ليست هذه الدراسة وصفا لموضوع يتعلق بتاريخ حضري يستعرض الظواهر التي تطبع مدينة نشأت مع الكولونيالية، لكن هي عبارة عن مبحث قدم سنة 1986 حول الحركة السياسية للطبقات المستضعفة، و الذي سيسلط الأضواء لاحقا على النمو الساطع للحركة الإسلامية، و على الأسلوب الذي توطفه في التجنيد و العمل السياسيين.
I. معطيات عامة
لقد أسهمت العديد من العوامل في توجيه عملية تكوين حركة الطبقات المستضعفة، إذ أن الطبقة الوحيدة التي استطاعت أن تتبلور هي الطبقة البرجوازية ذات الأصول الأوروبية، في غياب وجود قوى اجتماعية في المجتمع المسلم قادرة على التفاوض مع هذه الطبقة.
كان هناك، بطبيعة الحال، برجوازيون مسلمون، لكن عددهم كان محصورا جدا حيث لا تستدعي الحاجة إلى تحر لمعرفة عددهم، إذ يكفي إحصاء من يملكون فيلا و سيارة فخمة لتحديد مكانتهم الاجتماعية[1]. إنهم ذوو الأصول العامية القريبة العهد، و أميون في بعض الحالات، توصلوا إلى هذه الوضعية بفضل مجهوداتهم الخاصة، و ارتقوا في السلم الاجتماعي بحكم العلاقات التي أقاموها مع أرباب القطاع الفلاحي – المصدّر.
أما مسارهم الاجتماعي، فإنه معروف لدى الجميع، حيث تؤوّل أبسط تحركاتهم على المستوى السياسي ضمن المصلحة الآنية.
كما عرفت،هذه الفئة الاجتماعية، بشكل دائم، نموّا استبداليا داخليا يشتمل على نجاحات غير متوقعة و إفلاسات مدوية.
لقد احتلت عائلة بولكروة في الثلاثينيات قمة السلم، لكنها طمست اجتماعيا في الأربعينيات من طرف عائلتي بالاسكا و بن كزة، اللتين ستتجاوزهما فيما بعد عائلة قرين.
و هكذا حاولت كل عائلة توطيد ثروتها بالاستثمار في العقار و شراء الأراضي[2]، و بالبحث عن الحماة من بين الكلولون و داخل الإدارة الكولونيالية.
شكل ظهور النخبة بمدينة سكيكدة ظاهرة متأخرة، إذ لم تعرف المدينة سنة 1914 أية مدرسة أهلية، بينما كانت قبيلة بني يني بمنطقة القبائل تملك العديد من المدارس، و عليه كانت الترقية الاجتماعية عن طريق المدرسة ضعيفة، هذا بالإضافة إلى أن الدراسة على المدى الطويل لم تكن في متناول الطبقات الشعبية الكادحة و الفقيرة.
ففي سنة 1953، وجد بالمدينة خمسة أطباء[3]، و طبيب أسنان،و محامان[4]، وأستاذان للغة العربية[5]، و مترجمان قضائيان[6]، و حامل لشهادة المدرسة العليا للتجارة[7] و بعض المدرسين القلائل.
و باستثناء الدكتور يوراس، و الأستاذان ناصر و صالح عيادي، كانت مدينة سكيكدة تستقبل نخبها من المنطقة، حيث لم يكن هناك سوى ستة مسلمين منتسبين لمدينة سكيكدة يتابعون دراسات عليا[8].
و ما عدا بعض الإسثتناءات، فإن جل هؤلاء المثقفين قد ابتعدوا عن ممارسة السياسة، و قد توجه الأكثر اعتدالا منهم بأنظارهم نحو الإدارة و رغبوا في الاندماج (الدكتور كسوس).
أما الأكثر جرأة منهم فقد اجتذبهم حزب فرحات عباس (قاطي و مسيخ، و في بعض الفترات الخالدي).
أما معلمو الكتاتيب القرآنية، مدرسو المدارس الحرة[9]، و تلاميذ إعدادية دومينيك لوسياني، فقد فتنتهم الشعارات الوطنية.
و لم يكن عالم الشغل، المنقسم على المستوى العرقي، و المنضوي تحت لواء نقابات الكونفيديرالية العامة للشغل والمتأثر في تأطيره بالشيوعية الكولونيالية، يملك الاعتراف به قائدا للطبقات الشعبية.
اعتقدت الاتحادات المهنية (المستخدمون في السكك الحديدية، و المستخدمون في المستشفيات وموظفو البريد) التي انغمست في الوسط الأوروبي بالتطور التدريجي و أقامت علاقات ممتازة داخل محيط البيض الصغار. و كان قائد هذه الاتحادات، الحبيب التيجاني، أحد المستخدمين في طلاء العمارات المنتسب لمدينة سوف.
أما الاتحادات المهنية حيث العمل يملك غالبا طابعا مؤقتا – عمال الموانئ، و عمال مصانع المعلبات، العمال اليوميون، جامعو الثمار الباكورية – لكن أيضا عمال البلديات و المناجم، فقد بقي هؤلاء مبتعدين عن الحركة الشيوعية، فالبنسبة للعمال، فإن الحي و المقهى يملكان أهمية أكبر من أماكن العمل.
