كيف نواجه بين حقل إنتاج خطاب موضوعه الرياضة و المدينة و بين حقل ملاحظة و أبحاث مركزها مدينة و لتكن قسنطينة ؟
أي سداد نراه للتمفصل كرة القدم / حضر / ديمقراطية ؟
تعني إقامة رباط بين هذه الهيئات الثلاث اعترافا بأن المغامرة على حافة الطريق كما تعني اعترافا بأن هناك مخاطرة .
يكمن الخطر الأول في تناذر اللوح المصقول و الذي يلازمه مناهضة التعقلية بينما يعود الثاني إلى إنكار الصعوبات في الوقت الذي نلاحظ فيه ندرة البحوث حول النشاطات الرياضية بل حتى حول المدينة.
بعض عناصر الإشكالية للتوضيح: يرتكز هذا البحث على أربعة أفكار أساسية:
1– تكشف الدينامية الرياضية عن رهانات جديدة جمعوية و حضرية. تتجاوز الممارسة و الفرجة الرياضيتين ما يحسم إنتاج الرياضة، في حين أن هذه الفرجة تنتج المعنى
2- إلى أية حاجة يستجيب إنشاء جمعية رياضية عندما نعلم أن التمايز الاجتماعي لم يكتمل بعدُ في مدننا ؟ تتواجد هذه الاستفهامات في قلب مسائل الهوياتي التي يمكن فهمها و قراءتها من خلال شعارات مناصري الفرق الرياضية المختلفة و التي تعبر عن ميل إلى الاستقلالية لدى الأفواج الاجتماعية الفتية ؛
3- تعبر الحركات الاجتماعية عن أزمة المؤسسات و الفضاءات التقليدية . هكذا فإن الحضر الجدد يعبرون عن أشكال جديدة للتضامن بفضل ثقل القـطاع غير الرسمي، بفضل انفتاح الحقل السياسي، بفضل الإمكانيات التي تتيحها الرياضة و بفضل تطور الجمعيات؛
4- أخيرا فإن لآخر عنصر علاقة بالفكر المنهجي. علينا أن نعرف كيف نمر من الأجنحة: التأريخ للجمعيات الرياضية و القيام بسوسيولوجيا الأشكال الجديدة للتألق الاجتماعي.
لنتمكن من وضع تأريخ للجمعيات الرياضية في علاقتها بتاريخ المدن، علينا أولا أن نتعرف عن الموضوع " الرياضة " ثم أن نتفادى فكرة حركة رياضية وطنية. لكن علينا أن نتقبّل و نعترف بطمس الواقع الرياضي الاستعماري و أن نقف على ندرة الدراسات حول الرياضة في المدينة عندما لا نعلم – في الغالب - من المدينة سوى ملعبها.
كتابة تأريخ الجمعيات الرياضية بالأحرى أمر مستعجل عندما نعيش نوعا من التشويش في الخطابات: الحرب من أجل العمدية بين مولودية الجزائر و شباب قسنطينة كما أن المنافسة بين "الشباب" و "الموك" في قلب الأساطير و الصراعات من أجل الهيمنة في المدينة. هذا ما يفسر العودة إلى تاريخ الممارسة الرياضية في أوساط الأهالي خلال الفترة الاستعمارية. إلا أن هذا التاريخ لا يمكن أن يكون بإلغاء مسألتين: هل يمكن طمس دور الأوربيين ؟ هل يمكن الحديث عن جمعيات إسلامية عندما نعلم أن الفضاء كان مختلطا ؟
ربما أسهمت أنتربلوجيا الفرق الرياضية في إزالة الوهم عن الخطابات الشمولية حول الهوياتـي و كذا في توضيح مسألة التراث شيئا فشيئا. يطرح التعلق بالرموز العتيقة و دوام المعالم الهوياتية طوال العصور مسألة أن دراسة المناصراتية قد تساعد على مس أهميتها.
