عدد 01 : الجزائر تحولات اجتماعية و سياسية

دفاتر إنسانيات

تدمير النسب في الحالة المدنية بالجزائر. دراسة تحليلية

الجزائر : أرض و أشخاص

تطرح مسألة الحالة المدنية في الجزائر - و بطبيعة الحال في غير الجزائر أيضا - إشكالية جنيالوجيا النسب، حيث يظهر لنا أن أولوية مجتمع في حالة أزمة - كما هو حال مجتمعنا- لا تكمن في استغراق التفكير في المستقبل وإعادة اختراع الحداثة، بقدر ما تكمن في إعادة تحيين شرائح من الماضي "المكبوت". إنها مسألة حاسمة، حتى وإن قال بعضهم أنها محفوفة بالمخاطر، ومع ذلك فهي مسألة لا يمكن تجاوزها أو الالتفاف حولها، في حالة ما إذا تخيلنا للحظة أن الحالة المدنية الراهنة ستستمر في نفس التمثل العقلي الكولونيالي الفرنسي للنسب، خاصة أنه هو نفسه التمثل الرمزي لللانسب المبلور في الفترة نفسها بواسطة "بارديغمين" لإعادة تأسيس الإدارة والجيش الفرنسي الكولونيالي للشخصية الجزائرية. يتعلق أحد هذين "البرادغمين" بالأرض من خلال مرسوم مجلس الشيوخ "Sénatus Consult" الأول، أما الآخر فيتعلق بالشخص من خلال قانون الحالة المدنية لسنة (1882).

إننا في هذا الإسهام نود أن نقترح بعض عناصر تركيب مؤقتة في مجملها، وهي مرتبطة بتفكير شرعنا فيه بلا انقطاع منذ بضع سنوات حول المسائل المتعلقة باستعمال أسماء الأعلام وأسماء الأماكن (التوبونيم) أو أسماء الأشخاص (الأنتروبونيم) في مجتمعنا.

ولقد تبين لنا في إطار هذا التفكير أن ثلاثية: الشخص/ الزمن/ المكان، تتوافق مع الإطار المطور للمقاييس المرجعية من النمط الهوياتي، المتبلورة في أسماء أعلامنا بصفة عامة والتي يمكن أن تُـستخدم حجة في مجال التفكير التاريخي بأبعاده الدينية، والرمزية، واللغوية، وباختصار الأبعاد الثقافية والتثاقفية الأكثر خصوبة.

اسم العلم الجزائري : رمزية الشرخ

من المحتمل أن في هذا العمل "القريب" من الهوية -لا شيء في الواقع أكثر شيوعا، وحميمية، وتعريفا للهوية وذو معنى من الاسم، اسم العائلة، اسم قبيلة واسم قديس/ولي صالح يقسم مواطنونا به- إذ يمكن تأويل الممارسات اللغوية البربرية أو العربية الشعبية أو ذات الشكل الهجين، البربري-العربي وترسخها، كما يمكن تأويل الوعي وتمثلاته، الاستراتيجيات وفعالياتها في الحاضر والمعيش والتي تكون موجهة نحو الماضي مع ذلك.

يظل اسم العلم الجزائري في إطار سيميولوجيا عامة و بيداغوجيا تاريخية، ذا أهمية أكيدة للتفكير حول تحديد التسلسل المنطقي للأولويات، وذلك بقدر ما يمكن للهوية بالمعنى الدقيق أن تمر - بالتأكيد عند كثيرين وبحق - عبر الهوية الأونومستية (الأونومستيك = اسم العلم).

ومن الأسئلة الواجب طرحها في هذا المقال هي: كيف تم تاريخيا بناء أسماء الأعلام الجزائرية؟ ما هي الخيارات الإيجابية التي حددت في الماضي التمثلات المتبعة وما مآلها اليوم؟ هل تُـصالح الأسماء الجزائرية للأعلام والأماكن الجزائريين مع أنفسهم، أم أنها ستظل وإلى أجل غير مسمى العلامة الأبدية للمكبوتات التاريخية، التي لا بد من توليها وتحيينها من أجل طمأنينة الذات الجزائرية؟ وعلى المستوى الرمزي نتساءل: ما هي استراتيجيات الإنتاج التي تم تنفيذها في هذا السياق وما هي السياسات اللغوية الأونومستية المطورة من طرف السلطات العمومية إلى غاية اليوم من أجل بناء المحيط المعرفي للتسمية في الجزائر؟

