أصل تسمية وهران : من وادهران إلى وهران

أصل تسمية وهران : من وادهران إلى وهران

الأسماء الجزائرية : الإثبات التاريخي والتطور اللغوي

التسمية، الاستعمال والتنوّع

إن الأشكال المتعددة للتسميات التالية : وِهران، وَهران، وران، وِهرَيْن، واداهَران، هوران، أوران، أو تيهَرت، تاهرت، تيارت، تِيارت، روسيكادا، سْكِيكْدة، سُكيْكِدة، تْلَمسان، تِلِمسان، تِلَمسان، تْرِمِزان، غِيليزان، إغيل إزان، غُليزان وغيرها، وكذلك تكيفها المورفولوجي المختلف الذي يعود إلى مختلف الفترات التاريخية واقتباساتها اللغوية الخاصة والمختلفة (بربرية، لاتينية، بونيقية، عربية، إسبانية، فرنسية)[1] أو بكل بساطة كل ما نُهج (عامية جزائرية أو مغاربية) لا تُعد بالنسبة إلى اللغوي تسميات فقدت قيمتها ومكانتها ولا تحريفاً لأسلوب بحت، بل على العكس تخضع اليوم دائماً هذه الاستعمالات اللغوية المختلفة إلى القوانين المرتبطة بالتغير الطبيعي لأي لغة. وسنبحث انطلاقا من هذه التسميات اللغوية المختلفة لتسمية المكان نفسه عن العنصر الثابت والمنتظم، وعلى أيّة حال فقد نجد واحدة منها على الأقل. وذلك من أجل التنبيه أنهّ إذا كان هناك ثبات في كل تسمية لغوية فدون شك هو تغييراً وتنوعاً لغوياً. وبما أنّنا في مجتمع يعتمد المشافهة، فلا مكانة إلاّ للقواعد الصوتية والقوانين اللهجية؛ أي أنّه "يجب على التغيير أن يُواكب التوجهات العامة لتطوّر لغة ما"[2]. وعليه، فإنه يجب حصر كل تفسير خلال هذا الفهم، حتى لا يُتوسع في التعليقات الاعتباطية والتفاسير الخيالية[3].

ولهذه الأسباب، سنستعين بمختلف التفاسير التي صيغت إلى الآن، بالإضافة إلى التساؤلات التي بقيت عالقة فيما يخص معنى وهران ومعنى اسم ساكنيها: إيفري. وسنحاول تفكيك آليات التفسير المعجمي والدلالي الخاص بكلّ منهما وتوضيحه والاطلاع على كل تفاصيل الفرضيات السابقة، في الفترة الحالية والاستعمارية بالتحديد.

ومع ذلك، فقد نلاحظ الصعوبات المتعلّقة بمثل هذه الأبحاث في الجزائر أو المغرب الكبير بسبب هذه الخصوصية الثقافية المتمثلة في المشافهة، فاحتمالية التشكل والتحول والتحريف قائمة دائماً. وهذا هو حال كلّ بحث يتناول أصل الأشياء والكلمات ونشأتها، وذلك ما أشارت إليه المتخصصة الكبيرة في علم المواقع الجغرافية ماري تيريز (Marie-Thérèse Morlet) في الموسوعة Universalis قائلة بأنه "كلّما عدنا بالزمن إلى الوراء اكتسى البحث طابع الافتراض". وبالتأكيد الأمر صعب، لكنّه غير مستحيل، فمسارات المغرب الكبير ليست غامضة ومنيعة مثلما يعتقد بعضهم[4].

أسماء الأماكن : بين التسمية اللغوية واستحضار التاريخ

لا نجد من الأدلة اللاتينية والاسبانية والتركية حول معنى وهران إلا القليل منها، فقد ذكر اسم (وهران) للمرّة الأولى من قبل ابن حوقل سنة 971 م والبكري سنة 1068 م. ونعتقد أنّ اسم (وهران) قد ظهر قبل مجيء العرب إلى المغرب الأوسط، فموقعها وميناؤها الاستراتيجي الذي كان موضع صراعات مستمرّة بين مختلف الدويلات (الإسلامية والإسبانية والتركية) أدخلوها التاريخ. ويصف ابن حوقل (وهران) في إحدى كتاباته الشهيرة على النحو التالي: "ولمدينة وهران مرسى في غاية الأمان والصون من كل ريح، وما أظن له مثيلاً في جميع نواحي البربر.وماءها من خارجها جار عليها في واد عليه بساتين وأجنة كثيرة فيها من جميع الفواكه"[5].

وفي المقابل، ذُكرت نواحي (وهران) في العصور القديمة في وثيقتين أشار إليهما ستيفان غزيل (Stéphane Gsell) سنة 1906 في أطلسه الموسوم بـ: "أطلس الجزائر للآثار"، وذلك في الورقة الخاصة بوهران ونواحيها. وتذكر هذه الوثائق اللاتينية والموسومة بـ: لوحة بوتنجر ومسار أنطونين (محاولة تقديم لوحة بوتنجر الخاص بمقاطعة وهران، توكسير 1884) عدّة أسماء أبرزها Portus Divini و Portus Magnus أي: "أبواب الله"، وقد أسقطاهما المختصون على خليج مرسى الكبير ووهران، اللذان لم تُذكر أسمائهما الأصلية على الأقل كما كانت مستعملة من طرف السكّان الأصليين. وهنا نشير إلى ما أفاد به صادق بن قادة من أنّ الموقع قد جذب مند عصور ما قبل تاريخ المستوطنين الأوائل[6]. وتُعد وهران، وكهوف مرجاجو بالتحديد -التي تطلّ على المدينة- الأغنى في شمال إفريقيا، وذلك حسب رأي العديد من المختصين في عصور ما قبل التاريخ والحفريات مثل: بالوت (Ballot) ودوماغ ((Doumergue وشاملة (Chamla).

وطرحت فرضيات متعدّدة من قبل المختصين وغير المختصين فيما يتعلّق بتأويل هذه التسميات (وَهران، وِهران، أوران وغيرها) والتي تُعد في الأصل تسميات لمجارٍ مائية: واد وهران (Oued Wahran)، واداهَران، وواد وهران (Ouad ouahran) وغيرها. الفرضية الأكثر قبولاً مُشار إليها في كل التفاسير هي التي أوردها بيليجرين ( Pellegrin) عام 1949 في كتابه "أسماء أماكن الجزائر وتونس، أصل التسمية وتفسيرها"[7]. وتسمية وهران مثل: تيارت، تاهرت، تاهر. هي أشكال مشتقة من أسماء مصدرها ليبي-بربري يعني "الأسد"، ومع الأسف لم يقم بليجريين بتحليل تقني للنطق اللغوي لهذه المفردات[8].

ولهذه الأسباب يرتبط تحديد المعنى الأولي لأي اسم مكان ارتباطاً وثيقاً بشكل التسمية الأصلية للمكان، وبمعنى آخر تحديد اللغة التي ورد بها الاسم حين أطلق لأول مرة، وبعد ذلك محاولة تشكيل فرضية حول الفترة التي نشأ فيها.

ويتّفق جل المؤرّخين على أنّ أول ساكنة منطقة وهران في عصور ما قبل التاريخ حملوا اسم إيفري، والتي تُعد تسمية اثنية ومكانية تشير إلى المحطّة المهمة من عصور ما قبل التاريخ، وتحمل الاسم نفسه الذي نشأ من خلاله اسم لساكنة إثنية من أصل بربري، وهي قبيلة إيفري أو يِيفري التي استخدمها الكتّاب والمؤرّخين العرب.

تفاسير ومقاربة بين : وهران و Oran

اشتق بيليجرين (Pellegrin) سنة 1949 في كتابه المذكور سابقاً كلمة Oran وليس وهران من الصيغة الطارقية Ouaran وليس من صيغة Wahran التي تُعد هي الأخرى طارقية والتي تُشبه الكلمة المستعملة من قبل السكان الحاليين والقدماء. وقد أشار إليها المؤلّفون العرب وغيرهم من (إسبان وبرتغال وإيطاليين وفرنسيين وغيرهم) منذ القرن العاشر. ومن المقترح -وبطريقة غير ملحوظة- أن تكون الصيغة الفرنسية أو المفرنسة لكلمة وهران هي التي تُشبه الشكل الطارقي (وران).