وتملك الطبقات الشعبية القاطنة بالمدينة و المتمثلة في عمال القطاع الخاص، و العمال المستقلين في النشاطات التجارية و الحرفية، قاعدة اجتماعية واسعة، أي أكثر من ربع سكان المدن المكدين.
تستمد الراديكالية السياسية قوتها، و جماعاتها من هذه الطبقات الشعبية، عبرها و عبر العمال المؤقتين تقام العلاقة مع البروليتاريا الرثة.
إن النمو الديمغرافي و النزوحات الداخلية بمدينة سكيكدة يسمح بالتعداد التالي : سنة 1886، 547 مسلما على مجموع 10.866 ساكنا، و في الثلاثينيات لنا 23.266 مسلما مقابل 23.173 أوروبيا، و في تاريخ أول نوفمبر 1954، عندنا 41400 مسلما مقابل 30.300.
كما يمكن الإشارة إلى أن النمو السريع للسكن الهش و إقصاء عدد هام من العاملين، حيث يعيش مسلم واحد على سبعة إلى ثمانية بالبيوت القصديرية كما يمكن إحصاء 3000 عاطلا عن العامل سنة 1953.
تشعر كل الزمر الاجتماعية التي قمنا بالتعرض لها أنها تملك شخصية قاعدية تجب المحافظة عليها، و العوامل الموجهة هنا هي الدين الإسلامي و اللغة العربية. و يمثل الوعي العرقي شعورا عميقا لدى هؤلاء، إلا أن الطبقات الشعبية الموضوعة اجتماعيا في حالة دفاع ذاتي، هي وحدها التي تنزع للانغلاق ضمن هذا الوعي. و يمثل الإسلام بالنسبة لهذه الطبقات، قانونا عريقا يضمن التضامن العشائري الذي يمتد إلى الله. أن يكون المرء مسلما ليست مسألة وعي و لا يتطلب منه التزاما شخصيا أو فعلا إيمانيا حرا و واع، و إنما يتعلق الأمر بالإنتماء إلى مجتمع، إلى ثقافة و إلى حضارة شكلها الإسلام تشكيلا، إذ لا تملك إلا شريحة ضئيلة جدا من بين الفئات التي لها علاقة دائمة مع الأوروبيين، تصورا جد شخصي لمسألة التدين.
لكن لا يجب أن نخطئ في تحليلنا، ففي إطار الإسلام، و من خلال الاختلافات التي نقيمها حوله لا ضده أو دونه، قد تشكلت المعارضات السياسية و الاجتماعية.
بيد أن الحياة الدينية بمدينة سكيكدة كانت فقيرة جدا، حيث كانت بعض الكتاتيب القرآنية ومدرستان حرتان التي تم إنشاؤهما بعد سنة 1945، تقدم تعليما أوليا للقرآن الكريم و للغة العربية لحوالي ألف طفل.
لم يكن في الخمسينيات لدى إمام المسجد الكبير لسيدي علي الذيب سمعة ضمن السكان، وللعلماء كذلك. و كانت زاوية الرحمانية التي يمثلها الشيخ فاضل لكاني تشع خارج المدينة بخاصة، إذ أن مجموع "الخوان" لم يكن يتجاوز المائة سنة 1954. لا تزعم هذه المعطيات التي تدور حول الوضع السوسيوسياسي لنفسها إعطاء لوحة شاملة، بل ترمي إلى تسليط الضوء على الديناميكية السياسية فحسب .
II. نشأة و تطور حزب شعبي
إن مشاركة الطبقات الشعبية في الحياة السياسية كانت متأخرة، على الرغم من وجود حزب شيوعي.
وقد تغلغلت النزعة الوطنية إلى مدينة سكيكدة في الثلاثينيات، من خلال ابني المدينة بخاصة، الأول مهاجر بباريس لأجل الدراسة بولكروة موسى، و الآخر بالجزائر العاصمة لحول حسين. وكلاهما كانا ضمن رواد النزعة الوطنية كما شاركا في المؤسسات المسيرة للحركة الوطنية.
عرف فرع مدينة سكيكدة بعض التطورات بين سنوات 1934 و 1937، لكن في تاريخ 26 جانفي 1937 يمنع نجم شمال إفريقيا، و لا يوجد آنذاك، حسب كوان رابح، سوى ثلاثة مناضلين، كبران مسعود (حلاق) و تومي عبد الله (خباز مبتدئ) الآتيان من منطقة كولو، و يسعد لمواجهة الزوبعة. فعندما نشأ حزب الشعب الجزائري في تاريخ 11 مارس 1937، توسعت المجموعة الأولى و أدمجت ضمنها عمالا مستقلين، و مستخدمين و عمالا يوميين. كان انطلاق الفرع سريعا، لكن المنع الذي تعرض له حزب الشعب الجزائري يكبح توسعه، و البقية تأتي عليها التهديدات و الرشاوي. و لم يبق يمارس النشاط السياسي سوى بولكروة موسى و التومي عبد الله و لوحه محمد الطاهر، لكن هؤلاء المناضلين الثلاثة يتعرضون للعزلة ستة أشهر بعد منع حزب الشعب الجزائري. و يضطر بلكروة موسى للهجرة إلى فرنسا أمام الضغوطات التي مارستها الإدارة على أبيه. لقد فقد حزب الشعب الجزائري عنصره الرئيسي، لكنه بقي يتقدم ببطء و في الظل.