تتدعم نقطة انطلاق هذه الدراسة بواسطة ردود أفعال الـُمتحدثين الجزائريين في إطار أبحاثنا في الميدان حول حالتهم الهوياتية بالضبط، انطلاقا من المعطيات الأونومستية. إن التساؤل بهذه الكيفية ليس فقط تساؤل حول الأهمية العلمية لتلك الأبحاث، ولكن تساؤل أيضا مدى تتطابق المعرفة، و"إدارة" أسماء الأعلام مع العلاقات التاريخية، والثقافية، والاجتماعية. وبأي نسبة يمكننا أن نصحح العجز الهوياتي البنيوي، سواء باللغة البربرية أو العربية الدارجة المتضمن للحالة المدنية وحتى في معجم أسماء الأماكن في الجزائر[1]. قد يكون من العجيب القول أن الهوية الأونومستية الجزائرية تاريخيا ولغويا هي كيان منفجر، من حيث أن الخلف نفسه متضمن في أسماء عائلات مختلفة أو متشظية. وفي أحسن الحالات هو موجود في مدونات مختلفة، كما هو الحال في هذا المثال: بن حسين، بلحسين، بلحوسين، بن حوسين...إلخ[2].

«اقتلاع الجنسية» بواسطة أسماء أعلام الأشخاص

يمكننا أن نتطرق إلى هاته المسائل وإلى مسائل أخرى أكثر عملية وراهنية، والمرتبطة بالتدوين الفرنسي أو المفرنس، التدوين العربي أو المعرب للأسماء الجزائرية، سواء في وثائق الحالة المدنية وكذا الوثائق القانونية، وثائق المحاسبة، وثائق الضرائب، وثائق إدارة الأراضي Cadastraux، إلخ. إن الصورة الحالية لتدوين أسماء أعلام الجزائريين المحتواة في الوثائق الرسمية هي امتداد للتسيير الكولونيالي للهوية الأونومستية الجزائرية. إننا نحاول مند مدة معينة أن نفكر في مستويات تنظيم التحليل والتدخل غير المشكوك فيها insoupçonnées والتي لا تقبل الشك insoupçonnables، والتي تظهر على أنها كذلك إلى حد الآن، والمتعلقة سواء لدى الإدارة الكولونيالية وحتى لدى إدارتنا بطريقة شعورية أو غير شعورية. لقد عملت هاته المستويات كلها على إفقاد الشعب الجزائري جنسيته. وفي الوقت نفسه نسأل عن البراديغمات التي تأسس عليها تاريخيا منح وتدوين أسماء الأعلام الجزائرية في ميدان علم أسماء الأشخاص وعلم أسماء الأماكن؟ من المؤكد أننا نحيل إعلى قانون إنشاء الحالة المدنية لسنة 1882، المسبوق بقانون 1873 حول الملكية الفردية، والذي فرض إضافة اسم العائلة إلى الألقاب والأسماء المستعارة. وبذلك يُـعرف مسبقا كل أندجيني(أهلى) indigène يتم إعلانه مالكا من خلال اسم العائلة، ما يعني إحداث قطيعة مع الأشكال التقليدية الجزائرية للتسمية، من خلال الإلزام ومن خلال تعميم اسم العائلة (23 مارس 1882).

إن تقليد التسمية الجزائرية التقليدية الخاصة بالسلالة البربرية أو العربية، كان مختلفا عن النظام الفرنسي للتسمية. إن التقليد البربري، كان إما أبويا (اسم العائلة من جهة الأب) patrilinéaire أو أموميا (اسم العائلة من جهة الأم) matrilinéaire (بالنسبة للطوارق). في حين أن التقليد العربي كان أكثر اكتمالا ومنهجية، بتوظيفه لكل من: اسم، علم، كنية، لقب، نسبة، كما يظهر في المثال الآتي: عبد الرحمن أبو زيد ولي الدين ابن خلدون التونسي، حيث أن نسب هاته الشخصية معروف بابن خلدون.

