حرب الغزو الاستعماري و التطورات التقنية العسكرية
يعد الاستعمار الفرنسي للجزائر العام 1830 بعثة عسكرية في قمة العنف، دشنّت مرحلة جديدة في أساليب الحروب الاستعمارية. و هكذا، سواء تعلق الأمر بفترة إعادة العرش (ماي 1814 - جويلية 1830) أو ملكية جويلية (جويلية 1830 - فيفري 1848) فكلاهما منحتا المبعوثين الفرنسيين كل الصلاحيات للقيام في الجزائر بعمليات غزو عسكري، و في الوقت ذاته، التكفل بمسألة التسيير السياسي العسكري للأقاليم التي كانوا يحتلونها.
و لم يكن الأمر يتعلق مطلقا، في البداية، بمشروع بعثة علمية أو أثرية، كتلك التي تمت في مصر (1798-1801) بإشراف نابليون أو في موريا (1829) بإشراف الملك شارل العاشر، و إنما مع تقدم احتلال المدن الساحلية، بلغت مفاجأة قادة البعثات بالتراث الأثري الذي يمتلكه هذا البلد أوجها، حيث كان هذا التراث غاية في الأهمية. و هو ما شجع فكرة مواصلة التغلغل العسكري من خلال عملية الاستكشاف العلمي التي تم تفويض مهامها بشكل كبير إلى ضباط من السلك التقني للجيش، و بالخصوص "السلاح العالم" بامتياز و المتمثل في الهندسة العسكرية.
"سلاح عالم" : الهندسة العسكرية
حتى و إن كان الحدث العسكري هو السائد قبل كل الاعتبارات الأخرى في الحملة العسكرية المرسلة إلى الجزائر، فإن فكرة الاستكشاف العلمي كانت قد جاءت فقط عندما جاب الجيش ربوع البلاد و استشعر ضخامة الثروة الأثرية. و هو الأمر الذي دفع ضباط الهندسة العسكرية الأوائل إلى الاهتمام عن قرب بجرد المعالم الأثرية، و خاصة المساهمة في تقنيات الاستطلاع الميداني. فقبل وصول الحملات العسكرية، تقوم الفرق الطوبوغرافية بمعاينتها، قصد التعرف على الأماكن القديمة للاستيطان الروماني... مع هذا، و بالموازاة مع هذه العمليات الطوبوغرافية، كان ضباط من الهندسة العسكرية و مهندسون جغرافيون يسجلون المواقع الأثرية، و الآثار المغليثِّية و يقومون بجرد النقوش و مسارات الطرق العسكرية الرومانية التي كانوا يصادفونها في طريقهم:" من ثمة، يمكن تفهم الإسهامات العديدة التي أضافها العسكريون لعلم الآثار، و أنه بشكل معكوس يكون بربريجر (Berbugger)، ماك كارتي (Mac Carthy) و أمثالهم، على دراية عالية بالحقائق المحلية"[1] .
المهندسون العسكريون يخترعون صورة جديدة للمدينة: بناء صورة المدينة « Imago Urbi »
لقد طورت القوى الأوروبية جنبا إلى جنب ( فرنسا، إسبانيا، بريطانيا العظمى) مند القرن السابع عشر، سواء على مستوى أقاليمها الوطنية أو ممتلكاتها الاستعمارية، فن رسم الخرائط و فن التحصينات[2] . فالتقنيات المتمثلة في الاستقصاء مثلا، و المسح الطوبوغرافي و رسم الخرائط تحسنت بشكل كبير و ساهمت كثيرا، ليس فقط في مجال العلوم العسكرية، بل لعبت أيضا دوراً مصيرياً في تطور التمثَّلات المرئية للمدينة.
و بالإشارة إلى هذا الجانب ، ترى مارتا. بولاك (Martha . D. Pollak) أن " المخططات التي قام بإنجازها و إعدادها المهندسون المعماريون العسكريون قد لعبت دوراً حاسماً في فهم المدينة بوصفها هيئة. و عموما، فإن هذا التجريد الوفي أصبح بمثابة أداة قوية تستخدم في التحكم و في تغيير الشكل الحضري من طرف المهندس أو المهندس المعماري"[3] .
فغداة نزول قوات الحملة الفرنسية بالجزائر، كلفت مصلحة الهندسة العسكرية بإنجاز أولى المخططات الخاصة بالمدن المحتلة. و فعلا، حظيت عملية رسم مخططات المدن باهتمام بالغ من طرف البعثات الفرنسية، كونها أداة عمل لا غنى عنها في معرفة استراتيجية المواقع الحضرية سواء من الناحية الدفاعية أو من ناحية السيطرة العسكرية. و هكذا تم على سبيل المثال سنة 1830 رسم مخطط لمدينة الجزائر من طرف النقيب مورين (Morin) ، يليه مخطط بولي (Pelet) سنة 1832 بمقياس 25000 /1 ، أما بوهران، فكانت مديرية الهندسة العسكرية تحت قيادة سافار (Savard) تجمع مختلف الأسلاك التقنية لجيش الهندسة: المهندسون الجغرافيون، الطوبوغرافيون و المختصون في مسح الأراضي (géodésie) ، ومهندسون مختصون في التحصين ... إلخ. و قد كان أول مخطط للمدينة استخدم من طرف قيادة الهيئة البعثية هو المخطط الذي قام بإنشائه بصورة مقتضبة بوهران في جانفي 1831، و باستخدام الوسائل المتوفرة، النقيب لوفيت (Levet) بالتعاون مع مساعده شافو(Chavot) . و في السنة نفسها، قام بيرار (A. Bérard) بإنجاز مخطط الإرساء لخليج وهران[4] متبوعا في السنة الموالية أي في سنة 1832، بمخطـط المهندس المدنـي بيزيرات (Pézerat) الذي كان أول مدير لمصلحة الجسور و الطرقات بوهران[5].
أما فيما يخص مخطط بيزيرات، يشير ليسباس (R. Lespèse) إلى مقارنة مع مخطط للمدينة الإسبانية القديمة لوهران و التي يفوق عمرها القرن من الزمن، موضحاً أنه" داخل حدود الحصن و من ثمة على الضفة اليسرى من الوادي، لم تحدث أية تغيرات في رسم حدود الطرقات التي بقيت خطوطها هي ذاتها إلى غاية أيامنا هذه" [6] .
و في سنة 1834 تم نشر خريطة ضواحي وهران و مرسى الكبير بمقياس 1/ 12500، و منذ ذلك الحين تلتها مخططات أخرى للمدينة و خرائط للضواحي كتلك الصادرة سنة 1840، إضافة إلى مخطط ضواحي وهران بمقياس 1/25000.