و انتشرت منظمتان مستقلتان عن بعضهما بعض، الأولى بمركز المدينة و الأخرى بضاحية الأسبيرانس.
كانت الجزائر آنذاك تعيش مرحلة من الحركية القوية و التحولات المتسارعة، حيث كانت أبسط الشعارات الوطنية توقظ الأحاسيس الحادة في مجتمع متفكك، يتكون من الفقراء و النازحين الذين غادروا القرى منذ فترة قصيرة جدا.
و هكذا فإن الوعي الوطني الذي لم يعرف سوى تطورات بطيئة بين سنوات 1937 و 1940 سيعرف تسارعا مفاجئا إذ يتحول توغل حزب الشعب الجزائري نحو ضاحية الأسبيرانس الذي يعرف عددا كبيرا من المسلمين.
و يشكل عدد المناضلين مؤشرا مقنعا على هذا التحول، إذ يوجد ثلاثون مناضلا بوسط المدينة مقابل مائة، في الضاحية. و هكذا ينظم مناضلو الضاحية، تحت قيادة علي طابوش صاحب مقهى، و محمود شرفان، سائق عربة خيل، تسريب مناضلين داخل حركة أحباب بيان الحرية[10] لصالح حزب الشعب الجزائري. لكن القمع الناجم عن أحداث 8 ماي 1945، و بخاصة اعتقال المسؤولين السياسيين بالضاحية، دفع بالعناصر الشابة (17 و 21 سنة) الذين ولدوا و نشأوا بالمدينة لاحتلال المواقع الأمامية و لعب الأدوار الرئيسية. قد مال هؤلاء الشباب إلى الفعل، دون خوف من القمع، كما أثبتوا توجههم الواضح نحو العمل الفكري. و انطلاقا من هذه العناصر الشبانية، يتمكن سكان المدينة من إيجاد نخبتهم الخاصة بهم، التي ستواجه الأعيان و المثقفين و تجعل من ثانوية مدينة سكيكدة فضاء لإعداد إطارات النزعة الوطنية الشعوبية.
و إثر ذلك يتحول مناضلو ضاحية الأسبيرانس سنة 1945 إلى عناصر رئيسية و محركة للفرع المحلي، مما يجعلنا نشاهد آنذاك إقامة إشكال زبونية و كذا صراعات الزمر بين الحضر الأصليين والحضر الجدد لأجل السيطرة على السلطة المحلية، حيث سيحسم منطق الانتماء إلى الحي و قانون الأكثرية الأمور.
و قد تسبب رفض مناضلي وسط المدينة الخضوع لإرادة مناضلي الضاحية في إثارة أزمة قيادة داخل الفرع، إذ قام ممثلو الضاحية بتجميد الاشتراكات على مستواهم و امتنعوا عن تقديمها للجنة المحلية، و كان لا بد من تدخل حسين لحول الأمين العام للحزب، بكل ما يحمله من ثقل معنوي وسياسي لإيجاد صيغة تشرك مختلف ممثلي أحياء المدينة في قيادة جماعية للفرع المحلي كما سيحدث الترييف التدريجي للحركة، و رجحان الضاحية و تفوقها في الالتزام السياسي و كذا انخراط الشباب في هذا الاتجاه، تحولا سوسيو-سياسي هاما ستوظفه قيادة حزب الشعب الجزائري في تحركاتها.
فبحكم تهيئهم للفعل السياسي و ابتعادهم عن النشاط الاقتصادي للمدينة، يبدي هؤلاء الحضر الجدد لا مبالاة تجاه أدنى برنامج أو أي نقاش سياسي، كما يتبنون رؤية "ألفية" (أي عودة الإمام أو النبي المنقذ) للكفاح من أجل الاستقلال الوطني. و عليه يتراءى لهم مصالي الحاج مؤسس النزعة الوطنية الجزائرية، رجل الساعة (مول الساعة)، المذكور في جميع النبوءات. و تحت ضغط هؤلاء المناضلين، يتحول الخطاب الديني الشكل الأكثر أهمية في التجنيد الجماهيري. و لهذه الأسباب توجه انتقادات لسلوكات و ممارسات المناضلين الوطنيين الذين عايشوا الأوروبيين، إلا أن المرجعية الدينية ستمثل بالنسبة للمناضلين الأكثر تجربة، وسيلة تجنيد لأشكال الوعي "الألفي" و توظف لتدعيم صفوف الحزب المتماثل مع الأمة.
تسييس الجماهير المستضعفة
يتجذر تسييس الطبقات المستضعفة من جراء المباشرة في تطبيق إجراءات الاقتراع العام، مما يدفع باالبروليتاريا الرثة، و عمال المزارع و المناجم القاطنين بالضاحية الحضرية إلى الالتحاق بالعمل السياسي في أثر الفئات الشعبية البسيطة الساكنة بالمدينة، و ضمن هذه الظروف أصبح من الإنصاف الحديث عن جماهير متحركة. فلا القمع و لا محاولات الإصلاح كان بإمكانهما توقيف هذا السيل الجماهيري الجارف الذي تم توجيهه من طرف حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي استخلفت حزب الشعب الجزائري.