قد يقول بعضهم أن هذا النظام كان باليا وغير اقتصادي، وأن قانون 1882 قد أدرج نوعا من العقلانية في نظام التسمية بفرض اسم العائلة، إذ أن التعرف على الأشخاص هو بالفعل أكثر يسرا عند استخدام اسم العائلة، إذ جعل التسمية La dénomination من حينها مشتركة وغير متغيرة قانونيا بالنسبة للعائلة بأكملها وبالنسبة لنسبها. ومع ذلك ليست النجاعة الباطنية intrinsèque لهذا النظام الجديد هي ما يجب تحليله، بقدر ما يجب تحليل شروط فرضه، وهي الشروط الفريدة في التاريخ القديم والحديث للاستعمار، حيث أنه الوحيد الذي اشتغل على مستويين من الوعي بهدف تمزيق الهوية، الشيء الذي سنحاول البرهنة عليه لاحقا.

ومن أجل تبيين درجة الإصرار على العنف الرمزي المتضمن في آلة تدمير وإعادة بناء الحقل الأونومستي الجزائري، سنأخذ مثالا عن اسم العائلة الفرنسي، فهذا الأخير عرف تطورا طبيعيا من خلال عبور مسار تطور تاريخي بلغ مداه عشرة قرون، من أجل أن يفرض نفسه بوصفه معيارا تصنيفيا للتسمية. أما في الجزائر فقد تحقق ذلك " في أقل من ثلاثة عشر سنة"، وهذا ما أشار إليه لويس ميليو[3] Louis Milliot سنة 1939. أما تأسيس l'institution أسماء العائلات في المغرب فيرجع فقط إلى سنوات 1950 (ظهير 8 مارس 1950 الخاص برعية صاحب الجلالة) والتي كانت في البداية إجبارية بالنسبة للمستفيدين من المنح العائلية. وقد أدى المرسوم البايلكي beylical لـ 30 جوان 1925 إلى انطلاق الإصلاح في تونس، من دون أن يلغي استعمال التسميات التقليدية، مثال: علي بن أحمد بن عمور بودربالة[4]

أسماء العائلات الجزائرية : من نظام التدوين إلى الإنكار المعياري

وأمام مقاومة الجزائريين القوية، نص القانون من بين ما نص على أن الاسم المختار سيكون اسم قطعة الأرض و ذلك بداية من 1865، وقد تم رسميا طرح مشكلة تدوين الأسماء الجزائرية (رسالة إمبراطور فرنسا) من خلال ابتكار نظام جديد للتوافقات الصوتية Phonétique. وقامت مطبعة الإمبراطور سنة 1868 وتحت إشراف مترجم عسكري اسمه دو سلان De Slane بنشر كتيب مكرس لأسماء الأشخاص والأماكن- الذي أصبح أكثر شيوعا بعدها-، إذ احتوى على ما يقارب 3000 اسم والتي تتواصل كتابتها في التأثير على إملاء أو طريقة كتابة الأسماء الجزائرية إلى الآن. إن "الأهواء" المتعلقة بكتابة الأسماء الجزائرية كثرت بالرغم من هاته التدابير، وبالرغم من "طموحات" كل من جغرافيي المعهد الوطني للجغرافيا[5] سنة 1946 وكذا المختصين في اللسانيات بمعهد الدراسات الشرقية للجزائر العاصمة[6] سنة 1946، إلا أنه لم يتم تأسيس أي نظام بشكل نهائي، حيث أن استعمال الإدارات كان له النصر في النهاية.

إن الظروف التي تمت فيها تأسيس الحالة المدنية بداية من سنة 1882، يمكنها أن تفسر عدم التجانس في المدونات، التي ترجع في نظر آجرون Ageron (1968) إلى "المحافظين الموظفين من ضمن فئة الناس الذين تمت ترقيتهم الواحد تلو الآخر إلى جغرافيين، محافظين ومحققين، وطوبوغرافيين، وكلاء أعمال وقد كان أغلبهم ضباط صف سابقين تم عزلهم من الجيش وقد كانوا رديئين، صالحين لكل شيء وغير صالحين لشيء محدد....،"[7].