يرتكز أساس هذا النوع من التقارب ذو الطابع الصوتي والشكلي الموجود من حين إلى آخر في خطابات عن أسماء الأماكن المحلّية على افتراضات تاريخية وإيديولوجية ولغوية محددة، من بينها: اقتراض البربرية من اللغة الهندو-أوروبية، حيث "تنحدر بعض الكلمات المستعملة في اللهجات البربرية الحالية من اللغة الهندو-أوروبية. وقد ربط بيليجرين (Pellegrin) الأسس اللغوية قبل البربرية بـ: "استيطان أوروبي قديم جدّاً في البلاد"[9].

إذن، إننا من البداية أمام طرح لاتيني لا يمكن أن نكرره ويخص الساكنين الأوائل في الجزائر، كما أنّنا أمام أحد مظاهره التاريخية والإيديولوجية الأكثر تجلياً ألا وهي "الاستمرارية الاستعمارية" التي فعلّها الضبّاط الفرنسيون الباحثون في علم الآثار[10]. ومن ثمّ، فإنّ التمثلات الذهنية المرتبطة بأسماء الأعلام وسياسة المؤسسات الاستعمارية المتعلقة بإعادة تسمية الأماكن وتفضيل أصول التسميات عن غيرها، هي التي ستكرّس فكرة ارجاع ما هو بربري إلى الأصل اللاتيني من خلال التقريب ثم زعم الاقتراض بربري-لاتيني أو تُرجع تماماً تشكلات أسماء الأماكن المحلية إلى أصول لغوية لاتينية، وخير دليل على ذلك المثال التالي: تيارت، تيهرت، تاهرت، تينغارتيا، تينغارتنسيس[11].

الاسم الجغرافي (وهران) استعمالات وكتابات مختلفة

تنتمي تسمية (وهران) إلى مجموعة أسماء الأماكن التي تحتمل أوجهاً مهمّة من التأويلات. ومهما بدا الأمر متناقضاً، فإننا إذا عرضنا هذه الاستعمالات بعد اعتمادها - بطبيعة الحال- في محور تزامني وتعاقب، فإنها تُظهر انتظاماً وتُثبته وذلك على مستوى جميع الكتابات المسجّلة، وهذا الانتظام يكون في مستوى الصوت ووظائفه والشكل والمعجمية. ووفق ما سبق، فإن مآلات الأسماء وثرائها شأنها شأن الكائن، ولكن الكائن الذي يستعمل اللغة والإشارات والقواعد مثلما أشار إليه دي سوسير: "فهي تنتقل كموروث مخزّن في الذاكرة أين نشأوا" (دروس اللسانيات العامة، 1913)، كما تبيّن لنا التغييرات والتحريفات التي شهدتها هذه التسمية من خلال مسارها التاريخي: من وهران إلى أوران (Oran).

ويشير المؤرّخون العرب والإسبان والبرتغاليون وغيرهم (ابن حوقل، البكري، المقدّسي، الإدريسي، عبد الرحمن ابن خلدون، يحي ابن خلدون، المزاري، الزياني، فيي، الجنرال ديديي برارد...وغيرهم) إلى الأشكال التالية: وران، واد الهران، وهْران، وهَران، هُران، أوران، واداهَران.

وقد يظهر للوهلة الأولى -ومن منظور معجمي- أنّنا نتعامل مع اسم مركّب: (واد+وهران)، (واد+أوران)، (واد+هران)، (واد+هوران)،

ورد إلينا اسم (وهران) في شكله المبسط، وذلك لأسباب تتعلّق بالاختصار في الكلام (وادهَران، وادهُران...) وذلك مثل: أرزيو (واد أرزيو)، تيموشنت (عين تموشنت)، شلف (واد شلف)، تليلات (واد تليلات)، سوﭬر (واد سوﭬر)، وغيرها من أماكن الجزائر.

نلاحظ من خلال الكتابات السابقة مزج (وهران) بالاسم الذي يدلّ عليها أي: واد أي: واداهَران. ويمكن أن نفترض لغوياً أنّ كتابة اسم (وهران) قد تمّت من قبل مؤلّفين لا يُجيدون فن تشكيل الأسماء المركّبة، حيث -بطريقة أو بأخرى- نقلوا البنية الشكلية والأداء الصوتي للاسم بشكل دقيق مثلما كان متداولاً، وسنعرض هذه البلوَرة "غير الصحيحة" والمتعلقة بالشكل الذي سنورده.

أسماء الأماكن وأصولها اللغوية

الوصف اللغوي

نحتفظ من بين كلّ الفرضيات التي حاولت إبراز أصل كلمة (وهران) بتلك التي تشير إلى الأصول اللغوية البربرية والعربية للكلمة، لأنّها تبدو الأكثر قبولاً في المستوى اللغوي.

تُعد بعض اللغات مثل: العربية والعبرية والبربرية من اللغات الجذرية أي إنها تحوي عنصراً أساسياً لا يُستغنى عنه "تشترك فيه مجموعة الكلمات التي تنتمي إما إلى لغة واحدة أو إلى أسرة لغوية واحدة"[12]. وعليه، إذا فكّكنا كلمة (وهران)، فإننا نلاحظ الجذر "هر"، وتُعد اشتقاقاتها المعجمية (أهار) و(إهار) كلمات بربرية نجدها عند طوارق الهـﭬـار (قاموس طارقي-فرنسي، دي فوكو) وصيغة تأنيثها هي: (أهران) و(إهران) التي تعني "الأسود".

وبالتالي يُصبح اللفظ (أهران) أي (الأسود) بالطارقية مكشوفاً بشكل واضح من خلال الكتابات المذكورة أعلاه.

ودهران = واد + أهران.

وبالتالي يستعيد ذلك الشكل المركّب أصله بصورة مختلفة ومتباينة، ويختلف الأمر بالنسبة إلى الشكل المبسط لاسم (وهران). ويُعد اسم (وهران) في الواقع نظاماً واسماً مركباً من منظور شكلي، أي أنه:

كلمة مركّبة من : ثلاث وحدات معجمية " و+أهار+آن

وأربع وحدات معجمية واد و+أهار+آن

ونُفسر وجود (الواو) في (وهران) من خلال الرجوع إلى اللسانيات البربرية، فقد تم الإشارة إلى الوحدات: و+أهاران في الاستعمالات القديمة والحالية على حد سواء، وذلك مثل: الكتابات التي سبق ذكرها أعلاه. وتُعد (الواو) في اللغة البربرية وحدة وعنصراً نحوياً يُعبّر عن الانتماء وتعني: "الملكية" (دالات، قاموس بربري، فرنسي).

وتُعد (آن) التي نجدها في (أهار-آن) علامة من علامات الجمع في اللغة البربرية.

وبالتالي تعني (و- أهار- أن) حرفيا: الأسود.

وتُعد لفظة (واد) التي أصولها عربية محدداً لـ: (وهران) مثلها كمثل كثير من أسماء الأماكن بالجزائر أو بالمغرب التي تُعد تركيبات لغوية مختلطة (بربرية –عربية) أو (عربية-بربرية) مثل: واد مسرﭬــين، واد يسر، جبل زكّار وعين تَحْمامت... وغيرها.

ويندرج المكوّن الثاني الذي غابت دلالته عن المستعملين في الأزمنة الماضية والحالية ضمن قائمة أسماء جغرافية منها: (واد، سدي، لالة، دوار)، وقد نجد في بعض الحالات معنى مزدوجاً مثل: عين تالا، واد سوف، واد مينا.

بالإضافة إلى ذلك، قد نشير إلى أسلوب آخر سجلناه في الاستعمالات الحالية وهو: التناوب بين حركتي الفتحة والضمة في التسميات الجغرافية التالية:

وِهْران / تِهرت

وَهْران / تَاهرت.

ومرجع الاختلاف في ضبط التشكلين مردُه إلى ضبط كل من الإدريسي وابن خلدون والبكري (تِهرت) بكسر التاء، وضبط ابن صغير وأبو فوده (تَاهرت)[13] بالفتح الممدود. وفي مقابل ذلك لم ترد كلمة (وَهران) إلا مفتوحة الواو.