تطبيق التقنيات العسكرية في التهيئة العمرانية
و هكذا سرعان ما أصبحت مخططات المدن، بوصفها أدوات معاينة للمعطيات الطوبوغرافية للمواقع العمرانية، أداة ثمينة في عمليات التهيئة العمرانية بغية تحقيق أغراض عسكرية (الرصف، التسوية، التوسيع... إلخ).
فأول قائد في الهندسة العسكرية كلف في وهران بإنجاز أول مخطط تهيئة معمارية ذو طابع عسكري هو النقيب لوفريت (Levret) و نذكر أنه كان قد ساهم، بالتعاون مع المهندس المدني بيزيرات، في إنجاز مخططات الرصف و التسوية. و قد كان خلف سافار (Savard) على رأس مديرية الهندسة العسكرية قائد الكتيبة فوبان (Vauban)، و أقل ما يمكن قوله عنه هو أنه كان اسمًا لامعًا سواء في مجال عمليات التمتّين أو في مجال أشغال التهيئة العمرانية.
هذا، في حين استمرت المصالح المدنية، و مصلحة الجسور و الطرقات، و مصلحة البناءات المدنية و الطرقات في إنتاج رصيد وثائقي خرائطي ثري و متنوع حول المعطيات المادية للمواقع العمرانية، و ذلك في إطار المهام الموكلة إليها[7].
في هذا السياق، وضع أوسكار ماك كارثي (Oscar Mac Carthy)، المهندس جغرافي في جهاز الهندسة العسكرية، كل خبرته بوصفه رساما و مختصا في رسم الخرائط ، انطلاقا من سنوات 1860، في تعميم مخططات المدن الجزائرية الكبرى ، مثل مدينة الجزائر (مخطط بمقياس 1/5000 سنة 1862، و 1/15000 في سنة 1866)، قسنطينة (مخطط بمقياس 1/10000 سنة 1866) و مدينة وهران (مخطط 1/10000بمقياس سنة 1866) لينجز بذلك دليلاً للرحلات داخل الجزائر في القرن التاسع عشر[8].
و لكن الشخص الذي ساهم من خلال أعماله الجغرافية في تجسيد تمثيل لمدينة وهران وضواحيها، هو دون أدنى شك الضابط ديريان (Derrien)، الذي أنجز سنة 1874 خريطة جدّ هامة لمدينة وهران و ضواحيها بالألوان. خريطة يعود إليها الفضل في إظهار التصور المجالي للمدينة و ضواحيها قبل التغيرات العمرانية الكبرى التي طرأت عليها في القرن العشرين[9].
إعادة قراءة الماضي الاسباني العسكري للمدينة
شكلت مدينة وهران و ميناءها بفعل ماضيهما المتمثل في كونهما مركز قوة أستُعمر لأكثر من ثلاثة قرون من طرف قوة غربية تمثلت في اسبانيا (1505-1708، ثم 1732-1792)، موضوع عدة دراسات وصفية قام بها مراقبون أوربيون : رحالة، و عسكريون، و أسرى، و علماء الطبيعة، و رجال دين، و قناصل... إلخ : ليون الإفريقي (Léon l’African) (1550)، لويس مارمول-كارافاجال (Louis Marmol-Caravajal) (1573) دييقو سواراز كورفين (Diego Suarez Corvin) (1664)، الماركيز دي لاقاناز (Marquis de Léganés) (1665)، دون بيدرو دي كويبا (Don Pedro (de la Cueba (1732) ، دون أنطونيو كلايانا (Don Antonio Clariana) (1733)، دون ألونسو كاماشو (Don Alonso Camacho) (1774)، جون بييسونال (Jean Peysonnel) (1759-1694)، روني لويس ديسفونتان(René-Louis Desfontaines) (1750-1833)، توماس شو (Thomas Shaw) (1691 ( ?)-1794) ، دون لويز دويال (Don Luis Roèl) (1789). و لم يغفل أي منهم الإشارة، في رحلاته، إلى الأهمية الاستراتيجية لهذين الموقعين.
و عليه، فإن هذين الموقعين لفتا انتباه ضباط الهندسة العسكرية الفرنسية، الذين كانوا يرون في المنشآت المحصّنة التي أنجزها الإسبان الذين سبقوهم، دليلا على ارتقاء العلوم العسكرية الفرنسية، بما أن كل الإنجازات الدفاعية تلك، أعيدت من جديد خلال القرن الثامن عشر حسب المبدأ الذي وضعه المنظِّر الفرنسي فوبان (Vauban).
كل شيء في المدينة كان يذكر بالوجود الاسباني في الماضي القريب الذي لم تتمكن من محوه الحقبة الثانية (1792-1831) و هي الحقبة التي استرجع خلالها الجزائريون المدينة.
البحث عن وثائق أرشيفية حول المدينة
لابد من الاشارة أنه مع وصول الجنرال بيليسي (Pélissier) إلى قيادة المقاطعة العسكرية بوهران عرفت المبادرات الفردية و الجماعية للبحث عن تاريخ تحصينات وهران و ماضيها العسكري اهتماما بَالِغّا. و قد كان من البديهي، أنه في غياب جمعية عالمة أو مؤسسات أكاديمية، في تلك الفترة، أن تكون قيادة الهندسة العسكرية هي الهيئة الوحيدة التي بإمكانها التكفل بجمع الوثائق الأرشيفية و الخرائطية.
وفعلا، منذ بداية سنوات 1850، وضعت القيادة الهندسية حصيلة أعمال التحصين الموروثة عن الحقبة الاسبانية، و حررت "تقرير حول كل الأعمال المنجزة حول ساحات وهران و مرسى الكبير"[10]. و في المضمار نفسه، قام الكولونيل تربيي (Tripier) و هو مدير التحصينات بوهران، من خلال استخدام أرشيف الـقيادة، بتحرير "مذكرته العسكرية حول ساحة وهران" و هو عمل ضخم يتألف من 405 صفحة. و الدليل على هذا الاهتمام هو القصة الفريدة لهذه الوثيقة الأرشيفية الاسبانية المرتبطة بالتاريخ العسكري لوهران و التي، في غصون سنوات 1850، أرسلت من مدريد من طرف النقيب هارموا ( Harmois ) الملحق بالسفارة الفرنسية، إلى الجنرال بيليسي (Pélissier)، قائد المقاطعة العسكرية لناحية وهران الذي أوكل ترجمة هذه الوثيقة إلى اثنين من أقرب مساعديه و اللذان كانا كليهما ضابطين في الهندسة العسكرية: مساعده في المعسكر النقيب كاسان (Cassaigne)، و النقيب لاشو دي لوكيسي (Lachaud de Loqueyssie).