مناهضة البروليتاريا الرثة الراكدة [11]
ظلت آنذاك سكيكدة مدينة مفتوحة حيث كانت مظاهر المتاجرة بالنساء و الدعارة تفتك بالمجتمع، و كان الفضاء الحضري مليئا ببيوت القمار و الحانات الصغيرة، أما الأحياء فكانت متروكة للعصابات (عصابة الثلاثة عشر، عصابة الأوراس) التي كانت تفرض قواعدها على الناس. ولم يكن نجاح أبناء الشعب و توفقهم بارزين بشكل واضح إلا في المجالات الهامشية مثل كرة القدم و الملاكمة. بيد أن الفرع المحلي لحركة انتصار الحريات الديمقراطية سيتوجه أولا لهذه "البروليتاريا الرثة الراكدة" ليفرض عليها نظامه، كما سيوجه حملته ضد أوساط مختلفة مثل "الحي المحفوظ" ووجهاء الميناء الذين كانوا يسيطرون دون منازع على التفويض بالتشغيل. و هكذا بادر الفرع في إعداد "المجموعات الصادمة" على شكل كوموندوهات "لتطهير" المدينة، و هو الشيء الذي عجزت أو رفضت الشرطة القيام به، لكن تمكن الفرع من تحقيقه في ظرف قصيرا جدا.
و هكذا تم إضعاف بشكل عنيف و سريع بعض الشخصيات التي قضت مدة طويلة لاكتساب صيت لا يقهر. فالعقوبات التي وجهت "للقساة" بقيت دون متابعة قضائية، بسبب أن هؤلاء لزموا الصمت عندما واجهتم الشرطة بالمعتدين عليهم.
وقد حدثت تحولات مدهشة حيث ترك بعض السفلة من القوم، بيئتهم المتعفنة للالتحاق بالحزب لأجل تقديم خدماتهم و المساعدة في القضاء على العصابات وردها إلى جادة الصواب. إن محاربة تعاطي الخمور، التي تلت مباشرة عمليات القضاء على "البروليتاريا الرثة الراكدة"، تدعم قوة التأثير السياسي لحركة انتصار الحريات الديمقراطية و توسع من مجال نشاطها ؛ مما يمكن أحد قادة الفرع بالمدينة رابح كعوان من القول : "الشعب لنا، آن الأوان لتصفية حسابنا مع لابسي ربطة العنف".
إذ يلتحق في ذات السنة، موسى بولكروة، عضو اللجنة المركزية للحركة بمدينة سكيكدة، حيث يضفي ديناميكية أكبر على نشاطات الفرع بفضل تجربته السياسية العميقة. و بطبيعة الحال أصبح العمل السياسي يقام داخل مجال معروف و نصير، فشكلت الأحياء الشعبية حصونا منيعة بعيدة عن مراقبة الشرطة، و كانت كل المناسبات، حفلات الزفاف و الختان فرصا لأثبات النزعة الوطنية و الدعوة لها بقوة[12] .
محاربة أصحاب الامتيازات الجزائريين
بدأت عملية محاربة الجماعات ذات الامتيازات مع انطلاق انتخابات المجلس الوطني في نوفمبر 1946، لكن الرهان هذه المرة لم يكن بنفس الأهمية مثل ما وقع مع الانتخابات البلدية في أكتوبر 1947 بالنسبة للسكيكديين الذين استغلوها لمحاربة خصومهم المحليين، و قد دخل الفرع حركة انتصار الحريات الديمقراطية بكل ما يمكن من طاقة، و تجنبا لأي خلاف داخلي، قام المشرفون على الفرع بتعيين ممثليهم أثناء المؤتمر المحلي.
جرت الحملة الانتخابية في جو مليء بالعنف و بالتخويف الموجه ضد البرجوازيين و الموظفين المسلمين و ملاك الأراضي في المحافظة. و قد تم بمساعدة كل من بن شيخ و حسين فخر الدين، توظيف الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية و آراء الفقهاء المناسبة لإحراج المنافسين لهم، و قد أخذت طروحاتهم ثلاث توجهات :
- الدعوة للروح الجماعية،
- العمل على مراقبة الأخلاق (الحسبة)،
- اتهام العلماء "بالنقاق" و التنديد بهم لتخليهم عن الجهاد و القبول بخضوع الدين الإسلامي للوضع.
و يضطر البرجوازيون و المثقفون و العلماء الذين دفعوا دفعا إلى هذا النوع من النقاش، للتبجح بالمكانة الاجتماعية و الثقافية التي يتمتعون بها و كذا إلى وصف الوطنيين بنعت محقر " اللوثنية" (أي بالدراجة "العامة من الناس").
هل أدرك هؤلاء التغيير الذي مس موقف الطبقات الشعبية ؟ يمكن الاعتقاد أنهم لم يدركوا ذلك حتى قامت مجموعات الكومندو بسبهم أمام الملأ بالمقاهي و الأماكن العمومية، و بتوجيه الشتائم لهم و وصفهم بـ "كلاب فرنسا" أو بـ "أصحاب الشتة" أي المتزلفين لفرنسا.
"لقد تبدلت الأحوال، و عليكم تحمل ذلك"، هكذا تكلم الحاج عمار بلاسكا.
و في خضم ذلك تفوز حركة انتصار الحريات الديمقراطية حيث تتحصل على ما بين 1606 إلى 1616 صوت من 2152 تصويت حسب مترشحي الحركة. و لم تستطع القوائم الأخرى مجتمعه الحصول سوى على ربع هذه الأصوات. و هكذا يكرس هذا الاحتكام الشعبي الذي تم التصديق عليه في تاريخ 26 أبريل 1936 قوة و تمثيلية حركة انتصار الحريات الديمقراطية.