فإذا كانت (وَهران) تعني "الأسود" فماذا عن "الأسود"؟

ونظراً لوضع المستندات، لا يستطيع أي أحد حالياً هاهنا وإلى حد الآن أن يُقدم بشكل موثوق أول مكون لهذا الاسم الجغرافي، لكن ما يمكن تأكيده هو أن أسماء الأماكن إذا كانت قديمة مثل: (وهران)، فمكونها الأول قديم أيضاً إن لم يكن أقدم منه. واللفظ المحدّد يُشير -على العموم- إمّا إلى (الماء) أو إلى (الجبل)، أو يشير إلى إحدى خصائصهما المميزة مثل: السرعة والغزارة والارتفاع والمأوى.... وغيرها[14]. وبما أنّ هذا المصدر قد تم تسجيله من خلال (واد أهران) و(واد الهران)، فنقول إنّه اسم مجرى مائي، أي: (أسيف ويلل) بالليبية البربرية اللتين تعنيان (واد).

وهناك فرضية أخرى تخص موضوع أسماء الجبال والتضاريس (oronymie)، أي (أروس) بالإغريقية التي تعني (جبل) والمتعلقة بالمكون الأول لتسمية )جبل وهران(، الذي يشير غالبا إلى جبل في وهران يحمل التسمية الفرنسية « La Montagne des Lions » أي: "جبل الأُسُود"، واسمه الأصلي )جْبَلْ كار(، وهي لفظة أهملت وحلت محلها التسمية الفرنسية. وتشتق لفظة "كار" من الجذر المرتبط بأسماء الجبال والتضاريس التي نجدها في أسماء الأماكن الليبية-البربرية بالغرب الجزائري مثل: كركار، تونكرة، تونكَرة، كِرية، كَرمَان، زكّار، زكُّور، زُكّرية وكَلاكري التي اكتشفها غزيل (Gsell)، وهي كتلة من الصخور.

ومع ذلك فإنه علينا أن ندرج هذا التحديد في سياقه العام؛ لأنه قد نجد الاسم الواحد المندرج ضمن أسماء الأماكن في الجزائر أو المغرب الكبير مقترناً بثلاثة محددات مختلفة مثل:جبل تاﭬدمت، دوار تاﭬدمت وبلاد تاﭬدمت.

وبالنسبة إلى (وهران)، فقد تمّ تحديد (واد) من خلال مُرَكب غير أصلي، بما أنه يعود إلى أكثر من أحد عشر قرنا تزامنت مع تأسيس مدينة وهران.

الكتابات المختلفة لاسم وهران

تتميز الكتابات المسجلة لكلمة (وهران) بصورتين اثنين، أولاهما: تُبقي على حرف الهاء، وأخرى تحذفه:

وجود (الهاء): وَهران، واهران، واد الهَران، واد الواهران، واد الهُران.

بدون (الهاء): وارَن، واران، أوران .

اسم المكان

وجود حرف "الهاء"

عدم وجود حرف "الهاء"

وهْران

+

-

وهَران

+

-

واداهران

+

-

وَران

-

+

أوران

-

+

واد الهُران

+

-

وران

-

+

واد الوَهْران

+

-

واد الهَران

+

-

وَران

-

+

ويمكن أن يُعلل هذا الاستعمال المزدوج تفسيرين: الأول: يتعلق بالصوتيات والشكل، والثاني يتعلق بالدلالة التي ستكشف فيما بعد عن أصل كلمة (وهران).

ربما تعود كتابة (وهران) بالأشكال التالية: وران، واران، أوران إلى كاتبي هذه الكلمات، أي: كونهم متحدثين أجانب –على ما يبدو- باللغات الهندو-أوروبية، فأنظمة الصوتيات والأصوات للغاتهم الأم أو اللغات التي يستعملونها لا تحوي عدداً من الحروف التي تميز الكلام الجزائري (البربري والعربي) مثل: الحروف التالية: ث- ط- غ- هـ- ذ-ء.

بما أنّهم لم يكونوا في مستوى إعداد نظام تطابق صوتي وخطّي مع لغاتهم، قاموا –ببساطة- بحذف حرف الهاء، وبالتالي كُتبت واران بدلاً من وهران.

وهران- و(ه) ران -وران

ومن خلال هذه العلاقة يمكننا أن نشرح الشكل المفرنس لاسم وهران الذي كُتب بالشكل التالي: (Oran)، فقد تم إزالة حرف الهاء في الأشكال التالية: هُران، واد الهُران للأسباب التي ذكرناها سابقاً. وأشار لاسـﭙـاس (Lespes) إلى أنه قد تم كتابة (هُران) بالأحرف اللاتينية على خرائط بحرية ابتداءً من القرن الرابع عشر:

هُران (ه)-أُران أُران

ويُبين لاسـﭙـاس (Lespes) الأشكال المختلفة التي كُتبت بها (وهران) في الوثائق الخرائطية الأولى وخرائط الملاحة البحرية للقرنين الرابع والخامس عشر، "حيث وردت (أوران) في (1318م)، و(بُران) في القرن الرابع عشر، وأورام في (1339م). "وظهر لأول مرة شكل (ORAN) في مخطّط بحري بجنوة (إيطاليا) في عام 1375م، لكنه لم يُعمم استعماله إلا في نهاية القرن السادس عشر، كما ظهرت في خريطة سيباستيان كابو Sébastien Cabot العالمية (1544) وفي خريطة جيرارد ميركاتور (1569). ونجد (أورام) سنة 1546 بشكل استثنائي عند دييغو أومان في خريطة برتغالية لسنة 1569 وفي خريطة دو بيير ديسيلير لسنة 1546، كما نجد (أورانو) و(أوراني)" .

وانتقلنا من خلال اللغة الفرنسية من (Oran) (مع قراءة المقطع الأخير من الكلمة كما لو كانت من أصل عربي أو بربري مثل: عصمان، رمضان، أمقران) إلى (Oran) مفرنسة. ويُمثل ذلك سيرورة صوتية توافقية وحالة اتّصال بين نظامين لغويين مختلفين تتميز بإخفاء حرف النون في آخر الكلمة كحال كلمة (مخزن) العربية التي حُذفت نونها وتحولت إلى (magaze ) (magasin) أي: متجر.

والتفسير الثاني المحتمل هو ذلك الذي يرجع إلى المفردات الطارقية، وبالتحديد إلى عملية المرادفات، حيث يوجد مفردتان للإشارة إلى الأسد بالطارقية إما: أهار وجمعها: أهَران، أو: آر وجمعها: آران. وبإضافة الحرف اللغوي (و) نحصل على الكتابة التالية: و+ أران = وَران. كيف وصلنا الآن من (واهَران) إلى (وهْران)؟ فقد ثبت حذف حركة الفتح في الكتابات القديمة والاستعمالات الحالية.

انتقلنا لأسباب لغوية من (وهَران) إلى (وهْران)، حيث يستجيب حذف حركة الفتح لآلية الاختصار التلقائي في الكلام الجزائري (البربري أو الدارجة). وقد أشار إليها مارسي (Marçais) بشكل جيّد في عرضه التجريبي حول النحو العربي المغاربي ، حيث يرى أن "الكلام المغاربي يتميّز بالمبالغة في حذف المادّة الصوتية، فالأصوات الممدودة قوية والقصيرة منها ضعيفة". وهذا الحذف في المادة الصوتية أكثر حضوراً في الكلام العربي المغاربي لدرجة أنه يُحدث تغيراً في بنية المقاطع اللفظية في العربية الفصحى مثل:

كَتَبَ.....كْتَبْ

خَرَجَ.....خْرَجْ

صَدَقَ.....صْدَقْ

وهران : بين التأصيل العربي والمخيال المحلي

وَهران/وِهران : استعمال مزدوج

لوحظ تقارب في الممارسات الشعبية وحتى المعرفية بين (وهران) وبين الشكل المفترض أنّه عربي (وِهر) بمعنى: الأسد والمثنى منها (وِهران) أو (وِهريْن). وتقتضي حجّتان نسبية إرجاع الاسم الجغرافي) وهران (إلى الأصول العربية، فالاستعمالات التي لوحظت في كل من الممارسات الشفوية الحالية وفي كتابات القرون الماضية هي (وَهران) وليست (وِهران). فشكل (وَهران) بحركة الفتح هي الأكثر استعمالاً من قبل المؤرخين ومدوني الأحداث والعسكريين في القرون الماضية. الفرضية الأولى التي نطرحها هي أن تسمية (وِهران) هي تشكل حديث، ويرجع هذا التشكّل إلى رغبة المؤسّسات في التّصجيح المُفرط للممارسات اللغوية في الجزائر والذي أشارت إليه مرسلي سابقاً، وهو نوع من الممارسة التي بلغت ذروتها مع صدور المرسوم رقم 81-26 المؤرخ في 7 مارس 1980 ، فالأسماء لم تكتب كما كانت مستعملة بالفعل من قبل الجزائريين، ولكن وفقًا لاستعمالات اللغة العربية الفصحى مثل: الجزائر بالنسبة لدزاير، والأمر نفسه بالنسبة لاسم قسنطينة والبُليدة وتِلِمسان وغيرها، وخير مثال على ذلك هو سُكَيْكِدة بالنسبة لسْكِيكْدَة التي يعود أصلها إلى البونيقية أي: روسيكادا (شاكر، 1980).