تم الفراغ من ترجمة المذكرة في شهر أوت من سنة 1851، مع إعطاءها عنوانا فرنسيا تمثل في:
« Exposé général de l’établissement complet de l’importance et de l’état actuel de défense des places d’Oran et de Mers-el-Kebir ».
و في الواقع، كان الأمر يتعلق بنسخة أنجزت انطلاقا من مخطوط باللغة الاسبانية كان محتفظا به في أرشيف وزارة الحربية بمدريد، مؤرخ في 31 ديسمبر 1772.
كان يرى هنري-ليون فاي (Henri Léon Fey)، الموظف المدني بـقيادة الهندسة لمقاطعـة وهران، و الذي كان على علم بالأمر خلال سنة 1851، أنه "من الواضح أن من قام بتحريرها هو جنرال إسباني من جيش الهندسة أثناء عملية تفتيش ساحة وهران"[11]. و قد كان في الواقع أول من تفطن للأهمية التي كانت تمثلها هذه الوثيقة الحصرية للأركيولوجيا العسكرية و التاريخ المَعْلَمي للمدينة أثناء الفترة الاسبانية، و نظرا أيضا لكمِّ المعلومات التاريخية التي كانت تحتويها.
لقد أوحت هذه المذكرة لـ هـ.ل.فاي (H.L.Fey) بفكرة كتابة مؤلف حول تاريخ مدينة وهران.
و بالإضافة إلى المصادر الوثائقية و الأرشيفية، أدرج فاي (Fey) شهادات أشخاص كانوا لا يزالون على قيد الحياة سنة 1850، من أمثال بيار مولان (Pierre Moulant)، و شوفالي دي تورسي (Chevalier de Torcy)، الذي كان قد خدم في حكم الاسبانيين بوهران، و خوان توريغروسا (Juan Torregrossa)، الذي كان يبلغ من العمر خمسة عشر سنة العام 1790 و الإمام السابق للباي محمد الكبير. و قد نشر كتابه سنة 1858 و المعنون "تاريخ وهران، قبل، أثناء و بعد الهيمنة الاسبانية".
و يقول بشأن الدافع الذي جعله يكتب هذه الصفحة من تاريخ وهران:" لمساعدة الباحثين في المستقبل قمنا، بشكل ديني و بعناء شديد بجمع و تصنيف المواد المبعثرة و الضرورية لاستكشاف الأزمنة الأولى لهذه المدنية المميّزة"[12].
و لكن هذه الوثيقة كانت قد بقيت، قرابة سبعين سنة، لا تحمل إسما لأي مؤلف. و هكذا، كان لابد من انتظار سنوات 1920، حتى يتمكن جون كزيناف (Jean Cazenave) من الكشف عن إسم صاحبها الحقيقي و ذلك إثر أبحاث قام بها في المكتبة الوطنية بباريس. يتعلق الأمر بالكولونيل الإسباني قائد سلك ضابط الهندسة العسكرية، "دون ارنلدو هونتابا" (Don Arnaldo Hantabat) صاحب المذكرة الموسومة ب:
« Relación general de la Consistencia de las Palazas de Oran y Mazarquivir (el 31 de deciembre 1772) »[13].
و مع هذا، و بضربة حظ أو خطة سياسة مدروسة، كانت وزارة الحربية قد كلفت في الفترة نفسها أحد موظفيها المدنيين، مالشيور تيران (Melchior Tiran) بجمع الكتابات التي تحيل إلى هيمنة العرب بإسبانيا و خاصة تلك المتعلقة باحتلال الاسبانيين للسواحل الإفريقية، كما أنه كلف أيضا بالاهتمام بالأحداث المختلفة التي وقعت في تاريخ حروب القرنين السابع عشر و الثامن عشر، حيث تم تحويل جزء كبير من هذه الوثائق الأرشيفية الاسبانية التي جمعها مالشيور تيران فيما بعد للحكومة العامة في الجزائر. و من المحتمل أن تكون وزارة الجزائر و المستعمرات هي الجهة التي أشرفت على هذه العملية.و حتى يفيد من هذا المخزون المعرفي بما في ذلك الوثائق الخاصة بالاحتلال الاسباني لوهران، قام مالشيور تيران بكتابة (من بين ما كتب) سنة 1847 " وثيقة حول وهران خلال فترة الاحتلال الإسباني"[14] .
جمع رصيد خرائطي من الخرائط القديمة لمدينة وهران
مع هذا، و بالرغم من الزخم الوثائقي الخرائطي الذي تراكم لدى الإسبانيين خلال فترتي احتلالهم للمدينة من 1509 إلى 1792، مع فترة انقطاع دامت من 1708 إلى 1732، كمخططات المدينة و ضواحيها، خرائط للمنطقة الوهرانية و المنجزة بتقنيات مختلفة و مثيرة من حيث المقياس و نوعية الرسم[15]، إلا أن الإسبانيين لم يكونوا هم لوحدهم من أنجز وثائق خرائطية حول مدينة وهران. فالكثير من الدول الأوروبية، و من ضمنها القوى البحرية التي سـادت في تلك الفترة، و التي كانت تهتم بحوض البحر الأبيض المتوسط، كانت تمتلك رصيدا خرائطيا ساحليا " بربريسكيا" خاصا بها، و بالخصوص فرنسا، إذا ما أخدنا بـعين الاعـتبار المخططات العديدة و الخرائـط الفرنسية و من بينـها رصيـد وزارة البحرية، وزارة الشـؤون الخـارجية، و المـكتبات و مستودعات أرشيف مختلف الموانئ التي كانت لها علاقة بوهران[16] .