تولد المناصراتية و ترتكز على أشكال رمزية جديدة للتألق الاجتماعي.
في الوقت الذي تتواجد فيه حركة المناصرين في قلب الإخراج الذي ينظم الملحمة الرياضية، إلا أنها بقيت لوقت طويل محصورة فـي مكانة مستهلك. تشكل في الثمانينات و التسعينات – في إطار غير رسمي بقيم جديدة و معايير جديدة تؤسس أكثر فأكثر يوميا جديدا و علاقة جديدة إلى المدينة.
هكذا لئن بقيت الجزائر باستمرار في مواجهة صورتها، فإن الجزائريين، في علاقتهم المعيشة بالرياضة، يعبرون عن رهانات سياسية و اجتماعية و ثقافية هامة. يعبر المناصرون عن أسلوب حياة جديد بمغالاتهم في المظهر. المنوال الجزائري للمناصراتية (مؤسسة هي الأخرى على إجلال الشاف (الرئيس) يبنى محاكاة لأشكال تعبير المناصراتية الأوربية، تترجم هذه الظاهرة علاقة جديدة إلى المجتمع و إلى العالم، يعبر عن رغبةِ أن نكون من هذا العالم. أثناء هذا يعبر الشباب و يفرضون مناويل جديدة لاستهلاك المدينة. يفجر تشكل مخاييل حضرية جديدة بتوسيع الاجتذاب إلى القاعدتين الاجتماعيتين لأكبر فريقين، يفجر الحدود الإدارية لقسنطينة و الانشطار حضراً / بدواً.يصبح نمط الانخراط في الجمعية أحد أشكال الحق في المدينة. يعني الوصول إلى المدينة الأسطورية أو تحدي الآخر فوق ميدانه، الوصولَ إلى الرؤية الاجتماعية، يعني اعتراف الآخرين بك من أجل تقاليدك وحيويتك و محليتك. و الأمثلة كثيرة نعثر عليها في الثقل الديمغرافي للشخصيات التي أصلها من الميلية و مناصري الموك، في علاقة سكان الخروب و شباب قسنطينة. يمكن إقامة تواز بين أنماط تعبئة المناصراتية الرياضية و تلك التي استعملها الفيس. فلا يبني الانخراط الوجداني العلاقة الاجتماعية أكثر مما يفعله العقد بل فإن الإسلام المناضل و كرة القدم يعيدان لشباب قلق حاجة أساسية: الحلم.
لا يمنع هذا أن المال يبقى الواسطة إلى التألق الاجتماعي. هذا المال يوجد إما في الخارج إما في الترباندو إما في كرة القدم. تشير الصحافة الرياضية إلى أن النجوم الجديدة لجزائر كرة القدم هم مسيرو الجمعيات الرياضية الذين برزوا في ظل الاستيراد/ التصدير الساحر. يرمز زعماء الشباب هؤلاء إلى الحلم الذي تحول إلى حقيقة.تسهم هذه الطبقة السسيولوجية الجديدة في إعادة تعريف نمط إعادة توزيع الالقاب ذات الشحنة الرمزية القوية: الألقاب التي تفتح أبواب الوجاهة، و هذا بفضل فرض قواعد جديدة للحصول على المال و الجاه.
جمال بولبيار - Djamel BOULEBIER
نقله إلى العربية :
محمد غالم - Mohamed GHALEM
Text
دفاتر إنسانيات
- عدد 01 : الجزائر تحولات اجتماعية و سياسية
- عدد 02 : الجزائر : الهوية والتاريخ والتحولات العمرانية
- عدد 03 : المجتمع المدني و المواطنة
- عدد 04 : أنثروبولوجيا المجتمعات المغاربية : بين الماضي و الحاضر
- عدد 05 : الشباب ومسألة الاعتراف في الجزائر دراسة حالات
- عدد 06 : الصحراء مجتمعات و ثقافات
- عدد 07 : في الهجرة و المنفى
- عدد 08 : التسمية بين الأعلام و المعالم