وقد تم التخلي عن عملية تصحيح التسمية لعدم تقدير واقع استعمالات أسماء الأعلام الجزائرية ولحجم الإنفاق المالي الذي يترتب عن ذلك. وفي بعض الاستعمالات اللغوية نجد وَهران (بفتح الواو، وفي استعمالات أخرى أصبحت وهران) وِهرين (الذي يُعد مثنى في اللغة العربية الفصحى ويعني: "الأسدين".

وقد يتطلب هذا التفسير وهذا الاستعمال أن نعرض ملاحظتين، أولاً: وجود تمثالي الأسدين عند مدخل مبنى بلدية وهران الذي يبدو أنه قد اثّر على المخيال الوهراني، ثانياً: التمثالان تمّ بناؤهما من قبل الإدارة الاستعمارية الفرنسية في عام 1888 قبل زُهاء خمسين عامًا من تاريخ طرح الفرضية الدلالية بين) وهران (وبين معنى الأُسود. وما يبدو مستبعداً حينها أن يكون لما حصلت صلة لغوية دلالية بين) وهران (وبين تمثالي الأسدين البارزين.

هل نعُد العلاقة بين إنشاء الأسدين وبين أصل وهران) الأسود (اعتباطية وذلك، استناداً إلى الفارق الزمني الذي سجلناه؟

وهران وسرفانتس

يبدو لنا أنّ الرموز الإسبانية المنحوتة (Charles XV) والموجودة حاليًا في متحف زبانة بوهران هي التي ألهمت السلطات الاستعمارية الفرنسية في وهران، حيث يُعد )أسدان( بالتحديد جزءًا من هذه المجموعة التصويرية. وقد أثرى أسود وهران وإفريقيا الشمالية بشكل عام مخيلة الأدباء الغربيين.

ويشير أسير الجزائر العاصمة المشهور سرفانتس -من خلال زيارته إلى وهران- في رائعته: الحذق دون كيخوتي دي لامانشا l’Ingénieux Hidalgo don Quichotte de la Manche إلى الأُسود الجميلة التي جيء بها من وهران وقال: "وهنا وصلت عربة الأعلام، ولم يكن بها أحد غير الحوذي على البغال، ورجل آخر في مقدمتها. اعترضها دون كيخوتي وقال:

  • إلى أين تتجهان أيها الإخوان؟ وأي عربة هذه؟ وماذا تحملون بها؟ وأي أعلام تلك؟

وعلى هذا أجاب الحوذي:

  • العربة ملكي، وما تحمله أسدان متوحشان في أقفاص، يرسلهما الجنرال دي أوران إلى البلاط، هدية إلى صاحب الجلالة الملك، أما الأعلام فهي لمولانا الملك، علامة على أن العربة تحمل شيئاً يخصه.

سأل دون كيخوتي:

  • وهل الأسدان كبيران؟

أجاب الرجل الذي يجلس في المقدمة على باب العربة:

  • كبيران جدّاً، فلم يرد من إسبانيا إلى إفريقيا آساد أكبر منهم قط، وأنا مروض الأُسود، وقد روضت غيرهما، لكن مثلهما لم يقابلني مطلقاً. وهما أنثى وذكر[15].

كما يشير سرفانتس في النسخ الجديدة[16] بطريقة أخرى إلى أُسود وهران عندما يتحدث عن لبؤة وهران فيقول:

"الجميلة الصغيرة، الجميلة الصغيرة

سيدة بأيدٍ فضية،

زوجك يُحبك أكثر من ملك البُشُرات.

أنت يمامة بدون لؤم

لكن أنت شرسة في بعض الأحيان

مثل لبؤة وهران

أو مثل نمر أورقنج."

فهل يُعد "الأسدان " جزءًا من تلك الصور الرمزية التي تعود إلى الفترة الإسبانية، فقد جُسدوا -في كل حال- على واجهات الإدارة المحلية في وهران. ولذلك، فليس من قبيل الاعتباطية أن تُؤصل وهران عربياً من خلال صيغة المثنى في اللغة العربية الفصحى: وَهْران، وِهريْن.

وهران في "لسان العرب"

فرضية إرجاع الاسم الجغرافي )وهران( إلى اللغة العربية ليست محل إجماع، وهي ذات طابع لغوي بالدّرجة الأولى، فالمثنى )وِهران( أي: )الأسدين( ومفرده )وِهر( أي: )الأسد( مثلما تتناقلها الاستعمالات المحلية السائدة لا وجود لها في اللغة العربية. وبالرغم من وجود الكلمة فعلاً، إلا أنه لا علاقة له بعالم الحيوانات على الإطلاق، ومناط ندرته أن انفرد بذكره ابن منظور ويعني الوهر في لسان العرب ما يلي: "وهر: توهر الليل والشتاء كتوهرت، وتوهر الرمل كتهور أيضا.

والوهر: توهج وقع الشمس على الأرض حتى ترى له اضطرابا كالبخار، يمانية. ولهب واهر: ساطع

وتوهرت الرجل في الكلام وتوعرته إذا اضطررته إلى ما بقي به متحيرا. ويقال: وهر فلان فلانا إذا أوقعه فيما لا مخرج له منه.

ووهران: اسم رجل وهو أبو بطن"[17].

هل يعود شكل) وَهران، وِهرين( فقط إلى هذا الانشغال المرتبط بالممارسات اللغوية المتعلّقة بالتصحيحات التي أجرتها الإدارة في الجزائر خلال العقود الأخيرة؟

تكتسي الملاحظات اللغوية المرتبطة بالكتابات الخاصة باللغة العربية والمدوّنة في بعض الوثائق التاريخية قيمة وأهمية علمية معتبرة في هذه الحالة بالذات. ونظراً لخُلو كتابة اللغة العربية في الكتب التاريخية وغيرها من الشكل أي: دون حركات الفتح والضم والكسر والسكون فقد قدم بعض الكتاب مقترحات شكلية تقنية للكلمات، وذلك من أجل الدقة الدلالية.

وبيّن الزياني في القرن التاسع عشر وبصوره مضبوطة للغاية أن التسمية الصحيحة لاسم المدينة تكون باستعمال حركة الفتح وليس حركة الكسر، وبالتالي (وَهران) وليس (وِهران)، ويُعَد أن استعمال الكسرة في (وِهران) خاطئ بقوله: "ومن كسرها غلط، وهران بفتح الواو"[18].

ويشير ياقوت الحموي في القرن الثالث عشر في معجمه إلى شكل الكتابة ويضبطها بدقة وذلك بإيراد تفصيل أصوات حروف )وهران( متتابعة، حيث أشار إلى أن استعمال حركة الفتح يفتح نطق الاسم (واستبعد بذلك حركة الكسر(، يليها حرف الهاء ثم الراء ثم الألف ثم النون[19].

وبذلك مثّل تناوب حركتي الفتح والكسر (وَهران/وِهران) خلافاً شديداً منذ القدم. والشيء نفسه بالنسبة لنطق (تِهرت وتَاهرت) ولكن بشكل أخف، وفي النهاية (وَهران، وِهران) هما كلمتان بربريتان لكلمة (الأسود).