بالموازاة مع جمع الوثائق الإسبانية، تمت عدة أبحاث على مستوى الأرشيف بغية تشكيل رصيد من الخرائط القديمة الخاصة بمدينة وهران، و بالأخص الخرائط الإسبانية[17] . و هكذا قام المولعون بالكتب النادرة و الكُتّاب المهتمون بتاريخ الجزائر بجمع الخرائط و المخططات، و من بينهم لويس بيس( Louis Piesse)، موظف بوزارة الحربية و مراسل " المجلة الإفريقية و " الذي ندين له من قبل بالعديد من المخططات القديمة غير المنشورة لمدن الجزائر [18] ، فقد اهـتم هـذا الأخيـر بجمع، على مستوى المكتبة الإمبراطورية المتواجد بشارع ريشليو ( Richelieu)، المخططات و المناظر المميزة للجزائر. و هذه الوثائق هي وثائق حصرية بالنسبة للأغلبية. فقد حصل من م. دفيريا ( M.Davein) محافظ المطبوعات بتصريح لاستنساخ هذه الوثائق"[19] . و بالإضافة إلى ذلك، نحن مدينون لبييس (Piesse) بإنجاز تصميم بالريشة لمنظر من مناظر وهران لوهران، مؤرخ بسبتمبر 1732، و لوحة بالريشة تمثل وهران و تموضع الكتائب التركية أثناء حصار وهران سنة 1708.
و في تبريره لأبحاث لويس بييس، يشير أدريان بربريجر أن " مؤرخي الفترة التركية يفتقدون غالباً للدقة، نظرا لنقص المخططات و الخرائط المعاصرة عندما يصفون الغارات البحرية التي شنتها في فترات مختلفة أمم أوربية. البحوث التي قام بها م.بييس و التي تمت متابعتها لحسن الحظ، و سدّت فجوة عميقة في هذا المجال[20] و بتأليفه لدليل الجزائر المشهور، أكد لويس بيس أنه اطلع "بالنسبة لتاريخ التوسيعات المتلاحقة لمدينـة وهـران، على مخططات قديمـة، هي في حوزته مثل رحلات شو (Shaw) و كتاب م. فاي (M. Fey) "[21] .
الرؤية الأثرية و المعلمية لتاريخ المدينة
لم تكن وهران تظهر بمظهر المدينة التي يغلب عليها الطابع العربي الإسلامي الذي كان يميز غيرها من المدن التقليدية الجزائرية كمدينة تلمسان و معسكر أو مازونة على سبيل المثال. و باستثناء بعض البنايات الموروثة عن الأزمة الجّد قصيرة لإعادة احتلال المدينة من قبل الجزائريين- عثمانيين في الفترة الممتدة ما بين سنوات 1708-1732 وسنوات 1792- 1831، فإن الجزء الأهم من ميراثها الأثري و المعماري تدين به تحديداً إلى فترة التواجد الطويلة للإسبانيين، و التي جعلت منها سواء على المستوى الدفاعي أو المستوى الحضري مدينة تهيمن عليها صبغة التصميم الغربي.
مع ذلك يبدو جليّا أن طريقة التعامل هذه مع الموروث التاريخي للمدينة لم يساعد على الوعي المبكر بضرورة الحفاظ عليه و تثمينه، بل بالعكس، فقد ساهم هذا في تدمير العديد من الآثار و بالتالي اختفائها بسبب أشغال رفع الأنقاض التي كانت لا تزال موجودة في بعض المناطق من المدينة منذ زلزال سنة 1790، أو بسبب عمليات فتح الطرقات و الحفر في النسيج الحضري القديم.
و في سنة 1839 قامت لجنة الاستطلاع العلمي للجزائر، التي كانت تحت سلطة وزارة الحربية، و المتكونة من عشرين عضواً أكاديمياً و ضابطا في جيش إفريقيا و التي شرعت في مهامها سنة 1840، بإعطاء صبغة البعثة العسكرية- العلمية للتدخل الاستعماري، على شاكلة بعثة مصر التي تم فيها تجنيد عسكريين و علماء. و لكن بالرغم من الأعمال التاريخية و الأثرية الهامة التي تمت في إطار هذه النشاطات، لم يستفد الموروث الأثري لمدينة وهران كثيرا من انجازات العلماء من أمثال المهندس المعماري إيمابل رافوازي (Aimable Ravoisie) أو قائد المدفعية أدولف هـ . دلامار ( Adolphe H. Delamare) ، اللذين قاما بجرد و تحديد مواقع و معالم أثرية في العديد من المدن الجزائرية[22]. و لفترة طويلة قبل إنشاء الجمعية العالمة للمدينة سنة 1878 و ذلك بمبادرة من أحد ضباط البحرية، تحملت جمعية الجغرافيا و علم الآثار لناحية وهران، على عاتقها مهمة الدراسة التاريخية و الدفاع عن المورث الأثري لمدينة وهران و ضواحيها [23].
و مند خمسينيات القرن التاسع عشر (1850)، أدرك المهيؤون العمرانيون خصوصية و أهمية الآثار الإسبانية للمدينة. و لم يكن هذا الاهتمام ذاته غريبا عن قرار إنشاء لجنة الإرشادات العامة للمعالم التاريخية و المتاحف الأثرية في الجزائر[24] و الذي اتخده الماريشال روندون (Maréchal Randon) سنة 1854 و لم تتوقف مبادرة الماريشال روندون عند هذا الحدّ، " لمنح الدراسات التاريخية المحلية القوة و الفعالية التي تنتج عن اتحاد جهود كل الرجالات الأكفاء، بل دفع نحو تأسيس جمعية خاصة على مستوى عاصمة الجزائر"[25] .
إنها "الجمعية التاريخية الجزائرية" التي أسسها أدريان بربريجر (Adrien Berbrugger) و الذي كان أيضا أول رئيس لها، حيث قام من خلال إحدى توصياته في مجال المحافظة على المعالم التاريخية و الأثرية، "تكليف الهندسة العسكرية على وجه الخصوص بجمع المعالم القديمة الموجودة في كل الأماكن و الحفاظ عليها. إنها المصلحة التي كانت تمتلك من المستخدمين و الأجهزة ما يمثل أقوى وسائل العمل للوصول إلى الهدف المنشود"[26]. كما كانت الجمعية تتطلع أيضا إلى إنشاء لجنة أثرية دائمة، يتم انتقاء أفرادها من كل منطقة "من المستخدمين في الهندسة، و في مجال الجسور و الطرقات،
و البناء المدني...إلخ. و يحرصون على تجميع الأشياء القيمة و ترتيبها و الحفاظ عليها. و لم يكن هناك أحد ممن طلبنا منه ذلك إلا و قبِّل بكل سرور هذه المهمة النبيلة"[27]. و انطلاقا من قوة هذا الموقف الجديد للسلطة المركزية حيال الموروث التاريخي و الأثري للجزائر، فإن السلطة المحلية بوهران، سواء المدنية أو العسكرية، قد سارت على الوتيرة نفسها. هكذا، وجدت موجة حقيقية لجمع المواد الأثرية القادمة من كل الضاحية الوهرانية. و لانعدام مكان مناسب للمحافظة عليها، تم وضعها في البداية في ساحة مدخل شاطو نوف(Château Neuf) ثم بعد ذلك في منتزه ليتان ( Promenade de L’étang).