إن هاته العملية التي أجريت من طرف أولئك الموظفين صار لها أبعاد قصوى غير متخيلة، إذ أنه أمام رفض الجزائريين الخضوع لقواعد النظام الأونومستي الجديد، صار إلصاق الأسماء بهم يتم بطريقة "تعسفية"، "حيث وصل إلى حد منح الأسماء الفرنسية للحيوانات وهناك ما هو أفضل، حيث تم تعريب الأسماء العربية للحيوانات، الأسماء البشعة أو المهينة مثل: الشادي، أي القرد (بالنسبة لـ الشادلي)- راس كلب، أي رأس الكلب- تلفرايو، أي الذي فقد العقل- خامج، أي المتعفن- راشي، أي الراشي (بالنسبة لـ رشيد) – بهلول، أي المجنون- زاني أي الزاني وبالنسبة لـ زينة (الجميلة)" (أجرون/ Ageron). لقد تم إنشاء عدد من الإجراءات الهادفة إلى تدمير وإعادة التسمية وفي المقابل هناك استراتيجيات الاجتناب الأونومستي التي تم تبنيها من طرف الجزائريين هروبا من جهاز الإحصاء ومن القمع الإداري، إلا أننا بحاجة إلى إجراء جرد لذلك. و يقدم لشرف Lacheraf في كتابه الأخير، تقريرا مفاده أن إنشاء الحالة المدنية إجراء لمراقبة السكان بجرجرة من خلال الأونومستيك، وذلك في إطار تطبيق العقاب الجماعي. يقول: " إن السلطات الفرنسية أسست نظاما لم بشهد له مثيل في العالم والذي كان من خلاله كل سكان قرية معينة مجبرين على تبني أسماء عائلية تبدأ بالحرف (أ) وسكان القرية المجاورة يتبنون أسماء تبدأ بالحرف (ب) وهكذا دواليك: ج – د - هـ - و- ز- ح، إلخ إلى غاية الحرف (ز) و الالتفاف على كل حروف الهجاء"[8]. ومع ذلك، فقد تم بلوغ الذروة في مرات عديدة عن طريق عمليات الإنكار المعياري ذو الخصوصية الباثولوجية، النفسو- اجتماعية الفردية والعائلية، والتي يعاني منها إلى حد الآن بعض المواطنين الجزائريين. ومنذ الاستقلال تم معالجة مسألة التسمية باللا- مسمى SNP (بلا اسم عائلة)، لكن تسميات أخرى مازالت في الاستعمال والتي لا يمكن الجهر بها علانية بسبب المضامين الدلالية التي تحملها والمتعلقة بالجنس، الإهانة، الفحش، الموت والفضلات...

فرنسة الأسماء الجزائرية، إجراء جديد للتشفير اللغوي ؟

وفي سجل آخر، فإن مشروع "فرنسة" أسماء الأعلام أبعد عن أن تكون مجرد إجراء بسيط للتشفير، للتعرف وإعادة إنتاج الأصوات الأصلية كما تتصورها إدارتنا، وكذلك الذين أعدوا مرسوم 1980 حول معجم أسماء العائلات وأسماء الأماكن[9]. وعليه نتساءل، ألا تخفي أو ألا تستر مختلف إجراءات التدوين notation المعبر عنها بشكل تقني، نقائص من طبيعة مختلفة، ما عدا النقائص اللغوية ؟ لقد أشار جغرافيو معهد الجغرافيا الفرنسي أنه من غير الطبيعي أن لا تتمكن 130 سنة من الوجود "التحضيري" (نسبة إلى الحضارة) من توحيد وتسوية الكتابة الجزائرية (Mangenest, 1948).

ومن هنا يمكن وصف هذا المشروع الخاص بالفرنسة، والذي يهدف إلى العمل ليس فقط مع فئات رسمية ولكن يهدف إلى عمليات من مستويات متعددة. إن ما يدعم أطروحتنا، هي الملاحظات المعلنة لإدارة سباتي Sabatier السابقة أمام لجنة مجلس الشيوخ، التي تعتبر أن "تأسيس الحالة المدنية كانت ويجب أن تكون مشروعا لنزع الجنسية، إذ أن هدف هاته الأخيرة كان يتمثل في التحضير للانصهار" (استشهد بها أغرون Ageron)، بمعنى "فرنسة أسماء عائلات الأهالي بقوة أكثر من أجل تعزيز الزواج المختلط"[10]

لقد لاحظ كل من بليغران Pellegrin[11] وشريقان[12] Cheriguenأن هناك سيطرة لأسماء الأماكن حتى من أصل فرنسي لمحددات أسماء الأشخاص anthroponymiques مثل الأسماء الإنجيلية، أسماء الأنبياء، أسماء قديسي الرزنامات والتقويمات،...

وبالتالي، يتبين لنا ضرورة تسليط الضوء على مستويين من التحليل، آخذين بعين الاعتبار التفرع الثنائي للدال/ المدلول - Signifiant/signifié.

