هو الأمر الذي يعقد دمقرطة "الثقافة الراقية" (La haute culture)(إ.غيلنر، (E.Gellner خاصة في وضعية الاضطهاد الكولونيالي التي تتميز بالضعف النسبي لتمدرس السكان الأصليين، و التثاقف الناتج عن النظام التربوي.
  4. لم يكن التسيير الإداري و السياسي للمستعمرات يسمح بحركية كبيرة للنصوص التي لم تكن مكتوبة باللغة الفرنسية (أو باللغة الإسبانية بالنسبة لشمال المغرب)، و قد كانت الكتابات باللغة الفرنسية تأتي عموما من الحاضرة، و لم تكن تعني الأهالي ( مع الأخذ دوما نسبة التمدرس بعين الاعتبار(، هذا بالإضافة إلى عوامل الرقابة. و لم تكن الصحافة الأهلية عند تواجدها تحظى بانتشار واسع (إلا في بعض الظروف) وهي أقل مقروئية في البلدان المجاورة. و هذه بطبيعة الحال، حالة كل الأدب المكتوب أيضا.
  5. فإذا كان هناك نوع من حركية الأشخاص: تجار، و موظفون، و طلبة استقطبهم جامع الزيتونة بتونس، أو القرويين بفاس، أو جامعة الجزائر، و أيضا عمال موسميين (أو غيرهم)، فإن التدفق كان متجها أكثر نحو الحاضرة (بعد الحرب العالمية الأولى على وجـه الخصــوص)، و هذا ما يفسر لقاء المفكرين الوطنيين خصوصا بفرنسا (حيث تم إنشاء نجم شمال إفريقيا سنة 1926 و جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا(AEMA) سنة 1927). و كان الأمر نفسه بالنسبة لحركية البضائع المقتصرة أيضا، في غالبها، على حركة المرور بين الموانئ الفرنسية ) بما فيها مرسيليا( و كل واحدة من المستعمرات.
  6. حركية الكتابات باللغة العربية و قراءاتها و كذا المفكرين، كانت تتجه نحو الشرق الأوسط )حتى و إن كانت تونس تشكل مركز وصل(.

لم يكن هذا الأمر يساعد دوما على نضوج وعي مغاربي تحمله اللغة العربية، و إنما أفكار تدعو إلى الوحدة العربية و الوحدة الإسلامية. و هكذا، فإنه إذا وجد منذ بداية القرن و على منوال نموذج " الشباب الأتراك " حركات " الشباب العرب"، " الشباب التونسيون"، " الشباب الجزائريون" أو " الشباب المغاربة" فإنه لم تكن هناك حركة " الشباب المغاربيون".

  1. بعد إعلان الاستقلال، بقيت الحدود الفاصلة بين الدول الوطنية منغلقة على ذاتها في الغالب، و كل بلد يسعى إلى بناء ثقافته الخاصة و تاريخه الوطني الخاص مع الزيادة في حدّة الخصوصيات، بالرغم من كون الحامل اللساني المطبوع ( عربي أو فرنسي) عاملا مشتركاً، فكل جامعة من الجامعات كانت في اتصال مع فرنسا أو الغرب، و بأقل درجة مع الشرق الأوسط (حيث كان هناك تعاون طويل في مجال اللغة العربية)، و قلماّ كان هناك اتصال مع البلدان المجاورة.
  2. و إذا أضفنا إلى هذا المنافسات العديدة بين الدول و الخصومات السياسية، فسيتوضح بشكل أكبر سبب غياب فضاء كاف لإقامة متخيل مغاربي مشترك.

خاتمة مؤقتة ...

هل بإمكاننا الختام إذن؟ لقد لفت انتباهنا محوران يمكن تسجيلهما كالآتي:

  1. " أزمة المعنى و إنتاج المعنى" في حقل العلوم الاجتماعية خصوصا، عندما لا يتمكن الجامعيون ببلداننا من بناء ( أو إعادة بناء ) موضوع " البلاد المغاربية"، ذلك أن الكل منغلق في بنائه الوطني، و في اقتراح مقاربات انقسامية مرتبطة بالضرورة بإيديولوجيا " مجموعة علمية دولية" ( في الواقع، دوماً مرتبطة بالخارج)، و التي تتكفل بإرسال المفاهيم و الأفكار إلينا ( نقول هذا دون الإساءة إلى زملائنا الأجانب، و دون السعي إلى خلق قومية مغاربية للفكر أو البحث).
  2. أما المحور الثاني فهو يثير مسألة الهوية، ويقترح التفكير حول شروط الانتقال " من الجماعة إلى المجتمع و من المجتمع إلى الفرد- المواطن، و من الاقتصاد الوطني إلى الاقتصاد الدولي، و من التقليد إلى الحداثة...". برنامج واسع، و ضروري لا بد من الوصول إلى أبعد حدّ فيه لإعادة بناء علاقتنا بالدول الوطنية الموجودة في البلاد المغاربية، و في منطقة البحر الأبيض المتوسط، و في باقي أنحاء العالم، و نحن هنا فقط نقترح فكرة يجدر التفكير فيها : ظهور دولنا الوطنية ضمن لنا تحصيل جنسية، حيث لم نكن إلا " أهالي مسلمين" في إمبراطورية استعمارية. فكيف لا نغرق في " خيبة أمل وطنية" كما عبَّرت عنها ( هيلي بجي،Helé Beji) من خلال إنتاج قانون للمواطنة التي ستفتح لنا آفاقا جديدة؟ وهل يمكننا فعلا، على سبيل المثال، أن نرى في البناء الأوربي الناشئ منذ منتصف القـرن العشـرين، نوعا من " المستقبل السابق" بالنسبة للمجتمعات المغاربية؟ و هل سنتمكن من اللحاق بالدرب في هذا العالم الذي يعرف تغيرًا مستمرًا؟ هل سنتمكن من اختراع شيء آخر غير الحنين إلى النزعة الجماعاتية التي ورثناها عن الماضي، و التي أصبحت في أزمة بسبب خروقات النزاعات الوطنية الاقليمية و حركة الشوملة التي تخضع لها كل دولة من دولنا ؟ خاصة وأنها شوملة غير متحكم فيها و غير مشتركة بيننا.

بيبليوغرافيا

Abdelmalek, A. (1972), La Dialectique sociale, Paris, Ed. du Seuil, 480 p.

Amin, S. (1976), La Nation arabe, nationalisme et lutte de classes, Paris, Ed de Minuit, 157 p.

Anderson, B. (1996), L’imaginaire national. Réflexions sur l’origine et l’essor du nationalisme, Paris, La Découverte, 213 p. et 2002, 320 p.

Anderson, P. (1978), L’État absolutiste, Paris, Ed. François Maspéro, (2 volumes).

Beji, H. (1982), Le désenchantement national. Essai sur la décolonisation, Paris, Ed. Maspéro.

Berque, J. (1978), L’intérieur du Maghreb, XVe-XIXe siècles, Paris, Ed. Gallimard, 552 p.

Berque, J. (1974), Maghreb, histoire et société, Gembloux/Alger, Duculot-SNED, 227 p.

Berque, J. (1982), Ulémas, fondateurs, insurgés du Maghreb, Paris, Ed. Sindbad, 297 p.

Braudel, F. (1979), Civilisation matérielle, économie et capitalisme XVe-XVIIIe siècles, Paris, Ed. Armand Colin, Paris (3 volumes).

Braudel, F. (1966), La Méditerranée et le monde Méditerranéen sous Philippe II, Paris, Ed. Armand Colin, 2 volumes.

Camps, G. (1983), « Comment la Berbérie est devenue le Maghreb arabe », in Revue de l’Occident musulman et de la Méditerranée, n° 35, 1er semestre.

Collectif, Encyclopédie de l’Islam, Paris-Leiden, Ed. Maisonneuve et Larose, (Á partir de 1965).

Collectif, Islam et politique au Maghreb, Paris, CRESM-CNRS, 1981.

Dawn, E-C. (1973), From Ottomanism to Arabism: Essays of the Origins of Arab Nationalism, Chicago-London, University of Illinois Press.

Gallissot, R., et Badia, G. (1976), Marxisme et Algérie, Paris, collection 10-18.

Gallissot, R. (2000), Le Maghreb de traverse, Paris-Alger, Ed. Bouchène.

Gallissot, R. (1982), Maghreb, Algérie, classes et nation, Paris, Ed. Arcantère, (2 volumes).

Gellner, E. (1983), Nations et nationalisme, Paris, Ed. Payot.

Harbi, M. (1992), L’Algérie et son destin, croyants ou citoyens, Paris, Ed. Arcantère.

Hobsbawn, E. (1992), Nations et nationalisme depuis 1780, Paris, Ed.Gallimard.

Julien, C-A. (1966), Histoire de l’Afrique du Nord, Algérie, Tunisie, Maroc, Paris, Ed. Payot (2 volumes).

Labica, G. (1968), Politique et religion chez Ibn Khaldoun. Essai sur l’idéologie musulmane, Alger, SNED.

Lacheraf, M. (1965), L’Algérie, nation et société, essai, Paris, Maspéro, (354 p.), Alger, SNED, 1978, (332 p.).

Laroui, A. (1970), Histoire du Maghreb, Paris, Maspéro.

Laroui, A. (1993), Les origines sociales et culturelles du nationalisme marocain (1830-1912), Casablanca, Centre culturel arabe.