أقاويل الزياني السبعة في وهران

ظلّ المخيال الشعبي يُثري التفاسير اللغوية الأكثر اختلافاً والتحليلات التأصيلية الأكثر جرأة، فقد قام الزياني بأهم جرد وأورد الأقوال السبع حول أصل تسمية المدينة بقوله: "واختلف في سبب تسميتها بوهران على سبعة أقوال: الأول إنما سميت بذلك لكون خزر الذي اختطها لقبه وهران فسميت به، الثاني إنما سميت بذلك لكون الرجل الذي يبني فيها اسمه وهران فسميت به، الثالث إنما سميت بذلك لكونها مركبة مزجيا من كلمتي وهران، فوه معناه الضعف، كانوا بها في تعب وهلاك مع بني يفرن وعمال الشيعة من صنهاجة وغيرهم، وكذا ازديجة وعجيسة فسميت بذلك، الرابع إنما سميت بذلك لكونها زناتية، وذلك أن مغراوة لما شرعوا في حفر أساسها وجدوا به غارا فيه ثعلب واسم الثعلب بلغتهم وهران، فسموها بذلك وقالوا مدينة وهران، فاستعملت بهذا الاسم للآن وهذا أشهر الأقوال، الخامس إنما سميت بذلك لكونها مركبة تركيبا مرجيا من كلمتي وهران فهو معناه الضعف، وران معناه الغلف، فهي ضعيفة الران أي الخلف الذي يكون على قلوب الناس، لأن خزر الذي اختطها كانت عقيدته سالمة لكونه كان سنيا فلذلك ضعف رانه، السادس إنما سميت بذلك لكونها مركبة من كلمتي واه ران وذلك أن بني يفرن لما غزوها إثر بنائها لم يهتدوا إليها ولم يطلعوا عليها لعدم معرفتهم بها لكونها كانت بمحل مشعّر ذا غِيَظ كبيرة لا يعرفه إلا صاحبه فألفوا بقربها رجلا ذاهبا منها لبعض مآربه فتقبضوا عليه وسألوه عنها فأبى أن يخبرهم بها فشددوا عليه فجعل عصاه نيشانا نحوها فقالوا هي صوب النيشان فقال واه ثم سمعوا آخر يقول رانا فقصدوه فعثروا عليها فأخذوها وسبوا أهلها فقالوا هذه غنيمة واه ران فاستعملوا لها اسما من ذلك فحذفوا كلمة غنيمة وألف واه الذي بعد الواو والألف رانا الذي بعد النون ووصلوا الكلمتين فقالوا وهران السابع إنما سميت بذلك لأنها مقلوبة من كلمتي نارهو أي ظهر أمر خزر الذي اخطتها ونار على غيره من قرابته وغيرهم، وقال لي بعض حذاق النصارى من طلبتهم الذين لهم اعتناء بعلم التاريخ والبحث عن الأمور إنما سميت بذلك لأنها مأخوذة من اسم سكانها وهم هوارة وألفيت في قوله بعدا كثيرا لا يلائم لكون وهران بنيت وسميت بهذا الاسم بأمد بعيد قبل أن يسكنها هوارة و الله اعلم بذلك."

ونستنتج بعض الملاحظات من قراءة هذه التفاسير من بينها تلك المتعلّقة بالمحتويات الدلالية الخاصة باسم (وهران) :

أولاً: تميز الموضوعات التي لها علاقة بين وهران وبين الموضوع العرقي أو الاثني، أي: اسم قبيلة بني إفرن والهوارة.

ثانياً: الفرضية الدلالية السائدة إلى حد ما والمرتبطة باسم المدينة لها علاقة بعالم الحيوانات (أسماء الحيوانات)، ويُقدم الزياني هذا الشرح لمنطقه وشيوعه، وهي فرضية مفادها اكتشاف المغراوة (قبيلة بربرية) أثناء بنائهم المدينة كهفاً بداخله ثعلب يسميه السكان الأصليين في لهجتهم (وَهران).

ثالثاً: تسجيل تنوعاً في التفاسير لها علاقة بمحاكاة صوتية (واه) أو لها علاقة بحكايات أحداث تناقلها الأشخاص فيما بينهم (القول الخامس).

والتفسير السائد والمنطقي حسب الزياني هو ذلك الذي له علاقة دلالية بين (وهران) وبين اسم حيوان (الثعلب) على وجه التحديد [20]، ولا يبتعد هذا التفسير الدلالي الذي يفضّله المؤلّف والذي يرتبط بعالم الحيوانات عن التفسير الذي نسبناه أعلاه إلى (وهران) أي: (الأسود).

وهران بين الأصل اللغوي وعصور التاريخ

علم أسماء الأماكن وعلم الآثار

وما يشد في هذه الفكرة هو تساؤل: ما الذي أتى بالبربرية الطارقية إلى وهران، التي أقل ما يمكن قوله عنها أنها بعيدة كل البُعد من المجال المذكور، فكيف إذا تصورنا للحظة عسر النقل وحركة الشعوب منذ آلاف السنين الماضية وليس القرون السابقة فقط؟

سنجد إجابة مؤقتة إذا ما طرحنا السؤال الذي صغناه في بداية الورقة والذي يتعلّق بالتساؤل التالي: بأي لغة كُتبت كلمة (وهران)، وذلك حتّى نتمكّن من توضيح الفرضية الخاصة بمرحلة تشكلها؟

وفرضيتنا هي: (وهران) كــــــَ: (تيهرت) أسماء من أصل ليبي-بربري، وبُعد المسافة بينهم وبين الطوارق هو الذي يؤكّد فرضيتنا على وجه التحديد. وتُعد (وهران) و(تيهرت) إرثاً لغوياً ثابتاً في عالم أسماء الأماكن، وهو الأقدم في المغرب الكبير، وهي لغة ليبية يعُدها اللغويون والمؤرخون أصل اللغات البربرية الحالية (فيفري، قداش، كمـﭙس، شاكر وحاشي وغيرها)، فهي اللغة الأولى المنطوقة والمكتوبة في منطقة المغرب الكبير الحالي، ويمكن إرجاع تاريخ ظهور كتابتها -حسب بعض المتخصّصين- إلى سبعة قرون قبل الميلاد على الأقل. لذلك يمكننا أن نتخيّل أن هذه اللغة في شكلها الأصلي: أي المنطوقة أو الشفوية تعود ربما- إلى آلاف السنين قبل الميلاد وإلى فجر التاريخ قطعاً، ويقول اللغويون: إنّ الإنسان تعلّم الكلام قبل الكتابة، حيث ترتكز أنظمة الكتابة على وحدات اللغة المنطوقة سواء أكانت أبجدية، أو مقطعية أو رسماً لفظياً. "ويمكننا التأكيد أنه كان لأسلاف البربر نظاماً كتابياً انتشر مثلهم من البحر الأبيض المتوسّط إلى النيجر"[21].

ولم تعد هذه اللغة موجودة بتلك الصفة، إلا أنّ أحد أقرب أشكالها المشتقّة منها هو: تيفيناغ الطوارق الذي ينبغي أن نضيفه إلى أشكال أخرى قديمة ومتطورة جدّاً وهي مختلف اللهجات البربرية الحالية في شمال إفريقيا.

وتتميّز أسماء الأماكن وأسماء الأودية والجبال خاصة -بالإضافة إلى بعدها الأنثروبولوجيى- بتجسيد التسميات القديمة لمنطقة ما وترسيخها، وقد تكون هذه التسميات أقدم. كثيراً ما احتاج الإنسان خلال تاريخه إلى الماء من أجل العيش وإلى الجبل من أجل حماية أفراده، فيمكننا العثور على أسماء قديمة للأماكن تعود إلى آلاف السنين، ويندر ذلك في أسماء الأشخاص.

ومنه، ألا يمكننا أن نتصور طرح فرضية التشكّل التاريخي لاسم (وهران)؟ ستكون هذه الألفاظ نتاج لغوي في القطاع الوهراني والشاهد والأثر الحقيقي لممارسات السكان الأصليين لهذه المناطق في فترة ما قبل التاريخ؟ وبعبارة أخرى: تعود (وهران) كــــ: (تِهرت) و(يلّل) و(زكّار) إلى عصور ما قبل التاريخ و ربّما إلى العصر الحجري (3000 إلى 10000 سنة قبل الميلاد)، بالرغم من أننا لم نتطرق في هذا الصدد إلى خصائص البيئة الطبيعية والآثار الأركيولوجية والمعطيات الاثنوغرافية والأنثروبولوجية والثقافية إلا بإيجاز شديد.

وتتميّز المجموعتان الثقافيتان (الإيبيرومورية والقبصية) بخصائص وهران والقطاع الوهراني بشكل واضح ومن منظور أنثروبولوجي في فترة ما قبل التاريخ. ومهدهما غني جدّا بحجر الكلس الموجود أيضا بكهوف ومغارات بأسفل صخور وهران. ويقول بالو (Balout) في كتابه الموسومPréhistoire dans l’Afrique du nord. Essais de chronologie 1955 : "استمر نسل المشتاني العربي إلى العصر الحجري الحديث في المنطقة الإيبيرومورية من ساحل المغرب الكبير وتلّه، فوجودهم مثبت بالمغرب الكبير الغربي خاصة وعلى وجه الخصوص في مغارات نواحي وهران".