أولا على مستوى المدلولات les signifiés (الصورة، الذهن، المفهوم) أعطينا لمحة عن الفئات السيمونطيقية لإعادة التسمية المستعملة من طرف مكلفي الإدارة الكولونيالية (إلصاق الأسماء المعيبة، أسماء الحيوانات...إلخ)، على الرغم من الملاحظة الفعلية في سنة 1882 لإداريين فرنسيين مثل إلي تابت[13] Ellie Tabet " لبعض التشابه في النطق مع أسماء أوروبية " مثل: هامل Hamel: أموري Amaury، ساسي Sassi .

لقد أمكن حل هذا المشكل جزئيا، انطلاقا من مسألة أصل الأسماء التي يقال أنها عربية وفرنسية، فكثير من أهم أسماء الإنجيل، مستعملة سواء من طرف المسيحيين، المسلمين وحتى اليهود مثل: إليزي Elisée / إلياس، جون Jean / يحيا، ناومي Noémie / نعيمة، زكري Zacharie / زكريا ، صدوق Sadok / صادق، آن Anne / حنا....

من العلامة إلى تدمير الدال

جدير بنا التذكير أن الأسماء من الأصل الإنجيلي كانت مستعملة في شمال إفريقيا قبل مجيء العرب، بواسطة كل من الديانتين اليهودية والمسيحية (شريقان، 1994Cheriguen )، حيث "أن أغلب أسماء التعميد في العالم المسيحي مستعارة من سجلات وحوليات الكنيسة " (Ellie Tabet, 1882)، مثل ما هو الحال في الدين الإسلامي، فالاسم الذي يحمله الشخص في العهد القديم والجديد ليس تسمية جزافية واعتباطية. إن هناك تماثل بين تصور الاسم في الديانات التوحيدية وبين الشخص الذي يحمله. إن الاسم في تقليد الكتاب المقدس "يـُعبر عن شيئ ما لدى الشخص، (...). إن اسم الله يعادل الذات الإلهية وبالتالي، فإن تقديس الاسم يمس كذلك الشخص"[14]. ومنه، فإن الإسلام في المغرب الكبير هو أصل صيرورة واسعة للإبداع الأونومستي الذي استوعب الممارسات الدينية والصوفية الأكثر نموذجية بالنسبة للسكان البربر الأصليين، والذي قدم مخزونا معتبرا من أسماء الأشخاص، التي هي مطبوعة في أغلبها ببصمة تدينية أيضا. إن المدونة nomenclature الحالية تبين الأهمية الممنوحة لأسماء الله في الإسلام، إن هذا الطابع المميز للدين الإسلامي" يشكل المكانة البارزة التي تحتلها أسماء الله، الأسماء التي هي في الحقيقة صفات، تصف الله في مختلف جوانبه، بوصفها ميزات القوة، الاطلاع والاستنارة، والخلق، في قولنا الرحمن، القدير، الجبار، الولي، إلخ (يوجد 99 صفة لله) "[15].

إن أسماء الأعلام ذات الأصل الفرنسي تحمل التمثل الأونومستي نفسه مثلما هو الشأن بالنسبة للأسماء ذات الأصل العربي، ما يعني غلبة المحددات الأنتروبونيمية (أسماء الأشخاص). فماذا الآن عن مستوى الدال le signifiant (الصورة السمعية، الصوتية)، أي في الحقيقة فيما يكمن عمليا مثل هذا "المشروع المستأصل للجنسية والمفرنس" لأسماء الأعلام الجزائرية؟ إننا لا نتكلم عن إجراءات المنح و إجراءات التعويض المحضة والبسيطة لعناصر المشهد الأونومستي المنفذة بطريقة عامة، لكن على العكس، إن ما يسمونه بـ " تكييف" الأسماء الجزائرية هو الإجراء المعروف والأكثر خبثا في العلاقة بين الكولونيالية واللسانيات. من هنا يمكن تمييز مشروع الفرنسة الذي يهدف ليس فقط إلى الإشتغال بواسطة المعايير المصنفة الشكلية، ولكن بواسطة عمليات مختلفة المستويات لا تقل أهمية، في بناء وتكوين اللاشعور والمخيال. كانت الطريقة تقتضي وضع الجزائري أمام وضع جديد يختار فيه بحرية الإسم و كان المنهج هو كالآتي: فـ " بعض المتلفظات الفرنسية لأسماء عربية يمكن لوحدها أحيانا أن تضع الـُمهتم على مضمار يجعله يختار اسم فرنسي، هكذا فإن أحمد على لسان فرنسي يتحول بسهولة إلى أمد Amede والذي يحول إلى أمدي Amédée"(Guemeneur, 1963) .