III. عهد الهيمنة
يقوم فرع سكيكدة على توسيع مجال نفوذه بالاستفادة من الفوز الذي حققه في الانتخابات المحلية، مما يجعل تأثيره يتأكد على المستوى الوطني سنة 1947 حيث توجه له القيادة المركزية نداء بإرسال وفود عنه (حوالي 200 مناضلا) لتقديم يد المساعدة لفروع الحروش، كولو، و قسنيطينة و الأوراس في التحضير للانتخابات المحلية، لكن تغلغل الحركة داخل الأوساط الشعبية لم يكن قد أكتمل بعد. كان على الفرع استمالة فلاحي الضواحي، و نيل التحالف مع المنظمات الخارجة عن دائرة نفوذه أو إنشاء منظمات جديدة، إلخ.
الاستيلاء على النقابة
يباشر فرع سكيكدة سنة 1944 العمل النقابي باللجوء إلى خدمات قاص محمد و ذيب أحسن وبعد توقف[13] دام زمنا معينا، يستأنف الفرع هذا العمل مع جويلية 1950، و هو التاريخ الذي يصادف إكتشاف التنظيم شبه العسكري السري التابع لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، مما يدفع بزعماء الحركة إلى حله و بالتالي تسريح العديد من النشطاء المنتمين للتنظيم.
و كان لا بد من البت في مسألة إقناع المناضلين السكيكديين بالانخراط في النقابة و تسديد الاشتراكات للتمكن من المشاركة في المؤتمرات المحلية و الوطنية. و قد لزم هذا الأمر الفرع سنتين من العمل لجعل فرع الكونفيديرالية العامة للعمل "تابعا" له و بالتالي القضاء على رجحان كفة الحزب الشيوعي داخل هذه النقابة.
تنظيم البروليتاريا الرثه
تم إنشاء سنة 1953 لجنة العاطلين عن العمل[14]. و قد قام متظاهرون بإحتلال مخبرة ريسانو خلال إحدى المظاهرات، مما دفع برئيس البلدية بن كيث –كريفو تحت ضغط النقابات ومستشاري حركة انتصار الحريات الديمقراطية المتواجدين بهيئة البلدية بمحاولة إيجاد حلول مناسبة، حيث يوظف أحد ممثلي العاطلين عن العمل لايفة محمد، أجيرا بالبلدية للإشراف على المساعدات التي تقدم لهذه الفئة و لتنظيم تعاقب أفرادها على العمل كل أسبوعين في الورشات التي فتحت لهذه الغاية.
تنظيم الفلاحين
يأخذ هذا العمل منعطفا مفعما بالنشاط و الحيوية سنة 1950، بقيادة غربي محمد، المعروف باسم شعبان البري، و هو أحد المستخدمين بالإدارة و المنتسب لمنطقة طمالوس. كان العمل النقابي، قبل ذلك، موجها نحو المدينة، حيث كان يطلب من فلاحي الناحية بالمجيء إليها للمشاركة في النضال النقابي.
و تجدر الإشارة إلى أن مواجهة الأعيان و السلطات المحلية في هذا المجال، هي من فعل العناصر التي كانت تنتمي للتنظيم شبه العسكري للحركة. و نجد من بين هؤلاء عيسى بن قيرم بحار، و شريم إبراهيم سائق، و زروق، - أحد مستخدمي بمحطة بنزين.
يعتمد الفعل النقابي على تجنيد عمال الفلاحة بالمزارع الكولونيالية. و في هذا الصدد يقدم زروق شهادته[15] قائلا : "لقد قمنا بإدماج الأخوة بوعافية من منطقة بني بشير، و قد أظهر هؤلاء إمكانية كبيرة في العمل السياسي و كذا على بسط نفوذنا بشكل عظيم في القرى. كما اصطدمنا بمعارضه أهل الزوايا و الفلاحين الكبار و حتى الفلاحين الصغار الذي يملكو بقرتين أو ثلاث و قطعة أرض صغيرة. لكن هذه الفئة الصغيرة تتحول جديا معنا في نحو سنتي 1952 - 1953 عندما أدركت عزلتها عن أغلبية جماهير الشعب". و قد تركت المناطق الصعبة للكشافة الإسلامية الجزائرية لتتغلغل فيها بواسطة فروعها "الراشدة" و مثال ذلك منجم العالية الذي تم التوغل إليه عن طريق الكشافة التي تجمع في فرعها "الراشد" لوحده حوالي مائة فرد، بالإضافة إلى النوادي الرياضية (الوداد الرياضي لفليبفيل).
تنظيم النساء
كُلفت بهذه المهمة سنة 1951 جميلة طهراوي طالبة في السنة النهائية بثانوية دومينيك لوسياني. و بدأ توطيد هذا التنظيم بضاحية الأسبيرانس حيث تركز النشاط السياسي حول مشكلة النساء المعنّفات من طرف أزواجهن و حول مسألة تمدرس البنات أيضا.
و بفضل هذا العمل هيمنت مدينة سكيكدة سنة 1954 سياسيا على كامل المقاطعة، إذ تتبعها مباشرة بني بشير و الحدائق وسان شارل (جمال رمضان) و عين غراب و مزريش و قسطونفيل (صالح بوشعور)، إلخ.