وهذا الوجود مثبت كذلك في هذه المنطقة الإيبيرومورية من ساحلها وتلها إلى غاية العصر الحجري الحديث وباستمرار استيطان الإنسان المشتاني العربي في كولومناطا بتيارت. وعن هذا الشأن يوجد في متحف أحمد زبانة بوهران بقايا وآثار ملموسة "لصناعات حجرية وفخاريات صنعها الإنسان الذي عاش في وهران" (قاعة: ما قبل التاريخ). وقد سجل دومارغ (Doumergue) سنة 1888م في إحصائه لكهوف ما قبل التاريخ بنواحي وهران مغارات بثكنة مرجاجو العسكرية وغيرها تعود إلى العصر الحجري الحديث. وهي مغارات تقع كلها على المنحدر الجنوبي والشرقي لجبل مرجاجو، المنحدر الذي يتكون من سلسلة من الهضاب الصغيرة والتلال التي تُكون مقعد الباي ويفري، زد على ذلك أودية شوفيل، شابط سردي-سرير، الماران، مطوية، ملوية، مبوزة ومغارات نوازو، بوليـﭬون، تروﭬلوديت، لْيافْرْ، لُفون، سولاي، بارجُري، فيـﭬْيي، الكمين، وغيرها.[22]

وبما أنّ منهجنا من أجل البحث في أصل أسماء الأماكن هو طرح التسلسل الزمني، فإن أسماء الأماكن التي لا يعتريها حذف هي الأسماء التي تتعلق بالماء والجبل -كما أشرنا من قبل-، وذلك حسب كل المتخصصين في هذا الميدان. وبما أنّه لا يمكن للسانيات وحدها الإجابة عن كل التساؤلات، فذلك يستدعي اجتماع علوم أخرى مثل: علم ما قبل التاريخ، علم الإنسان، علم الجغرافيا، وعلم الآثار وغيرها.

وتتمثل الطريقة اللسانية أيضا في تحديد الجذور اللغوية الخاصة بمنطقة ما في إجراء مقارنات مع المعطيات الأنثروبولوجية والأثرية والتاريخية والجغرافية والاثنية.

وللقيام بذلك، سنعود إلى التسميات التي عرفتها "المغارة" وإلى تسمية مستوطني وهران الأولية التي تمت في عصر ما قبل التاريخ كما رأينا سابقاً. وسنبدأ بمحطّة وهران التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ والمسماة إيفري، وتجدر الإشارة إلى أن هذه التسمية شملت أيضاً المستوطنين الأوائل لمنطقة وهران. وفي عهد الباي بوشلاغم (1708،1732) "كان للمدينة أربع ضواحي من بينها إيفري التي تقع بجانب مرجاجو" [23]. وذُكر اسم إيفري خلال الفترة الاسبانية بمفردات مختلفة هي: إيفري (yfre)، إيفري (Ifre)، يَفْري. (Hontabat, Vallejo )Tinthoin) [24]).

أسماء الأماكن ومستوطنو إيفري

تنحدر كلمة إفري ومجموعة من الكلمات الأخرى من الجذر (فر)، وتعني كلمة إيفري التي جمعها: إفران، إفراتن، تِفران بالأطلس الكبير في المغرب الأقصى "المغارة أو الكهف". كما تحمل أيضا معنى "الحوض الاصطناعي المخصّص لتجميع ماء الجبال"[25].

وهناك تفسيرات أخرى لهذا الجذر فصلها مارسيي (Mercier[26]) وبلغران (Pellegrin[27])، كما هناك تفسير آخر لـــــ: لاووست (Laoust) يُؤيده شريقن[28] والذي يُبرز العلاقة بين إيفري وإفريقيا، "فالمفردة اللاتينية (أفريكا) تتضمن (إفري) في شكل (أفري) أي: إفريقيا باللغة العربية".

ويعُد محمد طالبي في موسوعة الإسلام -قطعاً- أنّ لفظة إنفريقيا -بغض النظر عما يقوله المؤلفون العرب- مقترضة دون شك من اللاتينية (Africa)، إذ بنى هذا الطرح انطلاقاً من ملاحظة الأشكال المنحدرة من المصادر اللاتينية قبل سقوط قرطاج مثل: (أفر) جمع (أفري) أو من خلال تسميات أماكن وأشخاص مثل: سكيبيون أفريكانوس (235-183 قبل الميلاد) ومقاطعة (أفريكا) الملحقة ببلد (أفري) التي ألحقتها روما إليها، وهي لفظة تُطلق على أهاليها[29]. ويذكر لويكي (Lewicki) في الموسوعة البربرية في المجلّد الثالث (1985) أنّ بنو إفرن هم من سلالة إيفري بن يصلتين بن ميسرة بن زاكيا بن وارديران (أو ورسيك) بن عديبات بن جنّا، وأنّ (إفري) اسم كل القبائل الزناتية، وفي رواية أخرى يقال أنّهم أحفاد يصلتين، وذلك نقلاً عن ابن خلدون ومؤلفات لعلماء بربر مختصين في الأجنة منهم: صادق بن سليمان المطمطي، هاني بن مسدور الكومي وكحلان بن أبي لوى.

وكان تاريخ (إفران) وأصلها -بالإضافة إلى أفري، إيفري، أفاريق، أفريقا وإفريقيا- موضوع تفاسير وتأويلات مختلفة جدّاً وغير متوقعة إلى حد ما، وذلك منذ الإغريق والعرب وصولاً إلى المستعمر الفرنسي. ويُعد ابن خلدون أول من جمع بين اسم (إيفري) (اسم لسلف بني إفران) وبين اللفظ البربري (إيفري) الذي يعني (المغارة).

لاحظنا من جانبنا، أن هذا الجذر يعني كهف وجُرف: إيفري وإيفران (داليت، 1980) في مناطق وهران والقطاع الوهراني: سعيدة، الشلف، تلمسان، تيارت، تسمسيلت وتنس. وسوف نذكر أسماء الأماكن التي لها علاقة بموضوع (فر) التي تخص الكهف وهي: إفري، طافراوا، طافراوي بوهران، تفريت وهي اسم المغارة المشهورة التي تعود إلى ما قبل التاريخ في سعيدة، راس تيفران، تافرينت، تافرنت، تافرونت، تيفران، إفران، تفران، واد تفران، غار إفري، عين تيفريت، تافوره، فرندة، تيفرات، تيفورة، واد تافرنت، واد تيفريت، تافراوة، عين فراي، واد فراي، جبل فرارة، واد تافراوه، جبل تفرانت.

وبالتالي نحن أمام استيطان قديم جدّاً في هذه المناطق؛ حيث تُعد (إيفري) وغيرها شاهداً حيوياً وأصيلاً إلى حدٍ جعل المعنى يغيب عن الباحثين المعاصرين وحتى القدامى، وذلك نظراً لعدم الإشارة إلى هذا التأصيل من خلال أدلة من العصور القديمة والوسطى. وعلى هذا الأساس يُعبر الانتقال من اسم المكان (إيفري) إلى اسم إثني لساكنة (قبيلة إيفري) عن الأصالة التي تتمثل في العلاقات بين أسماء الأماكن وأسماء الأشخاص وأسماء القبائل في الحقل المغاربي.

ونتساءل هنا عن سبب اتخاذ سكان وهران -في عصور ما قبل التاريخ- اسماً يُعبر عن الجبل؟ لقد جسدت العلاقة اللغوية للإنسان الوهراني الجزائري أو المغاربي الذي يعود إلى ما قبل التاريخ بفضائه تمثلاً مواقعياً خاصاً، حيث يتجلى البعد الأنثروبولوجي والجغرافي والتاريخي. ولم يُسكن المغرب الكبير [30] "بناءً على الفرص الاقتصادية التي يُوفرها وإنما بناءً على طبيعة الجماعة وعلى رغبتها في الاستمرار والدّفاع عن نفسها". وفي هذا السياق ذكرت قبيلة بني إفرن التي تعني: "أبناء ساكني الكهوف" من قبل المؤلّفين العرب منذ العصور الوسطى الأولى[31].