Remaoun, H. (1990), « Du Mouvement national à l’État indépendant : le couple unité maghrébine-Unité arabe dans le discours politique algérien », in Revue Algérienne des sciences juridiques, économiques et politiques, Vol. XXVIII, n°3.

Remaoun, H. (1987), « Le fait maghrébin dans le mouvement socio-historique : Contribution à une critique de l’approche essentialiste », in Revue Algérienne des Sciences juridiques, économiques et politiques, Vol XXV n°2.

Rodinson, M. (1977), Marxisme et Monde musulman, Paris, Ed. du Seuil.

Valensi, L. (1969), Le Maghreb (1790-1830) avant la prise d’Alger, Paris, Flammarion, (Tunis, Cérès Ed, 2004).



ترجمة :

الهوامش

* صدر هذا المقال باللغة الفرنسية في مجلة إنسانيات، العدد 47-48، جانفي-جوان 2010 بعنوان:

« Le Maghreb comme communauté imaginée ».

 [1]هذا النص هو نسخة تم تعديلها لمداخلة في ملتقى دولي حول الجماعات المتخيلة في مجال البحر الأبيض المتوسط ،تم تنظيمه في 22 و 23 جانفي 2010 من طرف وحدة البحث " دولة، مجتمع و ثقافة" بمعهد الحقوق و العلوم السياسية بتونس بدعم من مؤسسة هانز سيدال المغرب.

 [2]حتى لا نخرج عن إطار الأنجلوساكسونيين، نذكر هنا بالإضافة إلى بنديكت أوندرسن، إرنست غيلنر و إريك هوبزباون.

 [3]بالفعل، كانت البلاد المغاربية مقسمة في بعض الفترات التاريخية إلى المغرب الأدنى ( المغرب القريب و المتمثل تقريبا في ليبيا و في إفريقية أو تونس الحالية)، المغرب الأوسط ( المغرب الوسيط أو المركزي) و المغرب الأقصى و الذي كان يتواجد في البداية فيما يعرف حاليا بالمغرب ( المغرب الأقصى).

[4]سنذكر أيضا الحفصيين، الزيانيين و المارنيين و التي كانت عواصمهم على الترتيب هي تونس، تلمسان، و فاس.

 [5]و من المعروف الاهتمام الذي يكنه الفكر السلفي لهذه الفترة الموحدية التي تعتبر فترة كلاسيكية بامتياز في البلاد المغاربية، حيث بدأ الانحطاط حسب المفكرين من أمثال مالك بن نبي أو علال الفاسي، مع الفترة " ما بعد-الموحدية".

 [6]من بين هذه الطرقات الرئيسية الخاصة بالقوافل يمكن ذكر تلك التي كانت تؤدي إلى الشرق الأوسط و التي كانت تربط تلك المنطقة بالصين ( عبر آسيا الوسطى)، فيما يتعلق بالحرير، و بالهند و المحيط الهندي فيما يخص التوابل، و بطبيعة الحال تلك التي كانت تربط إفريقيا جنوب الصحراء بالبلاد المغاربية، فيما يتعلق بالذهب أيضاً.

[7]و التي اهتم بها أيضاً جاك بيرك، و كذا جمعية العلماء.

 [8]و لقد سجلت بنديكت أندرسن أنه " في الحقيقة، بعيدا عن القوى المركزية، حيث المواجهة منضبطة ( أو على الأقل...) فلا وجود إلا للجماعة المتخيلة. فالجماعات لا تتميز بزيفها أو عراقتها، و لكن بالأسلوب الذي يتم تخيّلها من خلاله" ينظر، المرجع السابق، ص 20.

 [9]تتفق كل من مقاربة غيلنر، هوبزباون، أوندرسون و غيرهم حول هذه النقطة و هي تتفق أيضا مع المقاربة الماركسية التي تربط بين ظهور الأمة من جهة، ووجود بورجوازية تجارية و صناعية، من جهة أخرى.

 [10]من لنين و روزا لوكسوبورغ إلى ستالين و إلى غاية "أطروحات العالمية الثالثة" (Thèses de la IIIème internationales) دون نسيان تلك التي تم الدفاع عنها من طرف الماركسية النمساوية (L’austro-marxisme) التروتسكية (trotskysme). ينظر النقاشات المتعددة التي دارت حول موضوع الماركسية و المسألة الوطنية.

Text

PDF

العنوان

ص.ب 1955 المنور ، القطب التكنولوجي إيسطو - بئر الجير 31000 وهران، الجزائر

هاتف

95 06 62 41 213 +
03 07 62 41 213 +
05 07 62 41 213 +
1 1 07 62 41 213 +

فاكس

98 06 62 41 213 +
04 07 62 41 213 +

دعم تقني

اتصال