عكف أ.بربريجر أثناء زيارته لمدينة وهران سنة 1862 على دراسة الكتابات اللاتينية، العربية و الإسبانية التي وجدت هناك [28]. و بخصوص هذا الأمر، يتحدث، من باب الدعابة، عن حدث كان شاهدا عليه في منتزه ليتان حيث لم تكن إحدى " الغرائب" الأثرية الموضوعة إلى جنب جدار مقهى لا تظهر للعيان إلا "عندما كان يحلو لصاحب المقهى أن لا يخفيها خلف برميله"[29] و كان يأسف، في الأخير أن لا يكون لمدينة بمكانة مدينة وهران" مقام خاص لاستقبال و الاحتفاظ بالآثار القديمة التي تكتشف في الضاحية" [30].إن حركة الاهتمام بالمعالم التاريخية و جمع المواد الأثرية ( الكتابات و الأجسام الثمينة)، الشاهدة على ماضي المدينة، قوّت من عزيمة الكثيرين في الجمعية، فلم يعد الاهتمام منحصرا عند ضباط الهندسة فحسب، إنما تجاوزهم إلى المدنيين الذين بدأوا هم أيضا المساهمة فيه بشكل فعال: مقاولون في الأشـغال العمومية، موظفون في مختلف المصالح المدينة (الجسور، و الطرقات، البناء المدني و الطرق، أملاك الدولة....إلخ[31] ).
فهنري- ليون فاي الذي ظهر في موقع مميز بين هؤلاء، كان يقوم بالموازاة مع التنقيبات الأثرية في مختلف المواقع بالضاحية الوهرانية، بجمع الكتابات التي كانت لا تزال موجودة في مختلف البنايات و المعالم المشيدة في الفترة الإسبانية و العثمانية. كانت هذه الكتابات التي جمعها بمثابة المواد الأساسية لكتابة مؤلفه حول تاريخ وهران.
لم تبق إسبانيا على هامش هذه الحركة، ففي سنة 1844، أرسلت على عجل ضابط سام و هو الجنرال دون كريبسا كسيمنياس دي ساندوفال Don Crispin Ximenez de Sandoval رسميا في مهمة إلى وهران للقيام بجمع الكتابات كاستيه (قشتالية) inscriptions castillanes) ) و قد اعتمد أيضاً على مخطوط مؤرخ وهران تابالوسس ( Tabalosos ) و على كتاب هنري .ليون. فاي [32].و هذا إن دل على شيء، إنما يدل على المكانة التي كانت لا تزال تشغلها مدينة وهران في الذاكرة التاريخية الإسبانية. بالإضافة إلى القطع الأثرية المودعة بشاطو نوف( Château Neuf ) و منتزه ليتان، وضعت العديد من الألواح التي تحمل كتابات من طرف مهندسين عسكريين و مدنيين و مقاولين في ساحة مصلحة الجسور و الطرقات، أما بالنسبة لترجمة الكتابات العربية فغالبا ما كان الموظفون المحليون هم الذين يتكفلون بهذه المهمة مثل، بيكس ( (Bexو ش. كوسون ( ((Ch.Cusson، و يتم ذلك أحيانا بحضور بعض المعربين الكبار من أمثال بروسني[33] ( Bresnier ).
صراع الصلاحيات بين ضباط الهندسة العسكرية و المهندسين المدنيين
لم يكن يظهر منذ بداية الغزو، أن رجلا بمرتبة جنرال يأبه كثيرا بالمصالح المدنية. لقد قام هذا الأخير باستبعادها-بالأخص مصلحة الجسور و الطرقات- من كل عمليات فتح الطرقات الجديدة، وقام في الأقاليم العسكرية باستبدال المهندسين المدنيين بضباط من الهندسة العسكرية. وعليه فإن مهمة تسيير الأشغال المدنية و العسكرية كانت توكل إلى هذا السلك الأخير. و في هذا الإتجاه تم أخد القرارات الوزارية المؤرخة في 25 مارس و 5 أوت 1843، التي أوكلت الأشغال العمومية إلى الهندسة العسكرية، و التي كان عليها ، بالإضافة إلى ذلك، القيام بوظائفها بمعية المستخدمين المدنيين و إذا ما عدنا إلى القرارات الوزارية المؤرخة في 25 مارس و 5 أوت 1843، فإننا سنلاحظ أنها لم تكن إلا ترسيما لواقع فعلي يتمثل في وضع المصالح المدنية للاشغال العمومية تحت وصاية الهندسة العسكرية. و هو الأمر الذي لم يفتأ أن أخرج للوجود مجددا النزاع الذي سبق أن شبّ في فرنسا في القرن السابع عشر بين مهندسي الهندسة العسكرية و الهندسين المدنيين [34]، و لكنّ المهندسين المدنيين تحت ضغط السلطة العسكرية في الجزائر كانوا مضطرين لقبول تلك الوصاية المفروضة عليهم.
و تجدر الإشارة إلى أن الغياب شبه التام للمصالح المدنية القادرة على التكفل بالأشغال العمومية لم يترك للمهندسين المدنيين الكثير من الخيارات حيال الاستغناء كلية عن مساهمة المهندسين العسكريـين، و الذين كانوا، كما يشير إليه كزافيي مالفاتي ( Xavier Malverti) في الوقت ذاته مهندسين (مختصين في تقنية المسح) ، مسيرين و إداريين لمدن تمّ إنشاؤها في الجزائر في الفترة الممتدة بين سنة 1840 و 1860، و هم يضفون على أعمالهم نزعة براغماتية .هذه الميزة مكنتهم من خلق أدوات حضرية يمكن تطبيقها على مناطق مختلفة جدا. و يمكن لمس هذه الميزة في عنصرين أساسيين من عملهم: القدرة على التطلع إلى المستقبل و تصور تطور هذه المخططات عـلى مرّ الزمـن و ذلك منذ بداية وضع المشروع "[35]. من جهة أخرى، كان لا بد من انتظار الأمر الملكي الصادر بتاريخ 15 أفريل 1845 حتى يتم الحاق الأشغال العمومية بالسلطة المدنية، أي بمديرية الداخـلية. و هي السنة ذاتها التي عيِّن فيها مارسيي لاكونب (Mercier Lacombe) نائـب مدير الداخلية و الأشغال العمومية بوهران .