هذه لائحة فرنسة الأسماء المكشوفة والمنشورة


Ahmed

 أحمد

Amédée

أميدي

 

Kaci

قاسي

Cassis

كسيس

Khemis خميس

Camille

كمي

 

Adjemi

جمعي

Eugène

أوجين

Baker

بكر

Albert

ألبير

 

Bendjerad

بن جراد

Bengerat

بنغيرا

Benamar

بن عمار

Bernar

بارنار

 

Louiz, Louis

لويز، لويس

Louisa, Louise

لويزا، لويز

Charef

شارف

Charles

شارل

 

Leyla

ليلى

Lili, Lilia

ليلي، ليليا

Lahcen

لحسن

Lancel

لنسال

 

Chadlia

شادلية

Chatal

شتال

Mériem

مريم

Marie,

Mariane

ماري

ماريان

 

Moussa

موسى

Maurice

موريس

Djenat

جنات

Jeannette

جنات

 

Mourad

مراد

Maury, Maurin

موري، موران

Maouel

موال/معول

Marcel

مرسال

 

Halou

حلو

Helli

هلي

Djeddi

جدي

Japy

جابي

     

Naïma

نعيمة

Noémi

نومي

 

Euldja

ولجة

Elise

إليز


Othmane

عثمان

Aumont,Omant

أومونت، أمونت

 

Fredj

فرج

Alfred

ألفرد

Fridi

فريدي

Freddy

فردي

 

Henni

هاني

Henri

هنري

Raïna

راينة

Reine

راين

 

Ramdane

رمضان

Raymond

ريموند

Slimane

سليمان

Simon

سمون

 

Seghier

صغير

Petit

بوتي ؟

Toumi

تومي

Thomas

توماس

 

Tourki

تركي

Turquet

توركي

إن هذه المصالحات الصوتية، هي أبعد عن أن تكون مجرد "ظاهرة" لغوية، كما هي مصاغة ومقدمة من طرف مؤلفيها، لأنها تُـخضع في التاريخ القديم والحديث للجزائر إلى منطق جديد لتدمير وإعادة بناء الحقل الأونومستي. ويشتغل مشروع التدمير هذا على وجهي العلامة اللغوية المتمثلتين في الدال le signifiant والمدلول le signifié، إذ يتعلق الأمر- في حالة ما إذا استعدنا عبارة لزميلنا المحلل النفسي، إذ يتعلق الأمر -بعلاج نفسو- بتولوجي واضطراب هوياتي، وبمحاولة "نزع الذات désubjectivisation على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع"[16].

الاستنتاج

نستخلص أنه ليس من المبالغة القول أن الجزائريين قد تم الكلام عنهم من طرف شخص تحدث عما لم يعربوا عنه أبدا. وبعبارة أخرى، فإن العناصر المنظمة للحالة المدنية الحالية، بمعنى الكيان المجرد، التمثلات العقلية وليس المصلحة الإدارية لا تضمن تواصل المرجعية والنسب الزمكاني للهوية. بالفعل إننا أمام خلل في طريقة الوجود، وأمام اضطراب التواصل الرمزي "للحرف الوجداني/ العاطفي الخاص بالتواصل transmission الهوياتي" كما يعتقد ذلك لشرف[17].

البيبليوغرافيا

Ageron, C. A., Les Algériens musulmans et la France (1871-1919), Tome1.- Paris, Ed. PUF,1968.

Benramdane, F..-Toponymie et transcription française des noms de lieux de la région de Tiaret.- Alger, Université d’Alger. 1995.

Cheriguen, F..- Toponymie des lieux habités. Les noms composés.- Alger, Ed. Dar al Ijtihad, 1994.

Gimaret, P..- Les noms divins en Islam. Exégèse lexicographique et théologique.- Paris, Ed. du Cerf, 1988.

Lacheraf, M..- Des noms et des lieux.- Alger, Casbah éditions, 1998.

Mangenest, J..- Transcription des noms indigènes sur les cartes de l’Afrique du nord. Ingénieur en chef géographe (Institut géographique national). in Onomastica, revue internationale de toponymie et d’anthroponymie.- France, Lyon, Ed. IAC, 1948.