صار فرع مدينة سكيكدة التنظيم الأكثر نفوذا إلى جانب كل من فروع الجزائر العاصمة و البليدة ومغنية، حيث قدر عدد مناضلي الفرع المذكور بثلاثة آلاف مناضل، منهم ألفان بمدينة سكيكدة لوحدها.
IV. التلاعب السياسي بالأزمة
يمكن الاعتقاد أن استراتيجية الإدماج السياسي التي اعتمدت بمدينة سكيكدة كانت ناجحة نجاحا كبيرا، و بدل أن يعيق الحماس الثوري اختلاط المصالح و غموضها داخل الكتلة الوطنية ، فإنهما كانا يغديانه بقوة، لكن أمام تفاقم خطورة الحركية الاجتماعية التي تتوالى و تتعاقب تدريجيا، تتكثف الضغوطات و المطالب على الحزب.
حدود التلاعب
تجد قوة النزعة الوطنية امتدادها الطبيعي في فقدان ثقة أصحاب الامتياز و نخبهم في مكانتهم السياسية، مما يدفع إلى إقامة علاقات غير متينة بينهم و بين زعماء الفرع المحليين، و تعبر هذه العلاقات عن طريق قناة المنتخبين بالمجلس البلدي. و يقبل بعض البرجوازيين و منهم الحاج عمار بلاسكا و كذلك بعض المستخدمين بمساعدة خفية للجنة مساندة ضحايا القمع و بدعم مادي للمدرسة الحرة. و شكلت رغبة ضمان حماية الفئات التي حوربت بالأمس من طرفهم، هاجس لدى كل من مسعود قروج بائع الحليب، و علي طابوش و محمد جمعي مالكي مقاهي، و أحمد حمر العين صاحب دكان حلاقة. و قد أعتبر هؤلاء أن حركة انتصار الحريات الديمقراطية في حاجة إلى مؤازرة ضرورية للتعويض عن الضعف الاجتماعي و الثقافي لأنصارها. كما كان يجب مع ذلك إرضاء كل أولئك الذين يعتبرون أن وظيفة تأطير الحزب و ممارساته كفيلة بالإعلان المسبق عن نظام أهلي إلزامي، و أن حل التناقض بين التحديث و الطبيعة الفلاحية للأهالي، يجب أن يتحاشى إدانة الحداثة، صارت هذه المقتضيات تخص أيضا مستخدمي البريد و عمال السكك الحديدية والمستشفيات الذين فقدوا قيادة الاتحاد المحلي للنقابات التي استولت عليها اتحادات مهنية قليلة التجربة و غير مستعدة جديا لتسيير مصالح عالم العمال، و لكن الراغبة في التعاون مع الوطنيين للمحافظة على السير الحسن للنقابات، لكن دون "التريث في اكتشاف التجربة بعد الآخرين".
بيد أن اهتمام فرع حركة انتصار الحريات الديمقراطية لمدينة سكيكدة بالقضايا النقابية كان ضعيفا، و في هذا الصدد يذكر قاص محمد هذا الوضع قائلا: "كان لا بد من التنازع دائما لكي تسجل هذه القضايا ضمن جدول الأعمال، و مع ذلك كانت ترد في خاتمته".
إن التوجه نحو الزمر صاحبة الامتيازات الذي يتجلى في شكل اتصالات مع "الشكاكين" و حتى مع الأوروبيين كان يزعج بقوة الحضر الجدد و البروليتياريا الرثة، و عمال الفلاحة و المناجم الذين أبدوا تلهفا و هجومية كبيرين، و تشهد بعض الوقائع عن نزعتهم القوية في النضال و المشاكسة. ففي سنة 1951، يدوم إضراب عمال المناجم شهرا كاملا، كما يحتج في 25 أكتوبر 1952 آلاف المتظاهرين ضد اعتقال مسعود قروج أحد المستشارين بالمجلس البلدي. و كانت نتيجة ذلك مقتل أحد المتظاهرين سعد جاب الله، و إصابة العديد منهم بجراح متفاوتة الخطورة، كما يقدم منهم خمسة أمام المحاكم حيث حُكم عليهم جماعيا بخمس سنوات حسبا و بغرامة مالية تقدر 125.000 فرنك. وأمام هذا التعسف تحتج القاعدة و تطالب بالرد، لكن القيادة تماطل و تتردد، فيباشر سنة 1954، عمال الفلاحة إضرابا عن العمل في موسم قطف العنب، و يدوم هذا الإضراب أكثر من شهر.