و في ظل السياق نفسه، لا بد من الاعتقاد أن إعادة تنظيم مديرية البناء المدنية و الطرقات سنة 1847، التي تم تأسيسها بمدينة وهران و مدينة الجزائر في الوقت ذاته (1843)، كانت مبادرة من الجنرال لامورسيار الذي كان متواجدا بمدينة وهران. و فعلا قسمت هذه المديرية إلى ثلاثة مصالح: مصلحة المناجم التي كان يديرها المهندس "فيل" (Ville) و هو جيولوجي معروف، مصلحة البناء المدني التي أُوكِلت إلى المهندس ديبول (Dupoul) و أخيراً مصلحة الجسور و الطرقات و هي المصلحة الأكثر أهمية من بين المصالح المدنية، (و كان أول مسؤول عنها هو المهندس بيزيرات) أوكلت إلى أوغست أوكور (Auguste Aucour) مهندس الجسور و الطرقات الذي تبين سريعا أنه مساعد ثمين، إذ استطاع الفوز بإعجاب المهندسين العسكريين، و قد كانت الآمال معلقة كثيرا على مصلحة الجسور و الطرقات التي من خلال تنظيمها و تقليدها الطويل كانت هي المصلحة التي توفر أجود الضمانات لدراسة و إنجاز المشاريع.
النصوص الأولى لتحديد الصلاحيات: قانون الطرقات نموذجاً
يعد مرسوم 8 أكتوبر 1832 من بين أولى النصوص الصادرة في الجزائر في مجال التخطيط الحضري و يخص التنظيم العام للطرقات، ثم جاء بعده مرسوم 8 ماي 1833 الـذي وقــعه فوارول (Voirol)
و الذي ينص على إنشاء مجالس للطرقات في الجزائر و وهران و عنابة. و قد استوحت مصالح الهندسة العسكرية هذا القانون الخاص بالطرقات عن القانون الفرنسي الذي يعود إلى القرن الثامن عشر و الذي كان يعتبر مجرد " مسحج بسيط" للنسيج الحضري القديم حين" يشرح جاستون باردي (Gaston Bardet) أن المسحج سينتهي بانتزاع ما تبقى للمدينة من طبع بوهيمي و قروي، من أجل توحيد كل الأحياء، الضواحي و القرى التي كانت متفردة من قبل في شكل مصنف كبير يحمل لاصقات بشكل جيّد" [36].
و عليه، و في سنة 1842، طلب مدير الداخلية من وزارة الحربية إنشاء سلك المهندسين ضمن إدارته. و قد عارض الجنرال بيجو ( Bugeaud) ذلك بشدة ، علماً أنه كان الحاكم العام في تلك الفترة و أنه كان يفضل أن تتكفل الهندسة العسكرية بالأشغال العمومية. هذا في حين أنه بعد مرور سنة، عدلت وزارة الحربية عن قرارها، و منحت الإدارة المدنية مصلحة جديدة من خلال قرارين صادرين في 25 مارس و في 30 أوت 1843: و هي مصلحة البناء المدني و الطرقات [37].
و في سنة 1845، وفي أعقاب التحولات العميقة التي تعرض لها النسيج الحضري لمدينة الجزائر جاء قرار الحاكم العام المؤرخ في 4 أوت 1845 لتقنين تسمية الطرقات، و الساحات و المنتزهات، و لكن النص الأساسي الذي حلّ صراع الصلاحيات بين مختلف المصالح حول مسألة الطرقات، العمران و الأشغال العمومية هو بدون منازع، مرسوم وزارة الحربية المؤرخ في 27 جانفي 1846 الذي ينص على " تقسيم الأشغال العمومية بين مختلف المصالح"[38]. يشرح هذا المرسوم بشكل واضح، خاصة في مادته السابعة أن " انجاز مخططات المدن و مراكز تواجد السكان سواء القديمة، أو التي سيتم إنشاءها، والتقليص من مخططات الرصف هي من صلاحيات مصلحة البناء المدني على مستوى الأقاليم المدنية و من صلاحـيات مصلـحة الهندسة العسكرية على مستوى الأقالـيم العسكرية و العربية[39].
الخاتمة
لقد تمكن ضباط البعثة الفرنسية، و بخاصة أولئك الذين ينتمون إلى سلاح الهندسة العسكرية القادمين من مختلف الهيئات العسكرية، بتحقيق شهرة واسعة سواء في الجزائر أو في بلدان البحر الأبيض المتوسط الأخرى التي عرفت احتلال الجيش الفرنسي، خاصة مصر (سنوات 1798-1801)
و الموريا ( سنة 1828) لاهتمامهم العلمي بكل ما يمس ماضي هذه البلدان و حقبها القديمة[40]. و مع ذلك، فإنه غني عن البيان أنه " بفضل تكوينهم الأصلي و انتماءهم إلى جيش عالم اهتم ضباط الهندسة العسكرية بتاريخ و جغرافيا الأقاليم المفترض غزوها. لقد تعلموا اللغة، و درسوا عادات السكان و الفضاءات التي كانوا يعيشون فيها. فهذه المعرفة الدقيقة بالأماكن التي كانوا يحتلونها كان لها أثر في طبيعة المشاريع التي أنجزوها "[41]. مع هذا، فإنهم كانوا في الجزائر، أكثر من أي بلد آخر، بمثابه أداة لانتقال الحداثة الاستعمارية[42].
صادق بن قادة - Saddek BENKADA
ترجمة :
صورية مولوجي ﭬروجي - Soraya MOULOUDJI GARROUDJI
الهوامش
*مقال سبق نشره باللغة الفرنسية في مجلة إنسانيات العدد 23-24، جانفي - جوان 2004 بعنوان :
« Savoirs militaires et modernité urbaine coloniale. Le rôle des ingénieurs du génie dans la transformation des villes algériennes. Le cas d’Oran (1831-1870) ».
و هو مداخلة تم تقديمها بالملتقى الدولي الذي نظم بالتعاون مع اليونسكو و اللجنة الدولية للعلوم التاريخية، معهد اللغات جامعة محمد الخامس، الرباط أيام 11-13 ديسمبر 2003.
** مختص في التاريخ و علم الاجتماع، باحث في مركز البحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية و الثقافية، وهران، 31000، الجزائر.
[1] Frémeaux, J. (1984), « Souvenirs de Rome et présence française au Maghreb : essai d'investigation », in CRESM. Connaissance du Maghreb, Sciences sociales et colonisation, s/d. de J.-C. Vatin. Paris, Éditions du CNRS, p. 29-46, p. 37.
[2] Voir le numéro spécial de la revue URBI consacré à l'architecture militaire. URBI, XI, Liège, Pierre Mardaga Éditeur, été 1989.