Milliot, Louis (1937).- L’état civil algérien. Cité par DJEBBAR, A. et ARRACH, K.- Anthroponymie algérienne et formation de l’état civil.- Mémoire de fin de licence.- Université d’Oran, ILE, 1996.

Mouloubou, L et Du Buit, F.M..- Dictionnaire biblique universel.- Paris, Ed. Déclée, 1984.

Ouaddah, Kh..- L’anagramme suicidaire ou la question du patricide. Remarques sur le télescopage de l’ordre des filiations dans «La répudiation» de Rachid Boudjedra. Colloque de psychopathologie maghrébine. Institut du Monde arabe. Actes publiés sous la direction de Charles Bonn et Baumstiler.- Paris, Ed. L’Harmattan, 1990.

Pellegrin, A..- Les noms de lieux d’Algérie et de Tunisie. Etymologie et interprétation.- Tunis, Ed. SAPI, 1949.

Quemeneur, Jean.- Liste des communes d’Algérie.- Cahiers Nord-africains, n°99, 1963.

Tabet, E..- Notes sur l’organisation des tribus et l’étymologie des noms propres.- Oran, Ed. Heintz, Chazeau et Cie, 1882.



ترجمة :

الهوامش

[1] Décret du 07 mars 1981, portant établissement d’un lexique national des noms de villages, villes et autres lieux.

[2] المترجم: إن اللغة الفرنسية تمنحنا احتمالات كثيرة لكتابة هذا الاسم، وهي كالآتي كما ذكرها صاحب المقال:

 Benhocine, Belhocine, Belhoucine, Benhoucine, Belhossine, Belhoçine, Belhossine, Belhoçine, Belhouçine, Belhoucine, Belhucine, Bellehoucine, ets)

[3] Milliot, L., L’état civil en Algérie (1937), Cité par Djebbar, A. et Arrach, Kh.- Anthroponymie et état civil. Les patronymes d’Oran, Mémoire de fin de licence, Université d'Oran, Département de français, 1996, p.56.

[4] Quemeneur, J., Liste des communes d’Algérie, Cahiers Nord-africains, 1963, p.26.

[5] Mangenest, J., Transcription des noms indigènes sur les cartes de l’Afrique du Nord. Ingénieur en chef géographe (Institut géographique national), in Onomastica, revue internationale de toponymie et d’anthroponymie, France, Lyon, Ed. IAC, 1948, p.155.

[6] Onomastica, A propos de la nomenclature des cartes d’Algérie. Compte-rendu de la séance de l’Institut des études orientales d’Alger du 22/2/1948, Lyon, Ed. IAC, 1950, p.155.

[7] Ageron, Ch., Les Algériens musulmans et la France (1871 - 1919), Tome 1, Paris, Ed. PUF, 1968, p.176.

[8] Lacheraf, M., Des noms et des lieux, Alger, Casbah éditions, 1998, pp. 170-171.

[9] Lexique des noms, Op.cité.

[10] Ageron, C. A., Op. cité, p.187.

[11] Pellegrin, A., Les noms de lieux d’Algérie et de Tunisie. Etymologie et interprétation, Tunis, Ed. SAPI, 1940, p.213.

[12] Cheriguen, F., Toponymie des lieux habités. Les noms composés, Alger, Ed. Epigraphe Dar al Ijtihad 1994, p.63.

[13] Tabet, E., Notes sur l’organisation des tribus et l’étymologie des noms propres, Oran, Ed. Heintz, Chazeau et Cie, 1882.

[14] Mouloubou, L et Buit, J. M., Dictionnaire biblique universel, Paris, Editions Desclée, 1984, p.p.509- 510.

[15] Gimaret, P., Les noms divins en Islam. Exégèse lexicographique et théologique, Paris, Ed. Du Cerf, 1988, p.06.

[16] Ouaddah, Kh., L’anagramme suicidaire ou la question du patricide. Remarques sur le télescopage de l’ordre des filiations dans «La répudiation» de Rachid Boudjedra.- Colloque de psychopathologie maghrébine. Institut du monde arabe. Actes publiés sous la direction de Charles Bonn et Baumstiler, Paris, Ed. L’Harmattan, 1990, p. 85.

[17] Lacheraf, M., Op.cité, 1998, p.147.

Text

PDF

Adresse

C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO, Bir El Djir, 31000, Oran Algérie

Téléphone

+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11

Fax

+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Support

Contact