ويرتبط الشكل الدلالي (فر) ومعناها بشكل وثيق بموضوع جبل الكهف بصفة عامة وبالكهوف التي تعود إلى ما قبل التاريخ بالتحديد، ولا تُعد (وهران) حالة خاصة [32].

وغالباً ما يُؤسس علم أسماء الأماكن علاقة هادفة بتسمية الأماكن، حيث يُعد العالم الحيواني كالنباتي [33] حاضراً بشكل كبير في العالم التسموي لشعوب الزمن الماضي. وقد تُشكل كلمات من أصل بربري-ليبي مشهداً لأسماء الأماكن بالغرب الجزائري مثل: أهار ،أيْرَدْ، أوشَنْ، إيلَفْ (حلوف)، إفْكَر (فكرون)، تيـﭭﭭـسْتْ، ﭬـرطوفة، ﭬـيلَسْ، تافَرْسْتْ، تاشتا، تاسْلَنْتْ وغيرها.

خلاصة

العودة إلى وهران وإلى أصلها "الأُسود"

لا يستعمل اسم (وهران) في الغرب الجزائري فحسب، وإنما وُجد أيضاً في أحد تقاطعات الأودية لواد شلف (واد وهران) كما نجده أيضا في المغرب الأقصى[34]، فهل يمكن أن تكون كلمة وهران من إطلاق ساكني كهوف جبل مرجاجو الأوائل؟ ومن ثم، ما (الأسود): (جبل الأسود)، (واد الأسود)، (صخر الأُسود) ...؟

لا يُستبعد أن تكون وهران قد أخذت معها سرّ صاحبها، فوهران مثل الأسد، شرسة وعظيمة في الوقت نفسه، مُخيفة ومحبوبة، مطاردة ويُتغنى بها، ووهران تجول وحدها عبر الزمن محتفظة لنفسها باختيار تسميتها وبسرّ صاحبها إلى الأبد.

ترجمة خديجة مقدم وهدية صارة

تدقيق لغوي زكرياء بسباسي

بيبليوغرافيا

Abou el- Fedhl, D. E. (1978). Llisan-el-arab Beyrouth.

Balout, L. (1955). Préhistoire dans l’Afrique du Nord. Essais de chronologie. Paris, France, éd. Arts et Métiers graphiques.

Baylon, Ch. et Fabre, P. (1982). Les noms de lieux et de personnes. Introduction de Charles Camproux, Paris, éd. Nathan.

Benkada, S. (1988). Espace urbain et structure sociale à Oran de 1792 à 1831. DEA Sociologie, Université d’Oran.

Benramdane, F. (1995). Toponymie et étude des transcriptions francisées des noms de lieux de la région de Tiaret. Thèse de magister en linguistique générale, sous la direction du Professeur F. Cheriguen. Jury présidé par le Professeur M. Kaddache. Université d’Alger. Texte ronéoté.

Brucker, Ch. (1988). L’étymologie. Paris, France, Que sais-je ? PUF, 5e édition.

Basset, R. (1865). Étude sur la Zenatiya de l’Ouarsenis et du Maghreb central. Paris, éd. Ernest Leroux.

Canal, J. (1900). Monographie ancienne et moderne de Tiaret.- Société de géographie et d’archéologie de la province d’Oran.

Chaker, S. (1980-1981). La situation linguistique dans le Maghreb antique : le berbère face aux idiomes extérieurs. Alger, Libyca. Tomes XXVIII-XXIX, CRAPE.

Cheriguen, F. (I987). Barbaros ou amazigh. Mots, Paris, CNRS.

Doumergue, F. (1920). Inventaire des Grottes préhistoriques des environs d’Oran). Oran, Bulletin de le Société de Géographie et d’archéologie de la province d’Oran (fondée en 1818). Tome XL, Imprimerie typographique et lithographique L. Fouqué.

El Bekri, Ibn Obeid. (1965). Description de l’Afrique septentrionale. Paris, traduite par De Slane. Edition revue et corrigée. Librairie D’Amérique et d’Orient Adrien Maisonneuve.

El Muqaddassi, (I950). Description de l’Occident musulman au IX-Xe siècle. Alger, Traduction d’André Pellat, avec le texte. Ed. Carbonel.

Gsell, S. (1906). Atlas archéologique de l’Algérie. Paris-Alger, tome I, avec un texte explicatif ; Cartes au 20 000° du service géographique de l’armée.

Ibn Khaldoun, (1982). Histoire des Berbères et des dynasties musulmanes de l’Afrique septentrionale. Paris, Traduit de l’arabe par le Baron de Slane, nouvelle édition publiée sous la direction de Paul Casanova. Ed. Librairie orientaliste Paul Geuthner, tome IV.

Ibn Hauqal, (I964). Configuration de la terre. Kitab Surat al-ard. Paris, Introduction et traduction avec index par J. H. Krames et G. Wiet. tome I. éd. B. D. Maisonneuve et Larose.

Ibn Saghir, (1957). Chroniques. Alger, Edition et traduction de Motylinski. Annales de l’Institut des Études Orientales, XV.

Kaddache, M. (1942). L’Algérie dans l’antiquité. Alger, 2e édition, éd. SNED, 1980.

Laoust, E. Contribution à une étude de la toponymie du Haut Atlas. Paris, Librairie orientaliste Paul Geuthner.

Lespes, R. (1830-1930). Oran, étude de géographie et d’histoire urbaines. France, Librairie Felix Alcan.

Leveau, Ph. (1979). Introduction de. In Les troupes auxiliaires de l’armée romaine en Mauritanie césarienne sous le Haut Empire. De Benseddik, Nadir, éd. Alger, SNED.

Mercier, G. (1924). La langue libyenne et la toponymie antique de l’Afrique du nord. Paris, Imprimerie nationale.

Mesnages, J. (1924). L’Afrique chrétienne. Évêchés et ruines antiques. Paris.

Moulieras, A. (1895). Les Beni Isguen. Essai sur leur dialecte. Société de géographie d’Oran.

Morsly, D. (1983). Histoire et toponymie : conquête et pouvoir. In Voyages en langues et littératures. Journées d’études de la division de Français, Alger, éd. OPU.

Pellegrin, A. (1949). Les noms de lieux d’Algérie et de Tunisie. Etymologie et interprétation. Tunis, Préface de Mercier Gustave, éd. SAFI.

Pellegrin, A. (1956). La toponymie de l’Algérie. Revue municipale de Sidi Bellabes n°20.

Rouissi M : Population et société au Maghreb.- Alger, Horizon maghrébin ; Ed. OPU, 1983.

Tauxier, H. (1884). Essai de restitution de la table de Peutinger pour la province d’Oran. Bulletin trimestriel des Antiquités africaines, Tome II. Troisième année SGAO,.

Dictionnaire abrégé Touareg-Français (dialecte ahaggar). Par la Père De Foucauld, publié par René Basset, éd. Jules Carbonel, Tome I, II, 1920.

Dictionnaire de linguistique.- Paris, Sous la direction de DUBOIS (Jean). Ed. Larousse, 1973.

Dictionnaire kabyle-français, Paris, DALLET J.-M. éd. SELAF, 1982.

Encyclopédie de l’Islam. Nouvelle édition. Tome XI, livraison 179-180, Éd. Leiden Brill, 2003.

Journal officiel de la République algérienne, décret N°81-26 du 7 mars I980 portant établissement d’un lexique national des noms de villages, villes et autres lieux.

Cartes de l’Atlas archéologique au 200 000° de GSELL, I906, Paris-Alger.

Cartes géographiques 1/50 000° : Oran, Arzew, Ain Turk. Institut national de cartographie. Alger.

Cervantes : L’ingénieux Hidalgo don quichotte de la manche. Paris, II. Traduction de Louis Viardot. Ed. Flammarion, 1981

Cervantes : Nouvelles exemplaires.- Traduit de l’espagnol par Jean Cassou. Éd. bilingue, Gallimard 1991, p. 55.

Talbi, M. (1990). « Ifrikiya », Encyclopédie de l’Islam, nouvelle édition. III. éd. Leinden E. J. Brill.

الزياني محمد بن يوسف، (1978). دليل الحيران و أنيس السهران في أخبار مدينة وهران. تحقيق وتقديم. المهدي البوعبدلي. الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، ص. 32

ابن منظور، لسان العرب المحيط، دار لسان العرب، الجزء السادس، (د.ت).



الهوامش :

[1] هذه الصياغة من الصعب ترجمتها ونقدّمها للقارئ كما وردت في النصّ الأصلي.