ويخلق تصاعد و توسع النضالات الاجتماعية، والاضطرابات المستمرة التي يحدثها العاطلون عن العمل الذين يترددون على المقاهي بكثرة و ينظمون المظاهرات الدورية كلما استدعت الشرطة أحد الباعة المتجولين، جوا متوترا يضاعف من خطورته تسويف و إمهال المسؤولين. وقد تجنب الفرع المحلي هذه الاضطراب بقدر أقل و بخاصة لما أصبح عاطلان عن العمل[16] عضوين به. وأُعتبر آنذاك زعماء ضاحية الأسبيرانس، الذين كانوا بالأمس في طليعة النضالات، مسوفين يعيقون العمل السياسي. و هكذا أصبح استعداد سكان الأحياء القصديرية للعصيان كابوسا لدى السلطات، وأمام هذا الوضع المشحون بالمواجهات المتعددة مع الشرطة و التجمعات الشعبية، أصيب رئيس البلدية بذعر كبير، مما دفعه للمطالبة بحل حركة انتصار الحريات الديمقراطية[17]. وقد مثلت هذه الأحداث أيضا، كابوسا بالنسبة للمسؤولين الوطنيين و المحليين. إذ أثار تمرد الماو – ماو بكينيا لدى عمال المزارع الكولونيالية تساؤلات و جدلا واسعا. "هل هم أكثر ثورية منا" تساءل البعض. كما صبت الأوضاع المضطربة بتونس و المغرب الأقصى في الاتجاه نفسه، و لعل الشيء الذي أدى إلى صراع الأجنحة كان سببه تفاقم الاستياء الجماهيري الذي واجه توجهين سياسيين يتعايشان على الرغم من اختلاف طموحاتهما. وكانت نتيجة ذلك أن أصبح تعاقب الإطارات على المسؤولية داخل الحزب سريعا، و تحول هذا الأخير إلى مستخدم، وصار وضع المعايير في اختيار الإطارات مسألة مطروحة لدى الجميع، بحكم ظهور نوع من الارتياب لدى مناضلي القاعدة تجاه ممارسات القادة.
و لما دعى مصالي الحاج في شهر مارس 1954 المناضلين للتنديد باللجنة المركزية، عرف الفرع المحلي للحزب انشقاقا طبعه جو من الممارسات العنيفة لم تنته إلا في 18 أكتوبر، أي أيام قلائل قبل ثورة الفاتح من نوفمبر.
التصدع
عاش مناضلو الفرع المحلي لمدينة سكيكدة من شهر مارس إلى شهر جويلية على وقع الصدمة، لكل منهم وجهة نظر عن الخلافات القائمة على مستوى قمة الحزب، ولكن الامتناع عن المجاهرة بذلك شمل الجميع، وكأن كل جماعة كانت تنتظر أن تعلن الجماعة الأخرى عن مواقفها. فتحول بعدئذ العمل السياسي إلى الأحياء الشعبية حيث أخذ النشطاء المتمرسون (قدماء مجموعات الكومندو، وأنصار العمل المسلح) تدريجيا في التفوق على المنتجين المحليين.
ورغب الزعماء المحليون في قيادة معادية لمصالي، لكن لم يكشفوا عن نواياهم لأحد، و لما نظم المصاليون مؤتمرهم بهورني (Hornu)، لم يبعث فرع مدينة سكيكدة ممثلين عنه. و على الرغم من ذلك كان عضوان من القسمة عزوز يوسف و رابح جفال، على اتصال مع أحمد مزغنة، أحد رفقاء مصالي.
قامت اللجنة المركزية في شهر جويلية 1954 بمبادرة تنظيم ندوة وطنية تمهيدا للمؤتمر، فتمكن زعماء حي الإسبيرانس من انتخاب مرشحيهم المفضلين بسبب أن منافسيهم تصرفوا بغباوة، إذ رشحوا عناصر واقعة تحت طائلة العقوبات التأديبية19.
و ظهر أن المشاكل الحقيقية ستأتي لاحقا و بخاصة لما وبخ مولود سعود، أثناء النقاش، الذين أسعفهم الحظ في الانتخاب قائلا : "أنتم الأقلية ولكن أنتخبتوا، ولن يكون لنا الحق أبدا ما دمنا نترككم تتكلمون"، ثم توجه للحضور صارخا "استفيقوا، لا تتركوهم يتكلمون".
وبدا هذا الكلام، حينذاك اعترافا بالعجز و الهزيمة؛ لكن لما أعلن في شهر أوت الزعماء المحليون الذين اضطرتهم ظروف انعقاد المؤتمر، عن تفضيلهم للجنة المركزية، تعرض التنظيم للتفكك.
نشأ إثر ذلك تحالف يضم العاطلين عن العمل و عمال الفلاحة بالمزارع الكولونيالية و المناجم يقودُهُ كل من جفال و العافية و مـستخدم لدى محام و حمادي كرومة الذي يشتغل بالفلاحة، فتبعهم التنظيم بكل ما يملك من مناضلين تقريبا.
لكن العنف سيستحوذ على الشارع، و تبرز من جديد الاتهامات نفسها التي وجهت سنة 1947 إلى وطنيين معتدلين، لتلصق هذه المرة بالمنتخبين المحليين. و هكذا يتم تكريس الأحياء التي يقطن بها الحضر الجدد فضاءات يتشكل فيها النفوذ و التأثير على المدينة، و هذا شيء لم يكن معروفا من قبل. و صارت الدنياميكية السياسية و الاجتماعية بمدينة سكيكدة صدى للتحولات الطارئة على مستوى التوازن الاجتماعي المحلي و على الجهة بشكل عام. وباعتبار أن السكان لا يملكون رصيدا غنيا بالتقاليد الحضرية و بحكم النزوحات الداخلية المستمرة، فإنهم لم يتمكنوا من تشكيل قيم مستقلة عن قيم بيئتهم الريفية التي انحدروا منها. إذ تسبب تبني المجموعات التي إرتفعت اجتماعيا للقيم اللبيرالية في ردود فعل تنبذ هذه الممارسات. كما عارض مناصرو الأخلاق الجماعية، المنتمون للفئات الشعبية البسيطة والبروليتاريا الرثة، إلخ، مؤيدي الأخلاق الفردية، ووفقوا في ذلك، كما وجهوا الحركة الاجتماعية نحو إستراتيجية تتميز بالمجابهة.