Boutier, J. et Teiysseyre-Sallmann, L. (1984), Du plan cavalier au plan géométrique. Les mutations de la cartographie urbaine en Europe occidentale du XVIe au XVIIIe siècle, Paris, Colloque du groupe de travail international d'histoire urbaine, multigr, 30 p.
[3] Pollak, M-D. (1989), Introduction, URBI, XI, Architecture militaire, Liège, Pierre Mardaga-Éditeur, p. V.
[4] "مخطط مرفأ مرسى الكبير (خليج وهران). تم قياسه سنة 1832 من طرف م.أ. بيرارد (M.A. Bérard)، القائد بريك (commandant le Brik) ،. "لواريه") Le Loiret ( في مستودع البحرية سنة 1832". إطلع عليه ر. تانوان(R.Tinthoin) في الأرشيف البلدي لمرسى الكبير.
Tinthoin, R. (1956), Mers-el-Kébir, le grand port, Etude de géohistoire locale bimillénaire, Oran, Heintz frères.
[5] يشير ر .ليسباس أن المخطط الموسوم " مخطط مدينة وهران 1832، و الذي أنجزه بيزيرات، حصل عليه بفضل م.فونتنو(M.Fonteneau) ، نائب مدير الأشغال البلدية." يضيف ليسباس أنه ليست هناك إشارة لمقياس الرسم، " لكن من المهم جدا الاطلاع عليه (....) حيث من السهل جدا التعرف على الطرقات الموجودة فيه و مقارنتها بتلك الموجودة في المخطط الإسباني"
Lespès R. (1938), Oran, étude de géographie et d’histoire urbaines, Paris, Alcan, Alger, Carbonel, p. 142 note 2.
هناك صورة فوتوغرافية لمخطط 1832 تم الاحتفاظ بها في مديرية الأرشيف لولاية وهران.
[6] ليسباس رونيه، المرجع نفسه ص 142.
[7] لقد أشار ب. تساكوبولوس ( P.Tsakoponlos) إلى ثراء سلسلة مخططات التهيئة التي قام بها المهندسون العسكريون، و المحتفظ بها في أرشيف الهندسة العسكرية بقصر فانسان ( Château de Vincennes) و التي تشهد، حسب قوله على سيرورة التحول المعماري في المدن الجزائرية مند بداية الاستعمار، أي أنها شواهد على التغيرات المفاجئة للبنية القديمة و الهندسة المعمارية لهذه المدن. هذه المشاريع و الكشوف الدقيقة للبناء التركي-المورسكي تمثل أيضاً مجموعة من الوثائق الثمينة حول الهندسة المعمارية الجزائرية ماقبل الكولونيالية، مع الإشارة أنه ليس ثمة وثائق مشابهة بالنسبة لمدن الموريا . (La Morée)
Tsakoponlos, P. (1996), « Techniques d’intervention et appropriation de l’espace traditionnel. Lurbanisme militaire des expéditions françaises en Méditerranée », Revue du Monde Musulman et de la Méditerranée, n.73-74, p. 226, note 46.
[8] نذكر من بينها :
Bérard, V. (1867), Indicateur général de l'Algérie, Alger, Bastide.
حول الفائدة الموجودة في هذه المخططات الخاصة بالمدن الصادرة في دلائل السفر، ينظر:
Buisseret, D. (1989), Les plans de ville, sources pour l'histoire de l'urbanisation en France, URBI, n°XI, Liège, Pierre Mardaga-Éditeur.
[9] كرسّ إزيدور ديريان (Isidore Derrien) تقريبا كل مسيرته المهنية في سبيل رسم خرائط للجزائر، فلسطين، و إفريقيا. كما كان رئيسا لجمعية الجغرافيا و علم الآثار لضاحية وهران ( 1896-1904) و أسس سنة 1896 مرصد الأحوال الجوية الذي كان مقره سانتا كروز ( Santa Cruz) و يظل كتابه المعنون " الفرنسيون في وهران " و الصادر سنة 1886 ب "إيكس" ( Aix) حتى أيامنا هذه مرجعاً لا غنى عنه حول تاريخ المدينة.
[10] Fey, H-L. (1858), Histoire d'Oran, avant pendant et après la domination espagnole, Oran, Ad. Perrier, p. 141.
[11] المرجع نفسه، ص،3
[12] المرجع نفسه.
[13]"Relacion general de la consistencia de las Plazas de Oran y Mazarquivir, por el Coronel commandante de Yngenieros Don Harnaldo Hontabat... (El 31 de Deciembre 1772)." Traduction des capitaines Cassaigne et de Loqueyssie 1851. Préface de M. le Commandant Pellecat G. (1924), Bulletin de la Société de Géographie et d'Archéologie d'Oran, (Tiré à part 88 p.).
[14] Tiran, M. (1847), Notice sur Oran pendant l'occupation espagnole, Paris, Archives du ministère de la Guerre.
[15] Epalza, M-D. et Vilar, J-B (1988), “Planos y mapas hispanicos de Argelia. Siglos XVI-XVIII“. Plans et cartes hispaniques XVIe-XVIIIe siècles. (Edition bilingue). Madrid, Instituto Hispano-Arabe de Cultura.
[16] أشار جون كازيناف ( Jean Cazenave) سنة 1933 إلى بعض الوثائق الأرشيفية الفرنسية التي كانت تتضمن خرائط و تصميمات لمدينة وهران، قبل الفترة الكولونيالية .
Cazenave, J. (1933), Les sources de l'histoire d'Oran. Essai bibliographique, Oran, Bulletin de la Société de Géographie et d'Archéologie d'Oran, sept.-déc, p. 303-379.
[17] هكذا كان بالإمكان الحصول على التصميمات التالية:
تصميم ساحة المرسى الكبير و المرسى (1751).
صميم ساحة وهران و مرسى الكبير (1757).
تصميمات وهران و مرسى الكبير من 1775 إلى 1790، حسب أرشيف مستودع الحرب، بمدريد.
[18]ملاحظات أدريان بربريجر، المجلة الإفريقية، عدد 1، 1856-1857،ص. 506.
[19] المرجع نفسه ص. 66
[20] المرجع نفسه ص. 231.
[21] Piesse, L. (1862), Itinéraire historique et descriptif de l'Algérie, comprenant le Tell et le Sahara, Paris, Hachette, coll. "Guides Joanne", p. 207.
[22] Gran-Aymerich, È. (1998), Naissance de l'archéologie moderne 1789-1945, Paris, CNRS -Edition, p. 154.