Berbère-berbérisé, latin-latinisé, punique-punicisé, arabe-arabisé, espagnole-hispanisé, français-francisé.

[2] Brucker, Ch. (1998). L’étymologie. Paris, Que sais-je ? PUF 5ème édition, p. 8.

[3] لن تعفينا الاحتياطات المنهجية من إبراز المخيال اللغوي المتضمن مختلف التفاسير حول وهران، بما فيها التأصيلات الشعبية والشروحات الجريئة جدّاً. ستشير إلى الطريقة المفضلة للمعالجة اللغوية، وعلى هذا الأساس سيتم وصفها وتحليلها.

[4] لم نأخذ المختصر المؤصل مثلما ورد في منشور موسوعة الإسلام الحديث (الجزء 11، 2003): وهران، اسم عربي لمدينة قديمة تقع على الساحل الغربي للجزائر، وتسمى بالفرنسية: Oran، ص. 54.

[5] ابن حوقل، (1992). صورة الأرض، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، ص. 78.

[6] "تم العثور على بقايا في كل مكان من هضبة وهران. وفيما يخص الكهوف التي تم اكتشافها في المناطق المحيطة مباشرة بالمدينة فهي كثيرة، حيث يسمح الأثاث المميز جدّاً بتأكيد أن هذه الكهوف كانت مأهولة قبل العصر الحجري الحديث وخلاله."

Benkada, S. (1988) .Espace urbain et structure sociale à Oran de 1792 à 1831, DEA Sociologie, Université d’Oran.

[7] Pellegrin, A. : Les noms de lieux d’Algérie et de Tunisie. Tunis, Etymologie et interprétation. Ed. SAPI.

[8] في إطار دراسة ماكروطوبونيمية (2000 اسم مكان في الجزائر وتونس) من الصعب القيام بتحليل مفصل ودقيق للغاية لتشكل كل اسم مكان. وهذا ما سنحاول معالجته.

[9] Pellegrin, A. (1956). La toponymie algérienne. Revue de la municipalité de Sidi Belabés, N°20.

[10] كل هذا ورد بشكل واضح فيما يتعلق بـ: "الثأر التاريخي"؛ حيث كتب ماسكيراي (Masqueray) في هذا الشأن سنة 1886: "إن أوروبا هي التي تهيمن بدورها للمرة الثانية على حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي. سنسترجع عمل الرومان ونحسنه. ستُبنى مدننا وقرانا على مواقعهم..." (أشار إليها منصف الرويسي سنة 1983).

[11] أقام المؤرخون الفرنسيون في القرن التاسع عشر مقابلة تاريخية أو على الأقل لغوية بين تيارت وتينغارتيا. ونسجل في المستوى الدلالي التقارب المقصود والمميز: تيارت كلمة بربرية تعني: المحطة" أو "الإقامة" (ماك كارتي، إليزي ركلي، كنال). وما هو غير صحيح يبدو أن هذا التفسير يميل إلى تأسيس علاقة دلالية مباشرة بين المحطة وبين الطابع "اللاتيني" القديم مثل: « castellum » التي تعني: (مركز عسكري دائم)، وبالتالي هو روماني مثلما يشير إليه المؤرخون الفرنسيون.

[12] Dubois, J. (1976). Dictionnaire de linguistique. Paris, èd. Larousse, p. 174.

[13] تعني إذن )تِ( هر )ت( أو إذن )تَ( هر )ت(:) اللبؤة(، حيث يمثل حرف التاء في أولها وآخرها علامة التأنيث في اللغة البربرية.

[14] اتضح أن المجالات الدلالية الرئيسية لتعيين أسماء الأماكن ذات الأصل البربري هي: الإطار الطبيعي، ظروف المعيشة بالماء أو أحد مظاهره )من، سر، سف، سل، نج... (أو العيش في الجبل، المميزات الطوبوغرافية للأرض ومزاياها في حماية السكان )جذور أسماء الجبال: كر، قر، رس، فرن، فر...( ووفرة الطعام )النباتي والحيواني). فريد بن رمضان، أسماء الأماكن ودراسة تسمياتها الفرنسية والمفرنسة لمنطقة تيارت، رسالة ماجستير، معهد اللغات الأجنبية، إشرف فضيل شريقن، جامعة الجزائر، 1996، ص. 78.

[15] ميجيل دى ثربانتس سابيدرا، )2016(. دون كيخوتي دي لا مانشا. ترجمة سليمان العطار، القاهرة، الطبعة الأولى،ص. 195-196.

[16] Cervantes, (1991). Nouvelles exemplaires. Traduit de l’espagnol par Jean Cassou. éd. Bilingue, Gallimard, p. 55.

[17] ابن منظور، لسان العرب المحيط. دار لسان العرب، بيروت، الجزء السادس، ص. 991.

[18] الزياني محمد بن يوسف: دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران. تحقيق وتقديم. المهدي البوعبدلي. الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر. 1978. ص. 32.

[19] ياقوت الحموي، (1977). معجم البلدان. دار صادر، بيروت، الجزء 5، ص. 358.

[20] لا يُطلق على الثعلب في اللغة البربرية الزناتية وفي مختلف اللهجات البربرية ( وَهران( أو (أهار( وإنما (أوشَنْ( خلافاً لما قاله الزياني.

[21] Encyclopédie berbère : Tome 2. Edisud, Paris, 1985, p. 8.

[22] Doumergue, F. (1920). Inventaire des Grottes préhistoriques des environs d’Oran. Oran, Bulletin de la Société de Géographie et d’archéologie de la province d’Oran (fondée en 1878) Tome XL, Imprimerie typographique et lithographique L. Fouqué, pp.110-111.

[23] Benkada, S. Op., cit. p. 65.

 [24]لا ترد حاليا (إيفري) على أي خريطة للجزائر، ولا في وهران. وحتى الخرائط الطبوغرافية لا تشير إلى ذلك. وهران والغرب الجزائري في القرن الثامن عشر وفقا لتقرير أرامبورو(Aramburu) تقديم وترجمة محمد الكورسو وميكال دي أبلازا. مذكرات ووثائق رقم 03، الجزائر، المكتبة الوطنية، 1978، ص 71-72.

[25] Laoust, E. (1942). Contribution à une toponymie du Haut Atlas. Paris, Librairie orientaliste Paul Geuthner, p. 151.

[26] Mercier, G. (1924). La langue libyenne et la toponymie antique de l’Afrique du nord. Paris, Imprimerie nationale, p. 86.

[27] Pellegrin, P. (1949). Noms des lieux. Op. cit., p. 86.

[28] Cheriguen, F. (1988). Barbaros ou amazigh. Mots, éd. CNRS, p. 18.

[29] Talbi, M. (1990). Ifrikiya. In Encyclopédie de l’Islam. Nouvelle édition. III. éd. Leinden E.J. Brill, Paris, p. 1073.

[30] Rouissi, M. (1983). Population et société au Maghreb, Horizon maghrébin. Alger, éd.
OPU, p. 41.

[31] قراءة مقالات لويكي وطالبي في موسوعة الإسلام (1990) والموسوعة البربرية (1985).

[32] ذكرت الجريدة المغربية )تحرير( في 01 أفريل 2002 اسم )إيفري (المتعلق بفترة ما قبل التاريخ مشيرة إلى الأعمال المنجزة من قبل الأستاذ بن سار عن مغارة الريف الشرقي حيث يقول: "موقع ثري ومُهم بشكل خاص لدراسة الفترة المعروفة بالإيبيرومورية، إشارة إلى الإنسان الذي عاش في المرحلة الممتدة من ثلاث عشرة إلى عشرين ألف سنة قبل الميلاد... يجب أن تكون مغارة إفري نعمار موقعاً جغرافياً متميزاً ورفيعاً نظراً لسلسلته الجبلية الضخمة التي تدل على وجود احتلال بشري ثري ومديد.

[33] قراءة « Le règne animal dans la toponymie nord-africaine » و

« Le règne végétal dans la toponymie nord-africaine » Pellegrin, dans IBLA, Tunis, 1949.

[34] Moulieras, A. (1895). Les Beni Isguen. Essai sur leur dialecte. Société de géographie d’Oran. p. 40.

Text

PDF

Adresse

C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO, Bir El Djir, 31000, Oran Algérie

Téléphone

+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11

Fax

+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Support

Contact