و تأكد تفوق هؤلاء بقوة بعد الانفتاح السياسي الذي رافق و نتج عن ثورة الفاتح من نوفمبر التي حدث في ظل انشقاق حركة انتصار الحريات الديمقراطية، و تسببت الزمر الاجتماعية التي نظمت الحركة الاجتماعية في إيذاء زعمائهم، حيث تمّ في 17 من شهر جوان 1955، نقل قسم منهم إلى محتشدات الإيواء، أما الباقون فقد التحقوا بفرنسا، بعد هجوم 20 أوت 1955 وأصبحوا إطارات عليا في جبهة التحرير الوطني، و هكذا أمتلك أبناء الطبقات المستضعفة الحضرية الجديدة منها والريفية منذ ذلك الحين السيطرة على المدينة التي تكونت بها أول مجموعة انضمت لجبهة التحرير الوطني في 13 من شهر نوفمبر 1954. أما أعضاء فرع حركة انتصار الحريات الديمقراطية الأربعة والسبعون الذين انضموا للمقاومة الشعبية بالجبال، فإنهم لم يدرجوا معهم سوى شخصين من الطبقات الثرية في المجتمع.
محمد حربي - Mohamed HABRI
ترجمة :
محمد داود - Mohamed DAOUD
الهوامش
[1] و يمكن ذكر عائلات بولكروة، بالاسكا، بن كزة، لوكيل، بلبسير، بوغابة، قرين، بوغليطة، بدداي، كنتوش، باغلول، حمودة، فلاق، حرايق، كرباطي،دوكالي، حماني.
[2] كان بالاسكا مالكا لأراضي بقاستونفيل، و بدداي و حرايق بالعروش، و بولكروة و كنتوش و بلسيير بمدينة روبيرفيل، إلخ.
[3] الدكتور زيدي، مختص في أمراض القلب، من مدينة بجاية، و الدكتور لزرق من الحروش مختص في أمراض العيون و ثلاثة في الطب العام، الدكتوران يوراس رشيد و يوسف قسوس من كولو، و الدكتور الخالدي من مدينة تبسة.
[4] الأستاذ فتوي من كولو و الأستاذ نصار عمور
[5] محمد قاطي و مسيخ بشير من كولو
[6] حساني عبد الرحمان من قالمة و عيادي صالح
[7] وينتان من الميزاب
[8] هم: عبادة حمودي، بوشوكة بلقاسم، حمر قراوة عبد الحميد، بدداي شريف، أطباء المرحلة القادمة، جميلة طهراوي (قابلة) وبوحويته (دراسات في علم النفس).
[9] وجد بمدينة سكيكدة مدرستان حرتان، الأولى أسسها العلماء و أشرف على تسييرها الشيخ الغاسيري، ممثل لاحق للحكومة المؤقتة بسوريا ثم سفير بالعربية السعودية، و الثانية فتحتها حركة انتصار الحريات الديمقراطية و أشرف على تسييرها سيد سعيد و علي كافي، عقيد لاحق و قائد ولاية الشمال-القسنطيني.
[10] تجمع أنشئ في تاريخ 14 مارس 1944 من طرف المعتدلين بقيادة فرحات عباس و الشيخ البشير الإبراهيمي، و الراديكاليين بقيادة مصالي الحاج للمطالبة بتأسيس الدولة الجزائرية.
[11] نستعمل هذه المصطلح بنفس الدلالة التي أعطاها له ماركس عندما تحدث عن "الجيش الصناعي الاحتياطي" بإنجلترا (أنظر الكتاب الأول، المبحث السابع، الفصل 25 من مؤلفه الرأسمال). يميز ماركس البروليتاريا الرثة "المضطربة" (إجراء مؤقتون، عمال في ظروف غير قانونية، عاطلون عن العمل بصفة غير مباشرة)، و البروليتاريا الرثة "المستترة" التي يفرزها العالم الريفي الراكد إقتصاديا لكن النامي ديموغرافيا، و بين البروليتاريا الرثة الراكدة و اللومبين.
[12] شهادة رابح كعوان (استجواب في تاريخ 17 / 2 / 1971)
[13] إستجواب قاص محمد المدعو حناشي (8.3.1972)،
[14] تتكون هذه اللجنة من بودخنه حميد و شريف بوقوسي المدعو بلعيادي و عزوز يوسف.
[15] شهادة زروق أحسن.
[16] عزوز يوسف، مسؤول الصحافة و الإعلام، وأحسن بوزميوة، مسؤول ريفي.
[17] تقرير السلطات المحلية، ص.148.
19 العايفة محمد (مفلاوي) ورابح جفال
Text
دفاتر إنسانيات
- عدد 01 : الجزائر تحولات اجتماعية و سياسية
- عدد 02 : الجزائر : الهوية والتاريخ والتحولات العمرانية
- عدد 03 : المجتمع المدني و المواطنة
- عدد 04 : أنثروبولوجيا المجتمعات المغاربية : بين الماضي و الحاضر
- عدد 05 : الشباب ومسألة الاعتراف في الجزائر دراسة حالات
- عدد 06 : الصحراء مجتمعات و ثقافات
- عدد 07 : في الهجرة و المنفى
- عدد 08 : التسمية بين الأعلام و المعالم