[23]Benkada, S. (1999), «La Société savante, rupture et continuité d'une tradition associative : le cas de la Société de Géographie et d'Archéologie d'Oran », Oran, Revue Insaniyat, CRASC, n° 8, p. 119-128.
2000, « Un patrimoine culturel : Les publications de la Société de Géographie et d'Archéologie d'Oran (1878-1988) », Revue Insaniyat, CRASC, Oran, n° 12, p. 115-128.
[24] Berbrugger, A., « Introduction », Revue Africaine, n°1, 1856-1857, p. 8.
[25] المرجع نفسه، ص. 8.
[26] المجلة الإفريقية، العدد 1، 1857، ص. 153.
[27] المرجع نفسه.
[28] Berbrugger, A., « Chronique», Revue Africaine, n° 6/1862, p. 394.
[29] Berbrugger, A., « Ruines du Vieil-Arzeu », Revue Africaine, n° 2, 1857-1858, p. 182.
[30] Berbrugger, A., « Province d'Oran, Aïn Témouchent», Revue Africaine, n° 1,1856-1857, p. 50.
[31] للحصول على فكرة عن هذا الاندفاع، لا بد من العودة إلى سجل الجرد للمتحف الوطني أحمد زبانة، قسم " وهران القديمة، و دليل المتحف نفسه الذي أنجزه ديمايت لويز ( (Demëght Louis.
[32] Sandoval, Don C-X de. (1867), Las inscripciones de Oran y Mazalquivir. Noticias sobre ambas plazas desde la conquista hasta su abandono en 1792, Madrid, R. Vicente, traduit par le Dr Monnereau. « Les inscriptions d'Oran et de Mers-el-Kébir », Revue Africaine, 1871- 1872.
ترجمة الدكتور مونرو (Dr. Monnereau) " كتابات وهران و المرسى الكبير". المجلة الإفريقية، 1871- 1872.
[33] Fey, H-L., op.cit., p. 271.
[34] يشرح أونتوان بيكون(Antoine Picon) هذا التنافس الموجود بين المهندسين العسكريين ومهندسي الجسور و الطرقات، في فرنسا من خلال " امتلاك الفريق الأول ميزة الأسبقية و التكوين العلمي العالي.
Picon, A. (1989), Naissance du territoire moderne : génie civil et militaire à la fin du XVIIIème siècle, URBI, ni.XI, été, p. CIV.
[35] Malverti, X. (1996), « Les officiers du génie et le dessin des villes en Algérie (1830-1870) », in Bruant, C., Leprun, S. et Volait, M., (dir.), De « Figures de l'orientalisme en architecture », Revue du Monde Musulman et de la Méditerranée, n° 73/74, p. 242.
[36] Bardet, G. (1954), Naissance et Méconnaissance de l'urbanisme, Paris.
[37] Burth-Levetto, S. (1996), « Le Service des bâtiments civils en Algérie (1843-1872). Entre discours et réalité », in Bruant, C., Leprun, S., et Volait, M. (dir.), de « Figures de l'orientalisme en architecture », Revue du Monde Musulman et de la Méditerranée, n° 73/74, p. 137-152.
[38] مع بداية الاستعمار، تم تكليف الهندسيين العسكريين بالأشغال العمومية و الذين، انطلاقا من سنة 1843 ( القراريين الوزاريين المؤرخين في 25 مارس و 5 أوت 1843)، شرعوا في أداء مهامهم بمعية مستخدمين مدنيين. فحسب الأمر الملكي المؤرخ في 15 أفريل 1845، تعد الأشغال العمومية من صلاحيات مدير الداخلية.
يحدد المرسوم الوزاري المؤرخ في 27 جانفي 1846 بشكل واضح صلاحيات الهندسة العسكرية و المصالح المدنية. ففي الإقليم المدني لم تعد الهندسة العسكرية مكلفة سوى بالأشغال الخاصة بوزارة الحربية. أما في الإقليم العسكري، فهي مسؤولة عن كل شيء.
مركز الأرشيف ب أوترمار ب إيكس .بروفونس، أرشيف الحكومة العامة للجزائر مجموعة ن، ( série N) للأشغال العمومية.
Direction générale des Archives nationales, (1998),. Colloque international sur les archives concernant l'histoire de l'Algérie et conservées à l'étranger (16-19 février 1998), Publications des Archives nationales d'Algérie, n°8, p. 84.
[39] توضح المادة 8 من مرسوم 27 جانفي 1847 أن: " القواعد التي لا بد أن تنجز حسبها عمليات التسوية و الرصف في كل المناطق هي قواعد تحددها مسبقاً اللجان المختصة المشكلة في مقر المقاطعات من ":
- نائب مدير الداخلية و الأشغال العمومية، رئيسا.
- رئيس بلدية المدينة.
- قائد الهندسة العسكرية.
- مهندس الجسور و الطرقات.
- رئيس مصلحة أملاك الدولة.
- ثلاثة نبلاء من السكان يمتلكون عمارات حضرية.
[40] Benkada, S. (2002), Archéologie et entreprise coloniale : l'armée et les premiers travaux de topographie historique en Algérie (1830-1880). Premier Congrès mondial des études sur le Moyen-Orient et l'Afrique du Nord (First World Congress for Middle Eastern Studies (WOCMES). Université de Mayence, (Allemagne).
[41] Picard, A. (1996), « Architecture et urbanisme en Algérie. D'une rive à l'autre (1830-1962) », in Figures de l'orientalisme en architecture sous la responsabilité de Catherine Bruant, Sylviane Leprun et Mercedes Volait, Revue du Monde Musulman et de la Méditerranée, n° 73-74, p. 122.
[42] Benkada, S. (2002), Les politiques d'aménagement et de repeuplement urbains à Oran (1831-1891) : un modèle de modernité urbaine coloniale., Thèse de Magister, Sociologie politique, Université d'Oran, annexes, tableaux et figures.
Text
دفاتر إنسانيات
- عدد 01 : الجزائر تحولات اجتماعية و سياسية
- عدد 02 : الجزائر : الهوية والتاريخ والتحولات العمرانية
- عدد 03 : المجتمع المدني و المواطنة
- عدد 04 : أنثروبولوجيا المجتمعات المغاربية : بين الماضي و الحاضر
- عدد 05 : الشباب ومسألة الاعتراف في الجزائر دراسة حالات
- عدد 06 : الصحراء مجتمعات و ثقافات
- عدد 07 : في الهجرة و المنفى
- عدد 08 : التسمية بين الأعلام و المعالم